زراعة المناطق الآمنة يمكن أن تحقق الحاجة من القمح

وتجاهل متطلبات زراعته يصب في مصلحة استيراده

يسرى ديب – بادية الونوس 

هل يمكن تأمين حاجتنا من القمح عن طريق زراعة المناطق الآمنة؟ لماذا لا يتم تأمين متطلبات هذه الزراعة من الأسمدة خاصة إذا كان هذا يوفر تكاليف وصعوبات الاستيراد؟
هل يعقل أن تتجاهل الزراعة مشاكل زراعة القمح في هذه الظروف الصعبة، وتجعله أضعف من محاصيل كالفول والكمون..الخ؟
تقول آراء إنه يمكن إنتاج الكفاية من زراعة القمح عندما يتم تسعيره بشكل منصف، وتقول الزراعة إن هنالك إجراءات استثنائية لهذا العام لتحقيق الحاجة من القمح.
هذا حال الزراعة
خلاصة ما يتحدث عنه زارعون للقمح تقول إن زراعة القمح خاسرة، فتسعيرة الكيلو بمبلغ 400 ليرة غير منصفة ولا يغطي تكاليف الإنتاج، وهذا يجعل المنتجين يقبلون على زراعات أخرى كالفستق واليانسون مثلاً لأنها تحقق أرباحاً أعلى طالما أن الفلاحين ليسوا معنيين بضرورة زراعة القمح إذا كانت الحكومة لم تفعل هذا!
ومن المشاكل التي عرضها المزارع أيهم سلطان أيضاً القوانين التي تمنعه من
استلام البذار والسماد وأكياس الخيش من الدولة لأن الأرض باسم جده المتوفى، وهذه مشكلة يعاني منها آلاف الفلاحين، ولا يمكن عمل حصر إرث لأن العائلة موزعة في دول الاغتراب
وكل هذه المشاكل التاريخية تتعامل معها وزارة الزراعة بالآلية ذاتها رغم الحاجة الكبيرة لكل حبة قمح في هذه البلاد! وهذا ما وصفه البعض باللامبالاة خاصة أن مؤشرات نقص الطحين بدأت منذ عام 2018 ولكن لم تتخذ أي إجراءات لإصلاح مكامن الخطأ في 2019 رغم اندفاع الكثير من المزارعين لزراعة حقولهم بالقمح، لكن تسعيرة الدولة للكيلو الواحد جعلتهم لا يعيدون الكرة ولا التجربة لأنهم اكتشفوا أن تعبهم يذهب هباءً!
لصالح الاستيراد
في حديثه عن إمكانية تأمين حاجة الدولة من القمح من المناطق الآمنة يقول الخبير التنموي أكرم عفيف: إنه عندما يطرح أحد موضوع زراعة القمح، يتساءل المنتجون فوراً: هل هم جادون بالفعل؟ أم أن النية الغالبة هي الاعتماد على المستوردات؟ ويرى أنهم لو كانوا يرغبون بذلك لكانوا سعروا القمح من الفلاحين تبعاً للسعر العالمي وهو 700 ليرة للكيلو، فعلى أي أساس يضعون سعر 400 ليرة ومكافأة 150ليرة؟
ويعتقد أن من يشجع على زراعة القمح عليه أن يطبق ما حصل في الثمانينيات عندما تعرضنا لذات المشاكل التي نتعرض لها حالياً من حصار اقتصادي، حيث أكلت الناس الخبز الأسود وخبز الشعير عندها كان السعر العالمي لكيلو القمح 5 ليرات فقط، وتم تسعيره في سورية 11 ليرة، عندها امتلأت الصوامع وأصبح التخزين في الأنفاق.
الآن مع كل هذا الحصار تظن الحكومة على المال، وتطلب زراعة القمح من دون تأمين السماد أو الماء؟
المزارع لا يريدها أن تؤمن له حاجات الزراعة الأساسية، ولكن لترفع تسعيرة الكيلو إلى الألف ليرة عندها تؤمن الناس حاجاتها من السوق الحرة وتزرع القمح فوق الحجر بعدما تغطيه بالتراب!
ويرى عفيف أنه لا بد من منح المزارع قرضاً لأن تكاليف الإنتاج من فلاحة – سماد – مازوت عالية وكلها يؤمنها بسعر السوق، وأنه يحتاج لزراعة 15 دونماً أكثر من 700 ألف ليرة، وهذا يحتاج قروضاً مجزية تختلف عن الطريقة المطبقة حالياً، حيث يعطون المزارع مبلغاً لا يتجاوز 10 آلاف ليرة على الدونم ويعتقدون أنه مبلغ كبير، ماذا يفعل بمبلغ كهذا؟!
يصف عفيف ما يطرح الآن بالتفكير البدائي، لأنه مع أزمة كهذه يجب أن يعطى حق الفلاحين، فهل يعقل أن يكون لدى الحكومة القدرة على الاستيراد بالقطع في حين يجدون صعوبة في دفع سعر مجز للفلاحين؟
وهل من المنطقي أن نستورد ونحن كان لدينا مخزون استراتيجي لخمس سنوات؟
إن العقلية في حساب ريعية الإنتاج تجعلهم يلغون الهدف الاجتماعي من زراعة الأرض، إذ يجب حساب حاجة الأسرة للعيش، ودون ذلك يعد هذا عملاً فاشلاً وناقصاً، ويجب أن لا تقل تكاليف حساب الأرباح عن 25 % من دون التكاليف، وأن كل عمل اقتصادي لا يعمل على زيادة ريعية العمل الاجتماعي ولا يحقق حياة كريمة للأسرة هو عمل قاصر فاشل، والحقيقة أن الحديث عن دعم الإنتاج الزراعي أكبر بكثير من الدعم الذي تحصل عليه الزراعة، وتطوير زراعة القمح له مسرب واحد، لكون الدولة غير قادرة على تأمين السماد، ويشتريه الفلاح من القطاع الخاص ، عندما يصبح أعلى من السعر العالمي عندها يشتري الفلاح السماد على حسابه ويتدين لكي يتدبر أموره، وغير ذلك كلام بلا جدوى، إلا لمن يحمل مسؤولية زراعة القمح كعمل نضالي، لكي يساهم في تأمين الخبز للناس، رغم قناعة الجميع أن زراعة الفول مع التسعيرة الحالية أجدى من القمح

