بايدن يتحدَّث عن إبادة الأرمن وإردوغان يتّهم روسيا….بقلم حسني محلي

الأسلوب المرن والتهرب من الحديث عن أي دور أميركي في التمرد الأرمني ضد الدولة العثمانية اعتبرته المعارضة التركية محاولة جديدة من إردوغان لكسب ود بايدن.

بعد يومين من التأخير، تحدّث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بالإبادة الأرمنيّة في العهد العثمانيّ، وقال: “من يتّهمنا بإبادة الأرمن، عليه أن ينظر إلى المرآة، ويتذكّر ما جرى للهنود الحمر والشعب الفيتنامي وضحايا القنابل النووية واحتلال العراق وغيره من الأحداث الدموية التي كان سببها أميركا والدول الغربية”.

إردوغان الّذي وجّه خطاباً إلى الأمّة بعد اجتماع طارئ للحكومة، قرَّر بعده إغلاق البلاد بشكل تام لمدة 3 أسابيع، لمواجهة التفشي الخطير لفيروس كورونا، من دون أن يعلن عن أيّ مساعدات للمواطنين الذين يعيشون جميعاً وضعاً مأساوياً، وردّ على الرئيس بايدن بأسلوب مرن، من دون الإعلان عن أيّ موقف عمليّ ضد أميركا.

وقد رفض “ادعاءات بايدن وكل من يتحدّث عن إبادة الأرمن، وشرح بالتفصيل الأحداث التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى وخلالها”، وحمّل “الأرمن ومن كان خلفهم مسؤوليّة ما تعرضوا له من أحداث لم ترقَ إلى مستوى الإبادة أو التطهير العرقيّ”، على حدّ قوله.

كما اتّهمهم “بقتل مئات الآلاف من الأتراك خلال الفترة المذكورة”، وكذّب كل المعلومات والأرقام الخاصة بمقتلهم خلال الفترة نفسها، وقال: “الحد الأقصى لضحايا الأرمن لا يتجاوز 150 ألفاً. لقد مات معظمهم خلال الاشتباكات أو بسبب الجوع والمرض”.

ولم يهمل إردوغان “اتهام روسيا بتحريض الأرمن للتمرّد على الدّولة العثمانيّة”، وقال: “لقد استغلّ الأرمن الدعم السياسي والمالي من الدول الأوروبية، والدعم العسكري الكبير من روسيا، فتمادوا في جرائمهم الوحشية، إذ قاتل 150-300 ألف من مسلحي العصابات الأرمنية، جنباً إلى جنب، وبشكل فعال، مع الجيش الروسي ضد الدولة العثمانية، وقاموا بمجازر جماعية، وقتلوا الملايين من الأتراك والكرد شرق الأناضول وشمال شرقها، ما اضطر السلطات العثمانية إلى اتخاذ قرار بتهجيرهم إلى سوريا والعراق ولبنان. وقد كانت آنذاك أراضي عثمانية”.

وأشار، من دون أيّ مبرّر، إلى “ضحايا الحرب العالمية الأولى، وقدّرهم بسبعة عشر مليون إنسان”، وقال: “يجب أن لا ننسى أيضاً أن روسيا قامت بترحيل مئات الآلاف من اليهود والقوميات الأخرى إلى سيبيريا، لمواجهة احتمالات تحالفهم مع ألمانيا، وأنهم ماتوا جميعاً من البرد والمرض والجوع”.

حديث إردوغان “عن الدور الروسي في الأزمة الأرمنية” قد يكون محاولة جديدة لترسيخ قناعات الشعب التركي السيّئة تجاه روسيا والروس خلال فترة الإمبراطورية الروسية، ومن بعدها الاتحاد السوفياتي، “الشيوعي الكافر”، وحتى المواجهة الساخنة بين الطرفين في الأجواء السورية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، مع استمرار التوترات المتكررة في إدلب.

ربما يكون ذلك أيضاً محاولة منه لتحقيق التوازن في علاقاته مع بايدن وبوتين، الذي لا شك في أنه يراقب اللقاء المحتمل بينه وبين الرئيس الأميركي في 14 حزيران/يونيو القادم. وسيلتقي بوتين قبل ذلك بايدن، ليحددا معاً نقاط الخلاف والاتفاق حول مجمل السياسات الإقليمية والدولية التي يرتبط معظمها بتركيا.

