|
|
أجرى الحوار الإعلامية إلهام سلطان
وعلى ضفاف الغيم وشمت بوحها سلال امنيات وحملته سفرا على صهوة الريح وسكبته خوابي عطاء على ذرا قاسيون مجندلا خرير بردى .. المآذن .. الكنائس .. لون شقائق النعمان …صلاة للحب والسلام لتراب ارض الفيحاء
وحملت خافقيها ولونته حبرا على ورقة بيضاء ناثرة فيه أمنياتها ألقها ابداعها وشوشة كلماتها….انها الكاتبة والباحثة والروائية الدكتورة سهام يوسف..
… التقت المغتربة في السويد وأجرت معها الحوار التالي حول مسيرة
حياتها وكان بوحها رسائل حب لأرض الوطن الذي لم يغب عن خافقيها لحظة سكنها وعرش في تفصيلها وسكبته سلال عشق للدم الذي يجري في عروقها…
س1- أتمنى بدايةً أن نتحدث عن نشأتك الأولى- البيئة التي تربيتي فها
بداية يشرفني أن أتوجه من خلال مجلتكم بأسمى آيات التقدير والاحترام لبواسل الجيش العربي السوري وبدعاء الرحمة لأرواح الشهداء وأماني الشفاء للجرحى الذين لولا بسالتهم وتضحياتهم وصبرهم لما بقي لنا ما نعتز به ونفتخر بين الأمم. وبالعودة للسؤال: وبكل رحابة صدر واعتزاز أخبركم أنني من أهالي منطقة المالكية (ديريك) بمحافظة الحسكة ولدت فيها بأواخر عام 1961 فكنت الرقم خمسة بين الأخوة وكان والدي رحمه الله يعمل في مجال البناء أو كما يقال باللهجة الدارجة آنذاك (معمرجي) وأما والدتي فكانت منصرفة للاهتمام بالعائلة والأولاد وشؤون البيت وقد أتيت على حياتها وشخصيتها بالكثير مما كانت تتصف به من سجايا وخصال كريمة في كتاب التوأمان وقد حظيت برعاية واهتمام عائلتي منذ الطفولة وحتى الآن واتسمت علاقتي ببقية أخوتي بشكلين من التعامل والعلاقة فقد أخذت طابع الأشقاء الأصدقاء وهذا ما أكسبني الكثير من الجرأة والثقة بالنفس منذ نعومة أظافري وبخاصة أنني حظيت باهتمام ورعاية والدي الذي أورثني الكثير من طباعه وصفاته وكثيراً ما كانت تشدني أحاديثه وحكاياته عن مشاركته في حرب فلسطين أو ما يسمونه حرب الـ48 وكيف نجا من الموت بأعجوبة وتمكن من اجتياز بحيرة طبريا سباحة وجميع من يعرف والدي يصادقني القول بأنه كان من أمهر السباحين في منطقتنا في مرحلة شبابه وعرفت منه في سن مبكرة معنى الاحتلال وخطر الصهيونية وقيمة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية. وغالباً ما كنا نتشارك مع الأقارب والجيران سهرات الصيف على أسطح البيوت وأستمع مع بقية الأطفال لقصص وحكايات الماضي وسيرة الأجداد والجدات وقد حفرت حكاياهم جروحاً عميقة في ذاكرتي عن الظلم والاضطهاد والمذابح التي تعرض لها الأجداد على أيدي العثمانيين.
ومازالت صورة جدي ماثلة أمامي وهي تحمل لنا في جيوبها الزبيب والجوز والبستيق (الملبن) حيث كنا نجتمع حولها لتروي لنا الحكايات وتطعمنا مما تحمله في جيوبها كانت أيام جميلة ورائقة حيث الجيران والأقارب يجتمعون بعد انتهاء أعمالهم اليومية ويتحدثون عن مشاغلهم ومشاكلهم بروح العائلة والمحبة والتفاهم فكانت روح المحبة والتعاون والألفة هي السائدة بين الجميع وقد تأثرت جداً بهذه الحالة والروح الجماعية حتى أصبحت إحدى سمات شخصيتي.
