د . ربيع رجب حسن
شعبٌ رجالهُ نساء ونساؤه رجال ، نساؤهُ سيدات مجتمع مثقفات واعيات مخمليات الطبقة لا يُخْطئن ولا يغْفَلن لا يكْبرن ولا يعرف الذنب إليهنَّ طريق ، أمّا رجالهُ أسيادٌ ، أبطالٌ ، أشدّاء عند المزاح واهنون عند المِحَنْ ،مخلوقات نازلة إلى الأرض تأبى الرجوع عن قرارها قبل إثبات رأيها الذي لا يعرف التغيير ولا يقبل الطعن ولا النقاش ، قرارتهم يستحيل أن تكون من أدمغتهم، فأدمغتهم في بناء التواصل الاجتماعيّ مشغولةّ مُنْهَكةٌ متعبة. شعبٌ بناته آنساتٌ وأبناؤه أسياد ، بناته قويّات ، تائقات إلى كل شيءٍ ليس بشيء ، كارهات لكلّ الشيء ، يقضين وقتهنّ على أرضنا ك مكرمةٍ منهنّ إلى أن يأتي أجلٌ ما من إحدى المشاهير أو قادة الصفحات والمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي فيهبّون لنجدة جنسهم ويقومون بثورة على غلاء أسعار مستحضرات التجميل والملابس ، هنّ مُحال أن يرفضن طَلَب إلّا عند الطَلَبْ فالكلام لا حسيب عليه ولا رقيب. أمّا أبناؤه فمخلوقات من غير لِحى لأن اللحى هي عنوان الذكوريّة هكذا قال أحد “الموديلز” على صفحات حارتنا المكونة من أربعة منازل ،و من دونها يكون الذكر غير مؤهّلٍ لذكوريته ويذهب عمره في مهبّ ريح الرجال المتكئين على مقاعد الحدائق وأعمدة الكهرباء في الشوارع وعلى أرائك مطاعمنا ذات النجوم البرّاقة ، فقادة “الفيسبوك” أجمعوا وأقرّوا بالصفات التي يجب أن تتوافر في الشباب ، فيا لحظّ من نجح ويا لسوء حظّ من رسب وسقط من أعين رعاة “الإنستا”. مستحيلة هذه الحياة بالنسبة لي ، قررت أن أعتنق أرضي وأشجاري وكتبي ، قررت أن أنهال بالضرب على هاتفي المحمول ، أن أصادق الثمار أن أحكي مع الحشرات ، أن أنام ، أنا أغمر وسادتي بأحلامي ، وما عساي أن أفعل في هذا العالم الرقمي؟ هذا مجتمعي الصاعد وجيلي الواعد هذا سيفي الذي في ضهري ،والذي سيقسم الصعاب إلى نصفين بعصاة “السيلفي” ويجبرهم على تحقيق أحلامنا عن طريق تغريدات المواقع وهاشتاغاتها.
Views: 39