نارام سرجون | انفرد الأخوان بسرد تفاصيل الصراع في سورية بينهم وبين الدولة في ستينيات وثمانينات القرن الماضي .. وانهمك كل المتعاطفين معهم من المؤرخين في كتابة التاريخ الحديث عن أحداث سورية التي لعب فيها الاخوان المسلمون دورا بارزا قادوا فيها التمردات والعنف وفق الشهادة الاخوانية .. ولم يواجه تلك الرواية اي رواية أخرى من الجانب الحكومي السوري التي تركت الرواة يسردون وجهة نظرهم للأحداث وتفسيرهم لها بحيث أن الاخوان المسلمين العنيفين قدموا أنفسهم على أنهم ضحايا الاستبداد وانهم ثوار مظلومون بريئون .. وطبعا هم وحدهم من تعرض للمذابح .. وللاسف فقد انتشرت روايتهم دون مقاومة أو اعتراض ليس لأنها رواية متماسكة أو حقيقية بل لأن لارواية أخرى تفندها أو تصوبها أو تتحداها بالأسئلة المنطقية .. واستغلت القيادات والمكاتب الاعلامية الاخوانية هذه الثغرة الكبيرة في الاعلام السوري الذي تجاهل الاشارة الى تلك الروايات عقودا ولم يحاول التصدي لها من باب أنها جروج الماضي التي لايريد أن ينكأها بالجدال ليجدد الآلام ويحفر في الجمر .. وللأسف فان الرواية الاخوانية هي التي تركت اثرها على الجمهور العربي وأحيانا السوري وانعكس ذلك في كتابات عربية وثقافية تنظر الى أحداث سورية في الستينات والثمانينات من وجهة نظر الاخوان سواء عن معرفة أو جهل لان هناك مصدرا واحدا للمعلومات هو الراوي الاخواني .. وحدها مراكز الابحاث الغربية للأكاديميين كانت تملك الرواية الحقيقية ولكنها ملك للباحثين في نموذج الصراع بين الحركات الاسلامية والقوى العلمانية في الشرق دون ان تتسرب الى الاعلام الغربي الذي طبعا تبنى السردية الاخوانية وترك ماعلى الرفوف العلمية للباحثين .. روايات خيالية ومشوهة أو على الأقل فان مصداقيتها مطعون بها لأنها من جانب واحد ومن دون تحقيق او أدلة ولاتوجد دراسة علمية تدعم الادعاءات .. الرواية العلمية المنطقية وجدها لي فقط في السابق باحث سوري يدرس القانون الدولي في جامعة غربية وكان بحث الدكتوراه الذي منح عليه رسالته حول (الحركات الاسلامية كنموذج يواجه القانون الدولي) وفاجأني أن المكتبات الغربية الاكاديمية تزخر بوثائق كثيرة وشهادات لاترويها الفضائات العربية عن عنف غير مسبوق تعرضت له الحكومة السورية من جماعة الاخوان المسلمين مما اضطرها لاستخدام القوة لايقاف الحركة العنيفة في الستينات والثمانينات التي هددت المجتمع كله وكادت تجرفه الى حرب أهلية وثقافة تدمير ذاتي أساسها العقيدية التكفيرية الشاملة .. ولكن أخيرا .. تم تحقيق أول نسخة وثائقية رسمية سورية تفند السردية الاخوانية عبر وثائقية (طلقات الغدر) التي بثتها الاخبارية السورية في عمل يستحق الثناء لأنه تحرك في الاتجاه الصحيح وكلام يجب أن يقال للأجيال التي ترضع الحكاية من أثداء الجزيرة والعربية ومكتب المرشد للاخوان ومئات المراكز الاعلامية الخليجية التابعة للحركات الاسلامية التي لاتروي الا مايناسبها وتستعمل المبني للمجهول عند وجود جريمة اخوانية وكأن الاخوان كانوا من أتباع الساتياغراها ومدرسة المهاتما غاندي حيث لايقتلون خصمهم وهم دوما ضحايا والنظام السوري يقتلهم كالحشرات ويسبي نساءهم ولاعمل لقيادات الاخوان الا البحث عن طرق لاجهاض نساء المجاهدين اللواتي يتعرضن للاغتصاب الجماعي .. نحتاج جميعا أن نقرأ تاريخنا من وثائقنا ومصادرنا دون حرج ودون خجل وأن تكون منصفة حتى وان كانت هناك جوانب تعثرت فيها تقديرات الدولة أثناء الصراع لأن الحقيقة لاتقبل أنصاف الحقيقة كي ينصفها التاريخ .. فأن نواجه الحقيقة الكاملة من أوراقنا نحن بشجاعة خير من أن يصبح تاريخنا سيفا بيد الخصوم .. مزيد من هذه الوثائقيات كفيل بأن يخرس الافواه السوداء .. وكفيل بأن لانتعرض لكمين التاريخ المزور والاعلام المزور في المستقبل
Views: 1