وبالنسبة للحالة التعليمية فقد تعلمت المرحلة الابتدائية في مدرسة المالكية وبعد انتقال العائلة للعيش في القامشلي أكملت تعليمي في المرحلة الإعدادية والثانوية في القامشلي ومازلت على تواصل مع بعض أصدقاء وصديقات الدراسة وغالبيتهم يعيشون الآن في بلاد الاغتراب وبعضهم مازال في سورية وما أود قوله بأن ما يكتسبه الطفل من عادات وما يتعلمه من سلوك في طفولته لابد من أن يترك أثره عليه طيلة حياته وربما تمنى أن يبقى طفلاً فوق التراب الذي درج فوقه وكانت خطواته الأولى عليه.
س2- المدرسة والأصدقاء والأثر الذي تركته فيك أو عندك؟
لاشك بأن الصداقات التي تتشكل أثناء المراحل التعليمية الأولى تبقى طويلاً وتعيش في ذاكرة الإنسان طيلة حياته وتتحول في مرحلة متقدمة من العمر إلى مادة لحكايا الأحفاد.. فقد كانت المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية التي أمضيتهما في مدينة القامشلي من أجمل المراحل العمرية ولا أنسى كيف كانت والدتي تهتم باكراً بتجهيز سندويشتي وكيف كانت تقف أمام باب الدار تراقب مسيرتي ورفيقاتي من الجيران باتجاه المدرسة وهذا ما كانت تفعله ظهراً عندما كنت أراها من بعيد تقف أمام الباب ترافق بنظرها الطلاب أثناء مرورهم وما أن تقترب مجموعة من الفتيات حتى تبدأ ابتسامتها وكثيراً ما كانت تسأل إحداهن من رفيقاتي حال مرورها قبلي (أين سهام) وفي المرحلة الثانوية ارتديت مع زميلاتي وزملائي لباس الفتوة الذي ترك أثره النفسي الرائع في حياتي فكانت مشاعر الاعتزاز والافتخار والالتزام الوطني هي الغالبة وكانت حصص التدريب من أجمل الحصص ولا أخفي عليك القول بأنني كنت متميزة في فك وتركيب البارودة الروسية وأنا معصوبة العينين والآن أنظر إلى تلك المرحلة الدراسية والعمرية في حياتي بأنها المرحلة التي صقلت شخصيتي الاجتماعية فالكثير من الزملاء والزميلات نجحوا في حياتهم العملية فمنهم معلمات وطبيبات ومحامون وأطباء وحتى الآن مازلت على تواصل معهم وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إحياء الكثير من العلاقات معهم.. وبكلمة أخيرة عن هذا الموضوع أقول كانت مرحلة المدرسة مرحلة تكوين وبناء.
س3- بدايتك مع عالم الكتابة:
أعادني هذا السؤال قليلاً لسابقة وأعني المدرسة والأصدقاء فقد كانت المرحلة الثانوية وقبلها الإعدادية والمناهج المعتمدة والأساليب المطبقة رائعة جداً وبخاصة في مادة اللغة العربية حيث كان موضوع الإنشاء فرصة للبعض لإظهار اهتمامهم وتميزهم في الإنشاء والتعبير وفرصة تمزج بين الواقع والخيال في تصوير الموضوع ليبدو وأنت تقرئينه كأنه لوحة فنان مرسومة بالكلام وجميع زميلاتي يشهدن لي بأنني كنت بارعة ومتميزة في كتابة موضوع الإنشاء وهذا ما كان يدفعني لقراءة بعض القصص القصيرة وبعض الكتب التي كنت أستعيرها كمذكرات شخصية أسجل فيها أحداث كل يوم وما يحصل معنا في المدرسة والبيت ولكن للأسف فقد فقدت تلك الكتابات نتيجة انتقال أسرتي لاحقاً للإقامة في بيروت.