يمكن إنتاجه

الخبير في الشؤون الزراعية د. أمجد بدران يؤكد أن تأمين حاجة سورية من القمح ليس بالأمر السهل لكنه ليس بالمستحيل ، وأكد أنه من الممكن إحداث ثورة في الزراعة ، وطالب د. بدران وزارة الزراعة بأن تعلن بشكل صريح الآن عن مناطق ومساحات زراعة القمح ضمن مناطق سيطرة الجيش العربي السوري، وأن هذا لا يعني ألا تهتم بغيرها لكن مناطق سيطرة الجيش هي المضمونة أكثر، وكذلك أن تعلن عن الإنتاج المتوقع، وكمية السماد التي تم توفيرها؟ وعن كمية البذار التي تم توفيرها؟ ونوع البذار واسم الصنف؟ وعن نوع الزراعة بعل أم مروي وما كمية المياه المتوافرة؟ وما تكلفة كل مرحلة وبدقة؟ والأهم: إظهار آليات المتابعة على الأرض.

أرقام متضاربة!
أضاف الخبير بدران: إن هنالك تضارباً في الأرقام بين وزارة الزراعة ومديرية البحوث الزراعية التي تقارب أرقامها 300% من أرقام المزارع ، إذ يبلغ متوسط إنتاج سورية من القمح القاسي المروي وفق أرقام هيئة البحوث وأصنافها: /6631/ كغ/هـ بينما متوسط إنتاج سورية من القمح القاسي المروي لثلاثة أعوام أخيرة 2015 و2016 و2017 هو: /2835/ كغ/هـ أي: الرقم على الأرض هو 43% من رقم البحوث!!!! والفجوة الإنتاجية: 57% ـ!
أضاف د. بدران: إن متوسط إنتاج سورية من القمح القاسي البعل في منطقتي الاستقرار الأولى والثانية وفق أرقام هيئة البحوث وأصنافها: /2985/كغ/هـ بينما متوسط إنتاج سورية من القمح القاسي البعل لثلاثة أعوام أخيرة 2015 و2016 و2017 هو: /1009/ كغ/هـ أي: الرقم على الأرض هو 34% من رقم البحوث! والفجوة الإنتاجية هي: 66 %.
كما يبلغ متوسط الإنتاج من القمح الطري المروي وفق أرقام هيئة البحوث وأصنافها: /7729/كغ/هـ بينما متوسط إنتاج سورية من القمح الطري المروي لثلاثة أعوام أخيرة 2015 و2016 و2017 هو: /2700/ كغ/هـ أي: الرقم على الأرض هو 35% من رقم البحوث!!!! والفجوة الإنتاجية: 65% !
يبلغ متوسط إنتاج سورية من القمح الطري البعل في منطقتي الاستقرار الأولى والثانية وفق أرقام هيئة البحوث وأصنافها: /3363/كغ/هـ بينما متوسط إنتاج سورية من القمح الطري البعل لثلاثة أعوام أخيرة 2015 و2016 و2017 هو: /1109/ كغ/هـ أي: الرقم على الأرض هو 33% من رقم البحوث!!!! والفجوة الإنتاجية هي: 67% وهذه الفجوات تكفي ليدخل منها ألف إرهابي كما يقول بدران، وأنه لا يمكن القبول بهكذا فجوات مدمرة؟ ورأى بدران أنه لا بد من سد الفجوة الكبيرة جداً، أو الاعتراف بأسبابها ومعالجتها بين أرقام البحوث الزراعية وأرقام المزارعين على الأرض، لأن الفجوة أكبر بكثير من أن تكون فرقاً علمياً طبيعياً بين عمل الباحث وعمل المزارع العادي، ويعتقد بدران أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح حالياً يحتاج إلى خطوات كثيرة منها: وضع حوامل إدارية كفوءة لتستطيع بناء سياسة زراعية، ولكن حتى الآن السائد هو المحسوبيات وعدم الصدق، كذلك الاعتراف بالحاجة الفعلية من السماد بأنواعه من المبيدات والمياه، وكذلك مواجهة أرقام البحوث مع أرقام الوزارة وكلها متعاكسة.
محاصيل بديلة في الغاب
يمكن زراعة القمح في مختلف المحافظات السورية رغم أن المساحات محدودة، وتأتي منطقة الغاب في المرتبة الأولى من حيث المساحة المزروعة بين المناطق التي يمكن زراعتها حالياً باستثناء المناطق الشرقية مدير هيئة تطوير مشروع الغاب – أوفى وسوف يتحدث عن واقع زراعة محصول القمح لموسم 2020 /٢٠٢١ ويؤكد أن المساحة المقررة لهذا الموسم بلغت 59149 هكتاراً، وأنه تم إضافة خطة الشعير إلى القمح حيث أصبحت الخطه المقررة 62819 هكتاراً، وأن المزروع لتاريخه403 هكتارات فقط، وعن الصعوبات التي تحول من دون استثمار كامل المساحة قال وسوف : إن هنالك جملة من الصعوبات منها: * توجه المزارعون إلى زراعة المحاصيل البديلة (علفية – بقوليات- غذائية – طبية …) وهي على حساب القمح بسبب قلة تكاليفها مقارنة مع القمح وهي أكثر ريعية للفلاح.
• عدم توافر الأسمدة اللازمة وارتفاع أسعارها.
• عدم توافر المحروقات في الوقت المناسب
أضاف وسوف: إنه يوجد مساحات خارج السيطرة تقدر بنحو 8000 هكتار في مجال قسم الزيارة، وكذلك حوالي2000 هكتار مناطق تماس مع المسلحين، وهذه المناطق لا يمكن زراعتها، كما يوجد مساحة تصل إلى نحو 7000 هكتار في مجال قسم أفاميا.
وبيّن وسوف أنه من المتوقع زراعة 2000 هكتار من مناطق انتشار قوات الجيش العربي السوري، وأنه يتم العمل بالتعاون مع الجهات المعنية لزراعة أكبر مساحه ممكنة منها، وكذلك يوجد حوالي 2000 هكتار في مجال بقية الأقسام من المتوقع عدم زراعتها نظراً لمنافسة المحاصيل البديلة للقمح بالسعر، وبذلك يكون المتوقع زراعة مساحة نحو (45000 ) هكتار قمح.
ويقترح وسوف للحصول على نتائج أفضل:
* زيادة أسعار القمح في أسرع وقت ممكن حيث يوضع سعر منافس للمحاصيل الأخرى وأكثر ريعية منها.

