حين ضغطتُ على زر الارسال في التويتر ، كنتُ اعتقد أنني اصطاد سمكة تحت شجرة الليمون لكنَّ الرجلَ أجاب، بكلّ جدّيَّة وأناقةٍ أجاب، وأعطاني موعداً للقائه في أحد المركز التجارية في بيروت. كان في الشام قبل الموعد بقليل ، واتّصلَ معتذراً لأنّ تعديلاً طرأ على برنامج يومه فكنتُ امام حلٍ من إثنين: تحديد موعد آخر، أم الإنتظار؟ وانتظرتُ. لكن الطريق بين الشام وبيروت طويلة، استغرقت اكثر من ثلاث ساعات بقليل. لكنه وصل، ودخل كنسمةٍ رقيقة مبتسمة، وقال: عذراً عذراً. قدّم نفسَه، كأنّه المغمور وأنا شاغلة الدنيا. سالم زهران. تشرّفتُ إستاذ. رين نكد، هلا بالشمال. هلا بالقلب. وكرَّت سبحة الكلام.
ألمحور الأوّل: تعارف
س: سوف أطرح عليك سؤالا بشقين:
سالم زهران، مدير مركز الإرتكاز الإعلامي، من هو سالم زهران و ما هو مركز الإرتكاز اللإعلامي؟
ج: من الآخر قبل السؤال الأول، مركز اللإرتكاز الإعلامي هو خلاصة تجربة خاصّة فيه خليط من التّعليم و من المهنة الإعلامية.
أنا اختصاصي الأساسي كان علم النّفس التّربوي و أنا أستاذ محاضر في الجامعة في علم النّفس التّربوي. من بعدها، ذهبت الى مصر درست “Technical Diploma” في الإعلام، و من بعدها احترفت الإعلام .
هناك أيضا “صوت الحرّية” و المكان الّذي أنا فيه. في سنة 2010، شعرت أنّ الإذاعة و الجريدة لن يستطيعوا وحدهم مواكبة الأحداث القادمة و شعرت أنّ التّعليم ليس فقط دواما مدرسيّا من الصّباح حتّى بعد الظّهر بل رأيت أنّ الإعلام الإلكتروني هو المستقبل القادم.
هكذا نشأ الإرتكاز الإعلامي على الموقع الكتروني www.ertikaz.org ثمّ تطوّرنا و أصبحنا نقوم بتدريبات. فتحنا فرعا في بيروت في منطقة Verdun لمشاركة خبراتنا الإعلامية و التّدريسيّة و تطوّرت فكرتنا و أصبحنا ضيوف دائمين و ثابتين على بعض القنوات و البرامج العربيّة و الأجنبيّة و المحلّية. و كبر نشاطنا فافتتحنا فرعا في منطثة النّبطية-لبنان، وآخر في اللّاذقية-سوريا و أسّسنا شراكتين، احداهما مع مؤسّسات اعلامية في موسكو-روسيا، و الأخرى مع مؤسّسات اعلامية في الجمهورية الإسلامية في ايران. وبدأ هذا المركز الّذي هو عبارة عن موقع ليصبح شبكة اعلامية كاملة متكاملة عصبها أنا، صحيح، لكنها تتضمّن أيضا مجموعة من العاملين بجد وتفان فيها.
المحور الثّاني: في السّياسة.
س: سالم زهران، هل أنت سياسي أو إعلامي؟ مع العلم بأنّ الإعلام يفترض الإستقلاليّة.
ج: كلّا، هذا ليس صحيحا، فأنواع الإعلام متعدّدة. يوجد إعلام فنّي يتخصّص من خلاله شخص مرتبط بالفنّ، كذلك الإعلام الرّياضي و الإعلام السّياسي. فما من معلّق رياضي في العالم غير منحاز لفريق ريال مدريد أو برشلونة، لمنتخب البرازيل أو ألمانيا، فلا يستطيع عندها ان يمرّ مرور الكرام عندما يسدّد الفريق المنافس هدفا أو لا يقوم بالتعليق على الهدف. و لكن ما من شكّ أنّ هناك في داخله ميولا.