س4- قصة اغترابك وبعدك عن الوطن الأم سورية؟
أنا شخصياً لا أحب ألفاظ الاغتراب والغربة والمغترب فأنا لا أستطيع قبول أحدهم بأنني مغتربة فكيف يكون ذلك والوطن سورية والأم سورية يعيشان في قلبي وعقلي ووجداني.. صحيح أن العيش في مكان بعيد عن التراب الذي تربيت وكبرت فوق ربوعه يبعث مشاعر الشوق والحنين في نفسي لكنني أعتبر بأنني حملت وطني معي وكرسته في مكان إقامتي وحياتي في السويد من خلال إظهار هويتي وانتمائي وأعرافي وتقاليدي في أية مناسبة تتاح لي وداخل أي نشاط جمعي أو فردي أشارك فيه وأقوم به من خلال كتابات أرسلها لبعض الصحف المحلية ومنها جريدة "الوطن" السورية ولبعض المواقع الإلكترونية وبخاصة موقع الرأي السوري (soc) ويمكنكم العودة إليها والاطلاع عليها. ومن يعيش ومعه الوطن والهوية لا يمكن لي أنا شخصياً أن أصفه بالمغترب.
لكنني في هذا الموضوع أقول: أنني سافرت إلى السويد بعد زواجي برفقة زوجي وأقمت فيها ولم أنقطع يوماً عن الاتصال بالأقارب والأصدقاء في سورية ولم أنقطع عن زيارتها لمرتين أو ثلاث مرات سنوياً وفي السنوات الأخيرة وخلال سنوات الحرب على سورية أحضرت والدتي للإقامة في دمشق بأواخر عام 2010 وحتى وفاتها بمنتصف عام 2013 حيث كنت أحضر لعندها أربع مرات سنوياً وأبقى برفقتها في كل مرة لمدة لا تقل عن شهر كامل رغم كل المصاعب التي رافقت سفري عبر بيروت وبعد أن امتنعت المطارات الأوروبية عن استقبال الطائرات السورية وقد أسهبت في شرح وتوضيح هذا الأمر في كتاب التوأمان أمي وسورية ويمكن لمن يحب الاطلاع عليه في هذا الكتاب.
ويمكنني القول بأن من لم يمتلكه شعور الانتماء والاعتزاز بوطنه سيشعر بأنه غريب داخل بيته وداخل وطنه.
ولا أنكر بأن السفر والاختلاط بشعوب أخرى والاستفادة من تجاربهم وتطور بعض مناحي وجوانب حياتهم يكسب الإنسان الكثير من القيم ويساهم في زيادة معارفه والجميل في الأمر أن يستفيد الإنسان من ذلك في نقل ما يمتلكه من مهارات وعلوم إلى أبناء وطنه.
س5- الغربة والوطن:
كما نوهت سابقاً ربما استفاد الإنسان الذي اضطرته ظروفه للسفر خارج وطنه أو سافر طلباً للتحصيل العلمي أو لأي سبب كان فإنه يمكن له أن يكون سفيراً حقيقياً لوطنه في البلاد التي يعيش فيها من خلال تمثيل القيم النبيلة التي اكتسبها في وطنه ونقلها للمحيط الذي يعيش فيه، وبكل صراحة أقول بأننا نحن أبناء سورية يوجد لدينا رصيد كبير من قيم الحضارة المختلفة تؤهلنا وخلال فترات قصيرة للاندماج بأي مجتمع نعيش فيه فلدينا الإرث الثقافي والتراثي الذي نباهي ونفتخر به فالآثار الموجدة في سورية لا يوجد لها مثيل في العالم وتعتبر قبلة السياح والباحثين الأجانب ومن وجهة نظري يمكنني القول بأن الإنسان الذي يتشبع بحب وطنه لا يمكنه إلا أن ينضح هذه المحبة في سلوكه اليومي داخل المجتمعات الجديدة التي ينتقل إليها وبهذه المناسبة أتوجه بالشكر من خلال مجلتكم للدكتورة أمل دكاك التي قامت وتقوم بعمل جليل وجميل من خلال برنامجها الإذاعي (أبناءنا في العالم) فقد اتصلت معي عدة مرات في السنوات السابقة وتحدثنا عن أهمية التعلق بالوطن وما يعانيه من يبتعد عن وطنه وما يتوجب عليه القيام به فالإنسان يحمل في عنقه أمانة كبيرة حيال وطنه ومن الجميل أن ينجح في صون هذه الأمانة وحفظها وأن ينقلها لأبنائه ليبقى هذا الحبل النظيف متصلاً وتعلقه بأرضه وجذوره متواصلاً فالوطن هو الأم والأب والشقيق والصديق والإنسان الذي لا يملك الوفاء لوطنه لا يمكن أن يكون وفياً لعائلته وأصدقائه.
س6- تأثير الأزمة في مسيرة حياتك:
أولاً أنا أعترض بشدة على تسمية ما تعرضت وتتعرض له سورية بالأزمة فالأزمة تكون على إشارة مرور أو أزمة مازوت أو أزمة ارتفاع الأسعار فتكون مؤقتة ويمكن السيطرة عليها ومعالجتها مباشرة.. ومن وجهة نظري أن سورية تتعرض لعدوان ولحرب كونية وقد كتبت مقالاً حول هذا الموضوع بعنوان (أزمة عابرة أم حرب دائرة) يمكنكم الاطلاع عليه في موقع الرأي السوري. بالتأكيد لقد أثرت هذه الحرب القذرة والعدوان السافر على بلدي في حياتي ورغم كل صعوبتها وخطورتها فأنني كنت أشعر بالأمان والثقة خلال وجودي في سورية أكثر مما كنت أشعر به خلال وجودي في السويد لأنني أثناء وجودي في دمشق ومشتى الحلو برفقة والدتي أشاهد بأم العين وكل ما يحصل وأتابع الأخبار كغيري من أبناء سورية المتمسكين بترابها فتتلاشى مشاعر القلق وتتجذر مشاعر الثقة بالانتصار على قوى البغي والعدوان بينما عندما أكون في السويد كنت أقلق لأدنى خبر سيء كنت أسمعه فأبدأ بالاتصالات الهاتفية مع أكثر من صديق وصديقة للاطمئنان وأنتم تعلمون مقدار التضليل والفبركات الإعلامية التي ترافق هذه الحرب.
لقد أدمت هذه الحرب قلوبنا وفقدت بعض الأقارب والأصدقاء وأرجو الله أن تكون دماءهم علامة الانتصار الكبير الذي ننتظره لأن الوطن لا ينتصر سوى بجهود المخلصين من أبنائه والتفاف شعبه حول جيشهم الذي قدم ويقدم للبشرية دروساً في معنى محبة الأوطان.
س7- بداية كتابتك للتوأمان أمي وسورية؟
كما قلت لم تكن بداية سهلة أن أجمع ما كتبته ليصبح مادةً لكتاب أنشره لقد ولدت الفكرة بعد أن تمكنت من تنفيذ وصية والدتي لتمضي بقية حياتها في سورية وتبلورت أكثر نتيجة ما عانيته من جهد وتعب ومواكبة لحالة أمي الصحية فقد كانت تعاني المرض وبنفس الوقت سورية تعاني الإرهاب والعدوان فقد كانت حالتيهما متشابهتان من وجهة نظري حيث تعاني أمي أم النسب والدم من الآلام والمرض وتعاني الأم سورية من الآلام الإرهاب الذي أخذ يضرب في كل مكان فقلت إنهما توأمان فيما تعانيان منه وهكذا توضحت رؤيتي حول هذا الموضوع واخترت هذا العنوان (التوأمان أمي وسورية).
