طارق عدوان
|| Midline-news || – الوسط ..
بعد أن سرقت البوكيمونات حقيبةَ “باسم” ، واجتزَّت أصنام ” طيور الجنة ” جديلةَ رباب وهي ذاهبة إلى المدرسة ، بعد أن حضنت ” ماما ” حبيبها ” بابا ” وتكفَّنا بورق مجلة ” أسامة ” فنثر ” أبطال الديجيتال ” نتفَ أوراق ” ماجد ” و” الطليعي ” و” سندباد ” على قبرهما ..حَزمَ “ممتاز البحرة” ريشته وألوانه ورحل ، بعد أن أصبح المكان ملوناً بالأحمر فقط ، الأحمر الذي غدا لون الضجر والموت و الفقد والوجع ، بعد أن اعتزل الناس مع “ربابِه ..أناه ” فقط في دار السعادة للمسنين ، وذلك لسنين وبخيار شخصي .
وحيداً مفرداً رحل ، مدركأ ان الموت لا يُستقبل إلا هكذا .. بالوحدة والـ “فردانية ” .. الموت الذي أتى مبشراً بإيقاعه ولونه قبل حين ، أتى مبتسماً راضياً عن ” مغامرات أسامة ” وعن ” رباب ” التي لازمت ” باسم ” كل صباح على مدى ستة أعوام دراسية دون أن تعشقه و دون أن يتركا الابتدائية لأجيال .. الموت الذي يزور الوحيدين .. وحيداً .. ليهنأ بسهولة مهمته ، وبأرواحهم العالية .
عناقُ عتبٍ لطيفٍ ما بينهما .. كان كافياً لتصعد ألوان ( البحرة ) الممتازة إلى السماء ، وتمطر علينا ذاكرةً من كل لونٍ ورائحةٍ وصوت ..
المقعدُ الخشبي المنحوت بمرافق أجيال من السوريين .. ” باسم ورباب ” وهما ينفران من حصة الديانة والجغرافية .. هجومُ المطر و الريح على شباك الصف المتعب ذو المدفأة التي تمرست بالغضب و الشحار و النار الزرقاء .. المُدرِّسةُ ذاتُ العطر .. زميلتها التي تعشق الأدب لأنها لاتتزوج .. المدرسُّ الذي ضاعت جنازته اليوم بين جنازات الشهداء ، رافعاً سبابته في وجهنا ووجه الفقر والموت .. الطالبُ الكسولُ مُحترفُ الفشل و النكتة ، الذي يكره ” رباب ” لأنها غير شهية ، بعد أن شعر برجولته من كثرة الرسوب ، الطيبُ المدخنُ منذ نعومة الأظفار .. غربةُ اليوم الأول ، ونشوةُ الانعتاقِ في اليوم الأخير من كل عام دراسي ..
خزائنٌ وخزائن من المشاهد و الذكريات والوجدان .. صانتها وسوّرتها ألوان ” ممتاز البحرة ” ، الذي آنِـسَ بالموت بعد عزلته .. يمضي وحيداً بثقل الحكمة وخفَّة الحقيقة وبطء الخير ..
يمضي راسماً ــ وبالخط المدرسي البسيط ــ على سُـرَّةِ الغيب :
” اتركوا وطناً .. لباسم ورباب ” ..
ممتاز البحرة.. وداعاً .. إلى لقاء ..
Views: 0