كذلك الأمر بما يخصّ الإعلام السّياسي. فأنا لا أنكر, لا أكذب و لا أخبّئ. ولا أتغطّى. أنا لست حياديّا، بل أنتمي الى محور يبدأ في روسيا, يمرّ في ايران و سوريا، و ينتهي عند السّيد حسن نصر اللّه و فريق الثّامن من آذار. هذا صحيح و لكن بإمكاني أن أقول أنّني لست حياديّا فعليّا لكنّني موضوعي لحدّ كبير فأنا لا أكذب، لحدّ أنّ حتّى خصومي في السّياسية يعترفون بمتابعتي لأنّني أقول المعلومة كما هي. أنا أقول المعلومة الدّقيقة، أمّا القالب فأقدّمه بطريقة تفيد منهجي السّياسي . وكما يوجد معلّق يحبّ ريال مدريد و يعلّق على مباراتهم، حتّى الخاسرة، لا يستطيع أن يقول بأنّهم يربحون رغم الغصّة التّي في داخله. بذلك أنا اعلامي، سياسي ينتمي الى محور معلن، بينما معظم الآخرين منتمين و يخفون هذا الإنتماء. المشكلة ليست بالإنتماء، بل بإخفائه.
س: سالم زهران شخصية مثيرة للجدل. و لنكن أكثر صدقا: ما من إعلامي إلّا و خلفه مصدر معلومات. أين تقع جغرافيا مصادر معلومات سالم زهران؟ و أشدّد على جغرافيا.
ج: انّها شبكة معلومات. فالعلاقة بين المعلومة و الصّحافي هي علاقة مشتركة في التّفاعلية أي انّ المصدر بحاجة الى معلومات و المعلومة بدورها بحاجة الى المصدر. مصادر المعلومات هي المؤسّسات الأمنية، المؤسسات السّياسية، و للأسف في بلدنا المؤسسات الدينية هي جزء من الطّبخة السّياسية. الأجهزة الأمنية أحيانا تحتاج أن تسرّب خبر إلقاء قبضها على موقوف ما و لكن ليس من مصلحتها أن تسرّبها في بيان لأسباب ما، فتلجأ لبعض الوسائل الإعلامية و لبعض الإعلاميين ذي مصداقية و نسبة متابعة عالية ليكونوا المنبر للتعبير عن هذه المعلومة.
سالم زهران، و مع الوقت، بنى شبكة علاقات عالية، جزء منها لها علاقة بفريقه السّياسي و جزء آخر لا علاقة له بهذا الفريق، منه أشخاص لا ينتمون لمحورنا و لكن من مصلحتهم ان تصل معلومة محدّدة لشخص محدّد فيلجأون الى هذا الإعلامي القادر على تنفيذ هذه المهمّة نظرا لعدد متابعيه الكبير. جغرافيا تبدأ المعلومة في الضّاحية الجنوبية في الدّرجة الأولى مشكّلة حوالي 60% من المعلومة و من ثم تدخل عدّة ملفّات.
لنفترض انّنا نناقش ملفّ الحوار بين القوّات اللّبنانية و العونيين، فالشّبكة الإعلامية القادمة من الضّاحية الجنوبية ليست هي المنفع, بل ينفع أن يكون صديقك عضو في تكتل التّغيير و الإصلاح “ابراهيم كنعان مثلا” كونه جزء من الحوار, و بدوره جزء من المعلومة.
و لنفترض أيضا انّ ملف التّفاوض يدور حول رئاسة الجمهورية، تنفع ان تكون المعلومة من سليمان بك فرنجية كونه المرشّح الأساسي أو احد ما من فريق عمله.
مصدر المعلومة يعتمد علي موضوع الملف. هناك سنترال لهذه العلومة اسمه “الضّاحية الجنوبية-حزب اللّه” و فروع اخرى منها الأمن العام اللّبناني، الجيش اللّبناني، المردة، التّيار، حركة أمل، الرّئيس برّي و انا لدي أخطبوط من العلاقات العامة يتألّف من تلك الأعضاء.
س: تعرّضت بصفتك (لسان 8 آذار القاسي) لحملة مواجهة وصلت لحدّ أن يسعى الرّئيس السّابق ميشال سليمان بزجّك في السّجن. ناهيك عن الإتهامات الشّخصية الكثيرة الّتي تعرّضت لها. من يحمي سالم زهران؟ و بماذا يحتمي سالم زهران؟ و ما هو السّقف الّذي رسمه سالم زهران لنفسه؟
ج: انظري، هناك عدّة أنواع من الإتهام. فأنا جميع خصوماتي القانونية-المحكمية تكون أسهل خصومات. و أجمل لحظة لدي هي لحظة تقدم سمير جعجع و ميشال سليمان و الرّئيس التّونسي السّابق بشكاوى ضدي. و كما هو معروف أنّ في المحاكم ، يعيّن الإنسان محام قوي يضمن الفوز بالقضية، هذا سهل.
أمّا الحرب، أو التّهديد الجدّي هو الغير مرئي الّذي لا نراه، أي من الجماعات التّكفيرية.