– تأمين المستلزمات ( أسمدة -مازوت …) في الوقت المناسب والتأكيد على ذلك عبر وسائل الاعلام، إذ تصل الكمية المطلوبة من الأسمدة الآزوتية للمساحة المتوقع زراعتها نحو 13500طن سماد يوريا أو ما يعادلها، ويؤكد أن التوقعات تشير إلى زراعة 43500 هكتار مروي + 1500 هكتار بعل، وتوقعات الإنتاج تصل إلى 135000 طن من القمح.
نحقق الاكتفاء
ما رأي وزارة الزراعة في إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من المناطق الآمنة؟
مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة – أحمد حيدر يؤكد أنه في حال تم إنجاز الخطة وفق المخطط سيتم تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق فائض (شرط تأمين الأسمدة) وفي حال لم يتم تأمين الكميات اللازمة من الأسمدة سيتحقق _ لأول مرة – الاكتفاء الذاتي من دون فائض لأن استثمار كل شبر من المساحات الصالحة لزراعة القمح، هو شعار وزارة الزراعة لتطبيق خطتها خاصة أن الموضوع هو أمن غذائي وليس ربحياً.
إن الخطة الإنتاجية لزراعة محصول القمح تصل إلى 1,8 مليون هكتار كما بلغت المساحة المقدرة 1,5 مليون هكتار مشيراً إلى أن المساحة المخطط لها للموسم القادم تزيد عن عام 2020 نحو أربعة آلاف هكتار، ويعزو سبب هذا الانخفاض في المساحات المقدرة زراعتها إلى وجود مساحات خارج السيطرة لا يمكن متابعتها في محافظات: إدلب و حلب ودير الزور وتقدر ب 268 ألف هكتار.
أضاف حيدر : إن وزارة الزراعة اتخذت جملة من الإجراءات في مقدمتها: مقترح جديد بزيادة سعر كيلو القمح الذي يعد أهم إجراء من بين الإجراءات المتخذة لتشجيع زراعة القمح، وبموازاة ذلك تم تكليف المؤسسة العامة للبذار باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين أكبر كمية من البذار ورفع الكميات المتاحة منه وبيعها للفلاحين حيث تكون من 60 إلى 80 ألف طن.
وأضاف حيدر: إنه من الخطوات المتخذة أيضاً بيع الفلاحين بذاراً بسعر مدعوم من صندوق الإنتاج الزراعي بنسبة 37%. لأول مرة.
وأكد حيدر أنه لأول مرة تم مراسلة جميع الجهات العامة بما فيها وزارة الدفاع للتوجيه للقطعات العسكرية لزراعة الأراضي القابلة للزراعة من محصول القمح، بهدف استثمار كل المساحات.
مزاد لتأجير الأراضي
وأكد أنه تم إعلان مزاد لتأجير الأراضي في المناطق المحررة التي لم يتمكن أصحابها من العودة إلى قراهم، مع ضمان حقوق أصحابها.
وأنه تم عقد اجتماع بين وزارتي النفط والإدارة المحلية وتحديد مخصصات القطاع الزراعي من المازوت للفلاحين، كما تم وضع برنامج لتوريد الكميات اللازمة إلى المحافظات شهريا بدءاً من تاريخ 1/10/2020 وحتى 30/6/2021
وأنه ولأول مرة تم تشكيل لجنة مركزية لتتبع زراعة القمح في مختلف المحافظات حيث يتم متابعة التنفيذ بشكل ميداني.

وعن قصة تأمين الأسمدة لتحسين الإنتاج خاصة بعد تصريح لوزير الزراعة الذي يدعو فيه الفلاحين لزراعة القمح من دون سماد أو بسماد أقل في إشارة إلى عدم إمكانية توفير السماد، ويضيف وزير الزراعة في تصريح نشر على صفحة الوزارة أن زراعة القمح من دون سماد أو بسماد أقل ستعطي إنتاجاً أقل بما لا يتجاوز 10_ 15% وهذا ما رأى فيه الخبير بدران كلاماً غير دقيق علمياً لأن التجارب كلها أثبتت أن الإنتاجية أقل بكثير من دون استخدام السماد.
تأمين الأسمدة
مدير الإنتاج النباتي حيدر يؤكد أن موضوع تأمين الأسمدة في مقدمة الصعوبات التي تعترض تنفيذ الخطة الزراعية، وأن هنالك صعوبة حقيقية في موضوع تأمين الأسمدة عن طريق الاستيراد، وأن المؤسسة العامة للتجارة الخارجية أعلنت عدة مرات عن مناقصات لاستيراد الأسمدة الآزوتية لكن لم ترسُ المناقصة على أحد.
أضاف حيدر: إن أسعار الأسمدة مرتفعة كثيراً حيث تبيع الدولة السماد الآزوتي للفلاحين بسعر مدعوم يصل إلى١٩٣ ألف ليرة للطن الواحد، في حين تصل تكلفة استيراده إلى 1,2مليون ليرة للطن الواحد.

Visits: 10

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا