تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية حول ما إذا كان دونالد ترامب، المرشح الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة، هو في حقيقة الأمر، جاسوس روسي يعمل لحساب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يحاول التدخل في الشؤون الأمريكية.
وأشارت كاتبة المقال، جوليا لوف، إلى أنه رغم استبعاد أن يكون "ترامب" يعمل لصالح الرئيس الروسي، لكنهما صديقان لهما مصالح مشتركة.
وتحدثت عن اشتراكهما، مؤخرا، في قصة واحدة، وهي اختراق رسائل البريد الإلكتروني للجنة الوطنية الديمقراطية ونشرها على الملأ بمساعدة واضحة من الهاكرز الروس والمرشح الجمهوري.
وتوصلت الكاتبة إلى نتيجة بعد البحث في جميع الأدلة، مفادها أن ترامب هو دمية في يد بوتين ومصنع حقيقي لخططه التي يسعى من خلالها للسيطرة على الولايات المتحدة.
وعادت المجلة إلى مقال نشر السبت الماضي، لجوش مارشال، ومما ورد فيه: "يبدو ترامب أنه معتمد بشدة على الأموال الروسية من الأشخاص المقربين لبوتين. وهذا الأمر يتطابق مع المصالح السياسة الخارجية الروسية التي تتصارع مع سياسات الولايات المتحدة منذ عقود. وهناك أيضا شيء يدل على دعم لترامب بالمال أو تحالف غير ضمني بين الرجلين".
وقد كشف مدير حملة كلينتون الانتخابية، روبي موك، صباح الأحد، أن اختراق اللجنة الوطنية الديمقراطية يقف خلفه الروس لإيذاء هيلاري بمساعدة ترامب. وأضاف: "أعتقد أنه عندما تضع كل هذا معًا، تبرز صورة مثيرة للقلق، والناخبون في حاجةٍ للتفكير بذلك".
وسرعان ما لهث الصحفيون السياسيون، وحتى المحنكين منهم، وراء هذه التصريحات، حتى إن أحدهم أرسل للكاتب متسائلاً: "ما رأيك في ترامب باعتباره جاسوسا لبوتين؟".
وهنا، أفادت الكاتبة أن "ترامب" كان يقوم بمحاولات يائسة لممارسة الأعمال التجارية في موسكو، منذ العام 1987، فقد حاول افتتاح عقارات فاخرة هناك وقتئذ، ثم قام بذلك مرة أخرى في وقت لاحق بعد تسع سنوات في العام 1996، ثم مرة أخرى في العام 2005، ثم مرة أخرى في العام 2013.
ورأت أن سعي ترامب في هذا لم يكن سطحيًا أبدًا، ففي العام 1987، بدأت روسيا، التي كانت الاتحاد السوفييتي حينها، تنفتح بالطريقة نفسها التي تنفتح بها كوبا الآن، حيث الحذر والبطء، ومحاولة تحقيق التوازن بين أولوية الحزب الشيوعي وإدخال الرأسمالية التي اشتدَت الحاجة إليها. وكان ترامب واحدا من رجال الأعمال الغربيين الذين حاولوا الاستفادة من الفرصة.
وفي العام 1996، عندما حاول ترامب بناء وحدات سكنية راقية في موسكو بمساعدة تمويلية من قبل شركات التبغ الأمريكية، كانت الفوضى تنتشر في روسيا.
فقد كانت عملية تفكيك الاقتصاد السوفييتي مستمرة، والمصانع والمناجم، وغيرهما، كانت تباع لمن يتمكن من تقديم النقود لحكومة يلتسين المفلسة. وحينها، هرع رجال الأعمال الأمريكيون والبريطانيون لروسيا، مثل بيل برودر وبوريس جوردون، وأصبحوا مليارديرات بين عشية وضحاها.
إلا أن ترامب، بعد العديد من المحاولات، لم يكن قادرًا على إقامة أي شيء في روسيا، هذا في الوقت الذي كانت فيه ريتز كارلتون وفندق كمبنسكي وراديسون ساس وهيلتون والعديد من سلاسل الفنادق الغربية قادرة على البناء، والسبب في ذلك أنه كان يفتقر للعلاقة مع الروس من ذوي النفوذ.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن رئيس الدولة في روسيا تغير أربع مرات، فجاء جورباتشوف ويلتسين وبوتين وميدفيديف وبوتين، ولكنَ شيئًا واحدًا بقي ثابتًا، وهو أنه في مثل هذا النظام الذي تهين عليه الشخصيات العميقة، لا يمكن لشيء يُبنى من دون الأشخاص المناسبين داخل الكرملين الذين يساعدون في المناورة في شبكة معقدة.
ومع أن كثيرا من سلاسل الفنادق الكبرى في العالم كانت قادرة على بناء شيء في موسكو، لم يقدر ترامب على التنقل في هذا العالم المبهم.
وتضيف الكاتبة أن "ترامب" أقام أعمالا تجارية مع أشخاص مشبوهين من الاتحاد السوفييتي السابق، فهناك الكثير من عمليات غسل الأموال التي تورطت فيها النخب في هذه المساحة الغنية بالموارد الطبيعية، وكثير منهم يضعون أموالهم خارج بلدانهم المتقلبة وغير المتوقعة في أماكن مثل أسواق العقارات في لندن ونيويورك.
ويجري ذلك بطريقة غير شفافة، من خلال شركات وهمية تملك شركات وهمية، والتي تملك شركات وهمية أيضا، لأن معظمهم لا يريد أن ينجز معاملات تجارية مع كازاخستاني مشبوه أو برجوازي روسي، ويميلون أيضا إلى الخصوصية.
ومع ذلك، فإن التكهنات، في حد ذاتها، تعتبر فوزًا كبيرًا لبوتين. فهو يطمح لأن يحقق التوازن مع القوة الأمريكية، والتأكد من أن روسيا لا ينظر إليها على أنها ضعيفة. وفي رأيه، كانت واشنطن وحدها التي تتصدر المشهد في العالم، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991، وهذا بدلاً من التنازع حول المشهد العالمي مع موسكو كما كان من قبل.
والأهم من ذلك، أن بوتين قد حاول الإبقاء على ألا يكون لأمريكا رأي في الطريقة التي تحكم بها روسيا كما فعلت في أوائل التسعينيات، عندما ساعد خبراء السياسة الأمريكية في كتابة الدستور الروسي، أو عندما زعمت وزيرة الخارجية آنذاك، هيلاري كلينتون، في 2011، أن الانتخابات البرلمانية الروسية مزورة. ولأول مرة منذ 25 عاما، قلب بوتين النص. وهذا ليس لأن أمريكا لا تتدخل في السياسة الروسية، فقط، بل إن روسيا أيضا هي من تتدخل في السياسة الأمريكية، أو على الأقل تعطي انطباعًا متميزًا للقيام بذلك.
وتختم الكاتبة مقالها بالقول إن: "حقيقة أن بوتين لديه المهارة والمعرفة بالداخل الأمريكي لتقديم مرشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وإيصاله إلى مرحلة الانتخابات التمهيدية للترشيح، تعني أننا نمنحه الأهمية التي يسعى إليها بشدة. فكل ما يريده من أمريكا أن تراه وتعتبره خصمًا جديرًا. وجميعنا، هذا الأسبوع، نراه كذلك
Views: 3