س8- حول الرواية وكيفية كتابتها وحول شخصيات الرواية؟
كما ذكرت لكم تشابهت الحالتان حالة أمي وحالة الأم سورية أم الهوية والانتماء وأنا أعتبر أن من يملك الوفاء لأمه يملك الوفاء لوطنه بمعنى الوفي لأسرته العائلية الصغيرة سيكون وفياً لوطنه ومجتمعه بل إن الوفاء للوطن أهم.. فكم من طفل أو طفلة مات أبوه أو أمه أو كليهما لكنه عاش بشكل ما وحقق إنجازات كبيرة ونال شهادات علمية عالية المستوى لأن الوطن موجود ولأن الوطن احتضنه فكان له الأب والأم لذلك فإنني أعتبر اليتيم هو يتيم الوطن الذي يفقد وطنه فكم من عالم أو باحث نال جوائز علمية كبيرة فلا يسأل عن أبيه وأمه بل يقال وينادي بجنسيته وهويته فيقال العالم السوري والباحث السوري أو الروسي..الخ.
وأما بالنسبة للشخصيات الواردة في فصول الكتاب فهي شخصيات حقيقية وليست من نسج الخيال وبهذه المناسبة أتوجه لجميعهم بالشكر والامتنان لمواقفهم النبيلة ولما أحاطوني ووالدتي به من عناية واحترام وتقدير طيلة فترة إقامتها في دمشق فهم نعم الأخوة ونعم الأصدقاء.
س9- الوطن في عيني المغتربة سهام يوسف؟
– الوطن قدس الأقداس.. الوطن شرف وانتماء واعتزاز.. الوطن هوية وكرامة.. حب الوطن من الإيمان..
وقد عرف العرب كثرة حنينهم لأرض الوطن وهنا يمكن الاستشهاد بما قاله الجاحظ في رسالته الحنين إلى الوطن: (كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه)
ورحم الله القائل (بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ …. وأهلي وإن ضنّوا عليَّ كرامُ)
سورية هي وطني وهويتي ودمائي التي تجري في عروقي.. سورية هي الأم الكبيرة التي مازالت على قيد الحياة منذ ما يزيد عن العشرة آلاف عام فأي أمٍ هذه وأي وطن هذا.. سورية الوطن محط اعتزازي وعنفواني فمن انتمائي إليها أستمد عزيمتي وكبريائي فأمشي شامخة الرأس وضاءة الجبين بهويتي هذه..
كيف لا وسورية والسريان توأمان فهي الروح وترابها الجسد فأينما ذهبت وسافرت أعرف أن لي وطن ولي هوية ولي انتماء.. انتمائي يمدني بالثقة بالنفس وهويتي أفاخر بها أينما ذهبت أرجو الله أن يحفظ لنا هذا الوطن ويحمي هذه الأم سورية العظيمة من أي مكروه.
س10- الرؤية للأيام القادمة ودور الثقافة في بناء سورية؟
أعتقد أن هذا السؤال من الأهمية بمكان ليكون موضوع بحث عميق وشامل بين مختلف أطياف الشعب السوري داخل سورية وخارجها.
لاشك أن الأيام القادمة أو المرحلة تكمن صعوبتها من عنوانها لأن حجم المأساة الكبيرة جداً ومساحة الحزن واسعة جداً والشرخ الاجتماعي عميق جداً وهذا ما لا يجب نكرانه أو تجاهله تحت أي عنوان أو شعار وهنا تكمن الحاجة للمؤسسات والدوائر الراعية للبرامج التربوية والثقافية لصياغة إيديولوجية ثقافية حديثة متطورة ومستدامة علمانية في أهدافها وطنية في مضمونها إنسانية في شعارها وأنا أعتبر أن هذا الموضوع يشكل إحدى حلقات المعركة أو الحرب الدائرة لأن أفكار التطرف وإيديولوجية الإرهاب والتكفير وإلغاء الآخر لن تهزم بالبندقية وإنما يمكن هزيمتها والانتصار عليها بخريطة طريق وبرامج ثقافية تعتمد على إنماء بذور المواطنة الصحيحة بين الأجيال القادمة وأن يتم إيجاد برامج ثقافية بعيدة عن التلقين وإنما تحض على الإبداع والاكتشاف وإنني على قناعة بأننا سننتصر في هذه المعركة ونتغلب على هذا التحدي وكم تمنيت خلال زياراتي المتكررة لدمشق أن أشاهد الشباب والصبايا يقفون بالدور لدخول إحدى المراكز الثقافية المنتشرة في كل حي من أحياء دمشق أو أن أشاهدهم في المكتبات، أو أن أقرأ إعلاناً لندوة ثقافية أو أمسية شعرية معلقاً في لوحات الإعلانات المنتشرة على الأرصفة والساحات بدلاً من إعلانات البسكويت والأحذية والدخان وما شابه ذلك.
س11- كلمة أخيرة لسورية من البلاد الغربية؟
كانت سورية ومازالت محط أنظار العالم عبر تاريخها والجميع يعترف بأنها جسر تواصل بين الحضارات وهي تحظى باهتمام الشعوب الغربية وبخاصة طبقة النخبة لتلك الشعوب وكانت ومازالت موضع أطماع الدول الاستعمارية والدليل أن غالبية الدول الغربية تآمروا عليها حتى أنهم احتضنوا الإرهابيين الذين تم تجنيدهم لتخريب سورية والقضاء على إرثها التاريخي لذلك أتمنى أن لا تثق سورية بتلك الدول التي تسعى أولاً وأخيراً لتحقيق مصالحها ورفاهية شعوبها ولو كان ذلك على حساب تعاستنا واستعمارنا تآمروا عليها عندما بلغت من التقدم والأمان لدرجة أنها كانت تحاورهم لتوقيع اتفاقية الشراكة الأوروبية.
س12- كلمة لكل مغترب؟
يسرني أن أتوجه عبر مجلتكم بتحيتي واحترامي وتقديري لكل سوري وطني مخلص وفيّ لوطنه سورية وأدعوهم لزيارتها كلما سنحت لهم الفرصة وأن ينقلوا إليها وإلى أبنائها خبراتهم والتي اكتسبوها في بلاد الاغتراب وأن يساهموا في إعادة إعمارها لمن يمكنه ذلك وأن لا يلتفتوا للقنوات الإعلامية المغرضة التي تشوّه الحقائق وتفبرك الأكاذيب وتمارس سياسة التضليل الإعلامي وأن يكونوا الأبناء والأوفياء والفرسان الشجعان للدفاع عن أمهم سورية.
س13- كلمة لمجلة جهينة؟
أتمنى لمجلة جهينة استمرار النجاح الذي حققته وأشكر جميع القائمين على إصدارها وأهنئهم بهذا النجاح والمهنية العالية والأناقة البالغة التي تطل علينا بها مجلة جهينة وكما يقال: وعندَ جهينة الخبرُ اليقينُ.
س14- آفاقك المستقبلية:
أرجو الله أن تنعم الأم سورية بالأمن والأمان وأن يكلل بتاج النصر جبينها ويمنحني الصبر والتوفيق لكتابة ما هو مفيد لأبناء بلدي… حالياً ينصب تفكيري على تجميع وإكمال عدة فصول وخواطر كتبتها وقصص قصيرة لتكون مادة لكتاب جديد يكون بمثابة رسالة أدبية موجهة تحض على التمسك بالوطن تحت شعار (الدين لله والوطن للجميع).
|
Visits: 0