وقد حملت “اللهجة المرنة” الّتي استعملها إردوغان خلال مخاطبته الرئيس بايدن في طياتها الكثير من المعاني الخاصّة بالتودّد، إذ قال: “نحن لسنا غرباء عن بعضنا بعضاً. كانت لدينا علاقات شخصية مختلفة مع الرئيس بايدن. أنا ممتن له، إذ زارني في منزلي عندنا كنت مريضاً. إننا نهدف إلى العمل مع أميركا والاتحاد الأوروبي على أساس المساواة والاحترام المتبادل، إذ إننا نؤمن بأن مثل هذا التعاون مهم جداً لإعادة بناء النظام السياسي والاقتصادي العالمي، وهو ما سيكون لمصلحة الجميع. الرئيس بايدن وأنا سنبحث كلّ هذه التفاصيل في لقائنا القادم الذي اتفقنا عليه في أواسط حزيران/يونيو، وأنا على إيمان تام بأننا سنفتح صفحة جديدة في علاقاتنا”.

هذا الأسلوب المرن والتهرب من الحديث عن أي دور أميركي في التمرد الأرمني ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى وخلالها، اعتبرته المعارضة محاولة جديدة من إردوغان لكسب ود الرئيس بايدن، كما فعل مع الرئيس ترامب، الذي هدده وتوعده أكثر من مرة عبر تغريداته في “تويتر” أو في رسالته التي بعثها إليه وأهانه فيها شخصياً، ولكنه لم يردّ عليه.

المتحدث باسم حزب “الشعب” الجمهوري، فائق أوزتراك، استنكر أسلوب إردوغان، وقال: “لقد ضحّى بكرامة الأمة والدولة التركية وشرفهما، حتى يضمن فقط دعم الرئيس بايدن له شخصياً بعد لقائه في بروكسل”.

نائب رئيس الوزراء الأسبق (2002-2007)، وأحد مؤسّسي حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، أشار إلى حديث إردوغان الذي “عاتب بايدن لأنه رجّح اللوبي الأرمني على تركيا؛ الحليفة في الأطلسي”، وقال: “كان عليه أن يعلن موقفاً عملياً وحازماً ضد إهانة بايدن للأمة التركية، ولكنه لم يفعل ذلك، لأنه جبان ولا يريد أن يغضب واشنطن، وهو بحاجة ماسة إليها الآن”.

نائب رئيس الحزب “الجيد”، آيتون جيراي، حمَّل الرئيس إردوغان “مسؤولية الموقف الأميركي الاستفزازي”، وقال: “إن سياساته ومغامراته الفاشلة في الخارج جعلت الموقف التركي ضعيفاً جداً في مواجهة الابتزازات والاستفزازات الأميركية، وهو ما يفسر مساعيه للمصالحة مع مصر والسعودية والإمارات، على الرغم من كل ما قاله ضد زعماء هذه الدول التي باتت تفرض شروطها عليه”.

أنصار حزب “الوطن” تظاهروا قرب قاعدة أنجيرليك، وطالبوا إردوغان، حالهم حال أحزاب اليسار الأخرى، بإغلاق كل القواعد الأميركية وتعليق كل أنواع التعاون العسكري مع واشنطن. وحتى موعد اللقاء القادم في 14 حزيران/يونيو، تستبعد أوساط المعارضة “أن يتخذ الرئيس التركي أي إجراء عملي ضد أميركا قد يستفز الرئيس بايدن ويدفعه إلى القيام بخطوات عدائية جديدة ضده شخصياً وضد تركيا”.

وقد يدفع مثل هذا الاحتمال الرئيس إردوغان إلى “إثبات رغبته في المصالحة مع بايدن عبر مواقف عملية، ومنها إغلاق ملف صواريخ “أس-400″، والتهرب من انتقاد سياسات واشنطن الإقليمية والدولية، بما في ذلك الدعم الأميركي لكرد سوريا”.

وتوقّع الجنرال المتقاعد خلدون صولماز تورك للفترة القادمة “أن تشهد فتوراً مقصوداً في العلاقة مع روسيا، التي حمّل إردوغان إمبراطوريتها دعم الأرمن ضد الدولة العثمانية”، وقال: “من خلال مثل هذا الفتور المحتمل مع الرئيس بوتين، والذي ستجد أنقرة له العديد من المبررات، سيقول إردوغان للرئيس بايدن إنه ما زال يرى في واشنطن الحليف الاستراتيجي الوحيد”.

وزير الخارجية الأسبق شكري سينا كورال، وبجملة واحدة، حسم كلّ هذا النقاش، وقال: “لو أغلق إردوغان الهاتف في وجه بايدن عندما اتصل به وقال له إنني سأعترف غداً بالإبادة الأرمنية، لكانت معنوياتنا عالية وكرامتنا مصونة، ولكانت أميركا هي الخاسرة!”.