الحماية الأولى و العظمى هي بالطّبع حماية اللّه، فاللّه هو المظلّة الّتي تحمينا جميعنا. يأتي تحت اللّه، حزبه، (بحسّ من الفكاهة). و أنا لا أخجل. أعترف بعلاقتي بقيادة الجيش الّذي هو جزء من أنواع الحماية خاصة بوجه المجموعات التّكفيرية. و مع العلم بأنّني نقلت منزلي مرّة بعد وصول معلومات لمديرية المخابرات في الجيش بأنّ منزلي قد يتعرض لشيء ما. هذه هي الحماية،
وهناك الحماية الذّاتية أّوّلا وهي الشّجاعة التّي هي أكبر حام، و لا يستطيع أحد أن يحميك ان كنت لا تتمتعين بالشّجاعة. الحماية في العمق هي حماية وهمية و غير حقيقية. رفيق الحريري كان مرافق بموكب و مع ذلك، قتل.
أذن ما يحمي بعد الله ، الشّجاعة الذّاتية، و الثّالثة مجموعة معطيات منها الّتي ذكرتها.
س: نادرا ما أشار السّيد حسن نصر الله الى شخصية بالاسم. لكنّه لم يتردّد بتهنئتك. أنت (السّني) المبارك من قائد (شيعي)، ماذا يعني لك؟
ج: أنا لا أرى السّيد حسن نصر اللّه شيعيا. أنا أعرف أصدقاء موارنة، اورثوذوكس، كاثوليك، و علمانيين يشربون كأس السّيد حسن نصر اللّه. بالتّالي لا أراه شيعيا، غيري يراه شيعيّا أمّا أنا، فأعتبره قائدا لهذه المقاومة. لكل شخص الحرية أن يراه كما يرى نفسه، مكرّرا انني أراه قائدا لهذه المقاومة و ليس شيعيا.
المحور الثّالث: الختام
س: نحن طلّاب الإعلام و الصّحافة، ماذا يقول لنا سالم زهران؟
ج: أقول بأن هذه المهنة نصفها موهبة. لا تتّكلوا فقط على العلم. انّه أساسي، و ضروري لكن حاولوا تطوير الموهبة الّتي في داخلكم. اسعوا بقدر امكاناتكم الى اقامة شبكة علاقات. فالصحافي والأعلامي من دون مذكّرة هاتف، هو اعلامي ناقص.
أذكر أنّ أوّل درس لي في “معهد الأهرام الإقليمي الصّحافي” في مصر كان الكشف على مذكّرة الهاتف و الأسماء المحفوظة فيها. مشكلة كبيرة ألّا يملك الصحافيّ ألا أرقام جيرانه و بنات حيّه، هو بحاجة الى مذكّرة كبيرة و علاقات كثيرة، لا تنحصر بالمراكز العليا فقط. أحيانا يكون خفير علي مرفأ أهم من رئيس المرفأ لأن الخفير يبوح أمّا رئيس المرفأ فيفضّل أن يتحفّظ.
س: طالما أنّك أقشيت لنا سرّا بأنّكك قادم من الشّام فورا. ماذا هناك؟
ج: أنّ لدينا فرع للمركز في الشّام، اللّاذقية، و أنا على تماس بالمشهد السّوري. من دون شك أنّ 90% من وسائل الإعلام الأجنبية تتناول الأحداث السّورية. في الصّباح باكرا، اتّصل بي National Radio of America الّذي هو الرّاديو الرّسمي لأمريكا ليتوسّط بأخذ موعد ليذهب الى الشّام و أخذ مقابلات. النّاس تأتي من كلّ أقطار العالم لأخذ مواعيد مع مسؤولين سوريين. أمّا أنا، فلدي صداقات مع الرّئيس الأسد وفريق عمله والكثير من الاصدقاء فبالتّالي يجب ان اكون قريبا من المشهد السوري.
مرَّةً أخرى كنت بحاجة لشبكات التواصل الاجتماعي. تغريدة لأمي: لقد انهيتُ المقابلة. صورة لصديقاتي المراهنات بأنني لن أحظى بمقابلة هذا الرجل المالىء محطات التلفزة واللقاءات والمحاضرات. تعليقٌ قلبيٌّ على صفحةِ الفيس بوك: تذوّقتُ الرّشفةَ الاولى من كأس الصحافة. القراءة على الكنبة لا تُشبه المقابلة وجها لوجه وعين بعين. مرحبا بك يا مهنة المتاعب والتعب
Visits: 0