ما مدى تأثير أبحاث أوغسطين على الفكر الوسيطي..؟

كان المفكر والفيلسوف أوغسطينوس في البداية خطابياً لاتينياً لامعاً نهماً بالملذات وبعد أن جرب المانوية استسلم في الثلاثينيات من عمره للأفلاطونية الجديدة التي كشفتها له مواعظ امبرواز دي ميلان وقد أنتج أوغسطين الكثير من المؤلفات الضخمة حتى أنه قد وصل عددها إلى أكثر من مائتي كتاب إضافة إلى مئات المواعظ وعشرات البحوث ولذلك تم النظر إليه من قبل النقاد والباحثين على أنه من أكثر علماء ذلك العصر موسوعية وعلماً وفلسفة، وليس من المبالغة القول إن ظله أي ظل أوغسطينوس المشهور بأوغسطين يهيمن على الفلسفة الوسيطية قاطبة إلا أنه وبالرغم من تلك المكانة العلمية الكبيرة التي كان عليها لا يعني هذا أن سلطانه وخصوصاً ابتداء من القرن الثالث عشر استمر مقبولاً في كل مكان ودون معارضة أو نزاع، وثم بالإضافة إلى ذلك توجد عدة أوغسطينيات أو مذاهب فلسفية أوغسطينية كما توجد أفلاطونيات عدة، إلا أنه وبالرغم من ذلك يمكن القول إن الفلسفة الوسيطية تسلمت من أوغسطين إرثاً ثلاثياً يرتكز على المثال الثقافي والتوليفة العقائدية والتوجيه الفلسفي، وقد استلهم الكثير من المفكرين من كتاباته وأبحاثه سواء من قبل الأفلاطونيين الوسيطيين أو من قبل أفلاطونيي النهضة ولا فرق أن يكونوا من شارتر أو من فلورنسا أو جان دي سا ليسبوري أو بترارك أو غليوم دي كونش أو مارسيل فيسان فكل كان يخبئ ميوله الأفلاطونية وراء إسم أوغسطين ولكن حتى أولئك الذين لم يكونوا يحترفون الأفلاطونية فإنهم كانوا مدينين بدرجات متفاوتة إلى حد ما للأفلاطونية الجديدة التي تتسم بها أبحاثه ومؤلفاته.

Visits: 0

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا