|
|
« فالشعب السوري هو من وهب العالم الأبجدية التي حولت مجرى التاريخ ووثقت انجازات الشعوب وعطاءاتها للعالم أجمع، وهم من أعطى أنموذجا فريدا في فن التعايش والتسامح والإنسانية، وبعد كل ذلك من يستطيع أن يتجاهل ماقدمته الأجيال عبر التاريخ للبشرية جمعاء من فنون الحياة العلمية والفكرية والأدبية وليس آخرها الموسيقية. واليوم إذ تتعرض بلادنا لتلك الحرب الشرسة التي تطال تراثنا وحياتنا وجميع البلاد بالتدمير والخراب في محاولة لطمس معالم هويتنا الثقافية والفكرية، نصرخ بأعلى الصوت، حضارة عمرها مئات بل آلاف السنين ستبقى متجذرة وعصية على كل تدمير أو تخريب، ونصرخ أيضا وليسمع من أذنه صمم أن» ثقافتنا هي أقوى من إرهابهم، وموسيقانا أقوى من رصاصهم». مشروع ثقافي وطني في تصريحه يؤكد المايستروعدنان فتح الله أن الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية لم تتوقف عن المشاركة في الأنشطة الاحتفالية رغم جميع الظروف التي تتعرض لها سورية من جراء تلك الحرب المجنونة على بلادنا، بل تسعى دائما للتأكيد على ما تحمله الموسيقا من أهمية في هذه المرحلة التي تمر بها بلدنا، وإصرارا على الاستمرار في تحقيق أهدافها في تطوير الموسيقا السورية بشكل خاص، والعربية بشكل عام. هذا إلى جانب ترسيخ هوية موسيقانا وحفظ التراث السوري وتوثيقه وتقديمه بشكل أكاديمي، وهذا يتضح من خلال الأعمال التي قدمت في الأمسية وأرادت الفرقة من خلالها طرح عدة أنماط موسيقية وتجارب ورؤى إبداعية جديدة فيما يخص الموسيقا الشرقية ضمن الطابع الأوركسترالي. كما بين فتح الله أن الأعمال الغنائية التي أداها الكورال تم اختيارها من كنوز تراثنا الغنائي السوري الغني والذي لا ينضب، وفي كل مرة نعيده إلى الساحة الغنائية، يلقى صدى رائعا لدى الجمهور المتعطش لتلك الأغاني التي تسكن في ذاكرتهم ووجدانهم. وأضاف: إن حضور السيد وزير الثقافة ودعمه إضافة إلى رعاية ودعم دار الأسد للثقافة والفنون دائما، يؤكد على إيمانهم بدور الموسيقا في حياة الشعوب، مايساعدنا في متابعة عملنا وإكمال مشروعنا الموسيقي والثقافي الوطني. بالفن والثقافة.. نقهر الموت على مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق كان الجمهور الذي ملأ مدرجاته على موعد مع حفلة موسيقية غنائية أحيتها الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية وذلك ضمن احتفالية يوم وزارة الثقافة بقيادة المايسترو عدنان فتح الله ومشاركة محمد عثمان على آلة البزق، ومحمد نامق على آلة التشيلو. وفي عودة إلى المعزوفات المختارة نجد تنوعا في أنواع الموسيقا وتنوعا أيضا في المؤلفين الموسيقيين إضافة للتنوع في أسماء القائمين على التدوين الموسيقي والتوزيع الأوركسترالي. ومن المعزوفات التي استمعنا إليها» نجوم الليل» تأليف فريد الأطرش وتوزيع فرانك بورسيل، وكان تحميل نهوند من تأليف وتوزيع كمال سكيكر. وقدمت فرقة الكورال موشح» قلت لما غاب عني» من تأليف عمر البطش وتوزيع عدنان فتح الله، ومن الفلكلور القديم غنت» يامحلا الفسحة» صولو تشيلو» محمد نامق» ومن توزيع أيضا فتح الله، ومن تأليف محمد عبد الكريم، استمعنا لأغنية» رقة حسنك وسمارك، توزيع كمال سكيكر. كما تضمنت الأمسية سماعي حجاز كاركردي صولو بزق» محمد عثمان» تأليف روحي الخماش وتوزيعه، إضافة إلى لونغا شهناز، تأليف وانيس واطانيان. ومن إعداد نزيه أسعد قدمت بانوراما سورية تضم مجموعة من أغاني تراث المحافظات السورية التي لاقت تفاعلا كبيرا من الجمهور، الذي شارك في الغناء والتصفيق، مايؤكد عراقة هذا الفن وحفظه في الصدور قبل أن يحفظ في السطور، وهي من توزيع كمال سكيكر. ومن إعداد صالح كاتبة وتأليف عمر خيرت، قدمت الفرقة الوطنية السورية للموسيقا موسيقا مسلسل فاطمة، ومانديرا حجار، تأليف قديم. وختامها مسك في عزف موسيقا» تدمر.. بوابة الشمس» من تأليف وتوزيع المايسترو عدنان فتح الله، وكان هذا العمل قدم في مدينة تدمر بعد أن تم تحريرها من الإرهابيين، وتحمل في مضمونها تلك العراقة والأصالة التي تتمتع بها بلادنا، ومهارة وإبداع الموسيقيين السوريين الذين اعتلوا أشهر المسارح العالمية وأهمها ليقدموا إرثهم الموسيقي، وهم سفراء الحب والسلام، سفراء للكلمة، للإنسانية، للحياة. والفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية تعمل على أداء مختارات متنوعة من التراث إضافة إلى الأعمال التجريبية والإبداعية بهدف إعادة التنقيب في الآثار الماضية وبث روح العصر فيها انطلاقا من أن الهوية المحلية هي الخطوة الأساس في مسيرة العالمية. وتأتي هذه الجهود من منطلق واجب العمل بجد على توثيق الإرث الثقافي الموسيقي بشكل منهجي خشية عليه من الضياع من جهة، وللتمكين من تطويره وتنميته من ناحية أخرى، عبر تمكين الأجيال القادمة من الاستمرار في الإضافة إلى هذا الموروث الموسيقي الهام. والفرقة في عمرها الزمني تأسست في العام 1990 وتتألف من سبعين عازفا ومغنيا عالي الاحتراف، وأخذت شكلها الاحترافي في العام 2003 على يد الأستاذ عصام رافع، ومن ثم انتقلت الفرقة في قيادتها للمايسترو عدنان فتح الله الذي منح حفلاتها صفة الدورية على مسرح الأوبرا في العام 2014.
"الثورة" |
Views: 5