الميادين نت

Visits: 0

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

الباب أغلق .. أكبر عدد من المتقدمين لمنصب الرئيس في تاريخ سوريا..51 مترشحاً بينهم 7 سيدات 1141 02:49 AM 2021-04-29 أعلن رئيس مجلس الشعب حموده صباغ أن المجلس تبلغ من المحكمة الدستورية العليا 10 طلبات جديدة اليوم، ليرتفع عدد المتقدمين بطلبات ترشح إلى 51، بينهم سبع سيدات. وبعد نحو ساعتين على إغلاق باب الترشح أعلن مجلس الشعب إغلاق وختم صندوق التأييدات، وانتهاء عمليات منح الأعضاء أصواتهم لطالبي الترشح، إذ ينص دستور على ضرورة أن يحصل المرشح على تأييد 35 عضوا في المجلس شرطا للترشح. وواصل أعضاء مجلس الشعب في وقت سابق اليوم تقديم التأييدات الخطية للمرشحين للانتخابات إلى منصب رئيس الجمهورية مع وصول عدد طلبات الترشح للرئاسة التي أرسلتها المحكمة الدستورية العليا إلى مجلس الشعب إلى 51 طلباً. وينص قانون الانتخابات العامة على أنه لا يقبل طلب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية إلا إذا كان طالب الترشح حاصلاً على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب ولا يجوز لأي من هؤلاء الأعضاء تأييد أكثر من مرشح واحد. وبعد ختم صندوق التأييدات الخطية يرسل إلى المحكمة الدستورية العليا التي تشرف على العملية الانتخابية وتتولى دراسة قانونية طلبات الترشح والبت فيها خلال الأيام الخمسة التالية لانتهاء مدة تقديمها على الأكثر ثم تعلن عن أسماء من قررت قبول ترشيحهم. مجلس الشعب يوافق بالأكثرية على دعوة بعض برلمانات الدول الشقيقة والصديقة لمواكبة الانتخابات الرئاسية و وافق مجلس الشعب اليوم بالأكثرية خلال الجلسة الحادية عشرة من الدورة الاستثنائية الثانية على دعوة بعض برلمانات الدول الشقيقة والصديقة لمواكبة عملية انتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية والاطلاع على مجريات سيرها. و ستتم دعوتها لمواكبة الانتخابات الرئاسية هي من دول الجزائر وسلطنة عمان وموريتانيا وروسيا وإيران والصين وفنزويلا وكوبا وبيلاروس وجنوب إفريقيا والإكوادور ونيكاراغوا وارمينيا وبوليفيا. وحدد موعد الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية للمواطنين السوريين غير المقيمين على الأراضي السورية في السفارات السورية يوم الخميس الواقع في الـ 20 من أيار القادم وللمواطنين السوريين المقيمين على الأراضي السورية يوم الأربعاء الواقع في الـ 26 من الشهر ذاته. وفيما يأتي قائمة بأسماء المتقدمين بطلبات ترشح: عبد الله سلوم عبد الله محمد فراس ياسين رجوح فاتن علي نهار مهند نديم شعبان محمد موفق صوان بشار حافظ الأسد أحمد يوسف عبد الغني ناهد محمد أنور الأيون الدباغ محمد صالح أسعد الحاج عبد الله عبد الحنان خلف البدوي محمود أحمد مرعي خالد عبدو الكريدي سنان أحمد القصاب محمد يوسف رمضان أحمد هيثم أحمد المكاري دعد مبارك قنوع محمد كاميران محمد جميل ميرخان حسين محمد طيجان إيناس مروان القوادري هاني عدنان الدهان محمد حمدي الصلاح محمد بشار محمد فايز ياسين الصباغ محمد حيدر الشجاع وليد ناظم العطار محمد غسان أحمد الجزائري عبير حبيب سلمان أنور شلاش القداح أحمد محي الدين الحلاق محمد ناصر أحمد البقاعي جهاد صالح الشخير أنيسة بشير حموش سمير أحمد معلا حسين محمد جاسم محمد سري محمد نبيل قنوت فاطمة عكلة البركو أمل محمد بشير قدور أنور سجيع حسن عدنان أنور شجاع شايش حسين الخليف تحسين فوزي المحمد جلال عبد الكريم ابراهيم أحمد غياث محمد شفيق صيداوي طليع صالح ناصر بشير محمد البلح خالد عيسى العيسى فايز كمال جحا وسام الدين عبد الرحمن عثمان محمد حبيب عروس جبر محمود خلوف معين أحمد إبراهيم حسن ربيع الرويلي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا