لأول مرة وبصورة فاضحة ومخزية صوتت الولايات المتحدة الأمريكية ضد سيادة سورية على الجولان بعد أن درجت طوال السنوات الماضية على الامتناع عن التصويت, ورغم أن الموقف الأمريكي المشين قد يبدو جديداً ويحصل لأول مرة إلا أنه كان متوقعاً وغير مفاجئ في ضوء استمرار واشنطن في حربها العدوانية القذرة على سورية وإمعانها في هذه الحرب بأشكالها المتعددة العسكرية المباشرة وغير المباشرة, وفي مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية وإصرارها على الوجود العسكري الاحتلالي في بعض الأراضي السورية في البادية وشرق الفرات ومناطق أخرى في ريف الحسكة من دون نيات للانسحاب في المدى المنظور.
وحدها الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي من اعترض على قرار صوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بالأغلبية الساحقة بسيادة سورية على الجولان المحتل واعتبار كل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي فيه باطلة ولاغية, ولا يحتاج المرء إلى كبير عناء لمعرفة خلفيات هذا التحول في الموقف الأمريكي أو بالأحرى هذا التصويت الوقح ضد السيادة السورية على أراضيها والخروج على الإجماع الدولي وانتهاك القرارات الدولية, حيث خرجت مندوبة الولايات المتحدة من جلسة التصويت لتعلن بكل صفاقة أن بلادها عازمة على الاعتراف «بالسيادة الإسرائيلية» على الجولان وبصورة مماثلة لاعتراف إدارة ترامب بالقدس «عاصمة» للكيان الإسرائيلي بعد نقل السفارة الأمريكية إليها.
ولعل عدم الاستغراب من رفع درجة العدوانية الأمريكية على سورية وتوقع الأسوأ من إدارة ترامب هو لأن واشنطن نفسها شريك أساسي لكيان الاحتلال الإسرائيلي في حروبه وعدوانه على المنطقة وفي حمايته من أي مساءلة في مجلس الأمن على جرائمه على مدى عقود, وتشارك كما قال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في نهب ثروات الجولان عبر شركات أمريكية مثل «جيني» و«افيك» و«أي إي إس» للتنقيب عن النفط في الجولان بشكل يخالف كل الأعراف والقوانين الدولية كما أن الولايات المتحدة نفسها تمارس الاحتلال بوجود قواتها على بعض الأراضي السورية وتحمي إرهابيي «داعش» في منطقتي التنف وشمال دير الزور.
ولكن مهما وقفت واشنطن إلى جانب العدو الصهيوني فمن المستحيل تغيير حقائق التاريخ والانتماء وطمس هوية الجولان الراسخة رسوخ جبل الشيخ والثابتة ثبات إرادة أبنائه الذين يتحدّون الاحتلال وإجراءاته الغاشمة يومياً, فقبل تصويت الأغلبية الساحقة في الأمم المتحدة لمصلحة السيادة السورية الذي جدد رفض العالم لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري أحبط أبناء الجولان المحتل بشجاعة منقطعة النظير وبعزيمة لا تلين ما يسمى «انتخابات المجالس المحلية» وسيكون الفشل مصير جميع ممارسات الاحتلال التهويدية ليبقى الجولان عربياً سورياً إلى الأبد
Views: 5