د ٠ مؤمنات اللحام – البلاد
ماذا عن أطفالٍ نشأوا بعيداً عن أحد آبائهم رغم أن كليهما على قيد الحياة؟ كم من مراهقين دخلوا في حالات نفسية بسبب كثرة الشجار و المشاكل بين آبائهم و أمهاتهم؟ أو رُضّعٍ حُرموا من العيش في كنف والديهما معاً؟
ترى أين الجرم هنا و أين الجريمة؟
شابات انحللن عن أمهاتهن بدعوى التحضر و شباب لا يحترمون أولياءهم.
قد يخير الإنسان في حياته و التصرف فيها و التحكم في أفعاله و رغباته لكنه مجبر على الانصياع للقواعد التي فرضها عليه القدر؛ فهو لا يختار في أي زمان يولد أو أين يولد و لا حتى لمن ينتمي، لا يختار والده أو أمه و لا حتى أفراد أسرته.
يبدأ معظم الأشخاص حياتهم بشكلٍ مقبول، ينشؤون بين أهلهم، لا يشتكون كثيراً من شخصيات أفراد أسرهم، يتقبلون طباعهم بشيءٍ من فطرة غرسها الله بداخلهم، لكن تأتي فتراتٌ و مواقف مليئة بالمشاحنات و المشاكل في إطار الأهل و الأقارب، يفقد خلالها أولي الأمر السيطرة على أنفسهم و تخرج انفعالاتهم واضحة جليّة لمن حولهم.
هذه الاضطرابات تؤثر سلباً على الأفراد؛ فيشعرون بضعف الترابط بين ذويهم و تنحلّ روابط قوية كانت بينهم؛ فيفقد الفتى ثقته بوالده و تبتعد البنت عن أمها.
أطفالٌ كثيرون تدمر مستقبلهم بسبب تركيزهم على الأجواء المتوترة في منازلهم، هذا الأب يصرخ على أمهم، و تلك الأم تطلب الطلاق أمام أعينهم، ذاك الجد يطالب ابنه بكفالته و أن لا يبذر ماله على الأطفال.
لماذا ترسلهم للتعليم الخاص ما دام هنالك تعليم حكومي برسومٍ أقل؟
هكذا قد تنصح بعد الأمهات أحد أبناءها المتزوجين و تتدخل في طريقة تربيته دون أن تركز على طبيعة الحال.
المشاكل واردة و موجودة في محيط اي أسرة بكلّ مجتمع، لكن الحكمة في التعامل معها و العمل على الحد من التفاقم؛ كي لا يتطور الأمر فتظهر آثاره السالبة على الأفراد في حياتهم الخاصة و العامة.
إن لم يتقبلّ الجميع الظروف و الانطباعات الخاصة المتعلقة بمن حولهم و يقدّروا الأحوال و يتأنوا في اتخاذ القرارات و يعينوا بعضهم على حلّ المعضلات التي تواجههم و لا يقحموا أنفسهم في مشاكل غيرهم فيجعلوها تستفحل بدلاً عن التراجع؛ فيكون نتاج ذلك أُسَرٌ متفككة و روابط اجتماعية منكسرة، يظهر تأثيرها سلباً على أطراف و أوصال المجتمع بأكمله.
Views: 30