اتهم مسؤولون رسميون أتراك حكومات الاتحاد الأوروبي بمحاولة تصدير مشكلة الاسلاميين المتطرفين إلى سوريا، وقالوا إن الاتحاد الأوروبي أخفق بتأمين حدوده ولم يقبل بالدعوات للمشاركة الاستخبارية والتعاون في محاربة التهديد "الجهادي".
الإخفاقات لخصها مسؤولون أتراك لصحيفة "الغارديان" من خلال عدة أمثلة لمقاتلين أجانب غادروا أوروبا، مسافرين بواسطة جوازات سفر مسجلة على لائحة المطلوبين لدى الانتربول، وكانوا يصلون من المطارات الأوروبية بأمتعة تحتوي أسلحة وذخائر، وقد جرى إطلاق سراحهم بعد إبعادهم من تركيا رغم التحذيرات بأنهم مرتبطون بشبكات مقاتلين أجانب.
“كنا على شك بأن سبب رغبتهم بقدوم هؤلاء الأشخاص هو أنهم لا يريدونهم في بلادهم"، وذلك بحسب تصريح مسؤول تركي أمني رفيع للغارديان، مضيفا "أعتقد بأنهم كانوا لهذه الدرجة كسالى، وبذلك غير مهيأين، وظلوا يؤجلون النظر في الأمر إلى أن أصبح مزمناً".
وفي مقابلات أخرى مع "الغارديان"، نفى مسؤولون أتراك الادعاءات بأنهم لم يفعلوا ما يكفي لمنع التهديد الارهابي، وقدموا تفاصيل عن بضعة أحداث ذكروا أنها تظهر أن الحكومات الأوروبية سمحت لأناس بالسفر إلى تركيا.
ففي حزيران ٢٠١٤، استجوب مسؤولون أمنيون أتراك في مطار اسطنبول رجلاً نرويجياً أخبرهم بصراحة أنه أتى إلى تركيا من أجل الالتحاق بـ"الجهاد". وكانت (داعش) قد تدفقت إلى العراق، محتلة سهول نينوى، وعلى وشك إعلان الخلافة على أراضيها في سوريا والعراق، قاضية على السلطة الوطنية الهشة التي كانت قد بدأت بالانهيار.
وعندما فتشوا أمتعته، وجدوا فيها تجهيزات مموهة، ومجموعة إسعافات أولية، وسكاكين، ومجلة متخصصة بالسلاح، وأجزاء من AK-47، والتي كانت محتوياتها موضبة بطريقة تضلل السلطات الجمركية الاوروبية.
وبعد ذلك بشهرين، وصل رجل ألماني إلى اسطنبول ومعه حقيبة لدرع واق من الرصاص، ووسائل تمويه ومناظير عسكرية، نقلها عبر مطار باريس وهو في طريقه إلى تركيا.
سنة ٢٠١٣، غادر الدانماركي فاتح خان، حامل الجنسيتين التركية والدانماركية، متجهاً إلى سوريا، لكنه أوقف خلال عبوره في إقليم "كيليس" التركي، وأعيد إلى كوبنهاغن. وقد أعطته السلطات الدانماركية جواز مرور آخر، وتركته يعود إلى سوريا.
في تلك السنة، وصل المواطن البريطاني محمد هارون سليم إلى مطار اسطنبول قادماً من لندن، وسافر إلى سوريا، بعد أن تدبر أمره بالخروج من بريطانيا بجواز مرور مسجل أنه مفقود أو مسروق لدى الانتربول.
وغادر المواطن الفرنسي محمد مهدي رؤوفي فرنسا، في كانون الثاني/ يناير ٢٠١٤، للالتحاق بالحرب في سوريا. ورغم تحذيرات شقيقته للسلطات التركية التي بدورها أعلمت السلطات الفرنسية بأنه ذاهب للالتحاق بالمنظمات المتطرفة، سمح له بالسفر من فرنسا.
وقد ذكر مسؤولون أتراك أنهم طالبوا نظراءهم الاوروبيين منذ العام ٢٠١٢ بوضع لائحة أسماء محتملة لمتطرفين من الذين قد لا يسمح لهم بالبقاء في تركيا، مبررين ذلك بالخشية من نتائج الثورات في العالم العربي، التي يمكن أن تؤدي إلى فراغ في السلطة يتيح تقوية مجموعات كالقاعدة داخل سوريا، لكن العرض رفض من قبل غالبية أجهزة المخابرات.
"كانوا يعرفون عن هؤلاء الأشخاص، ولم يوقفوهم، لأنهم لا يملكون مسوغاً قانونياً لمنعهم"، بحسب المسؤول الأمني الكبير مضيفاً أن "أوروبا تعرف ما يجري، لكنها بدأت بلعبة تحميل المسؤولية، بالقول إن المشكلة تقع على الحدود التركية-السورية".
المسؤول شدد على أن "تركيا لم تخلق داعش، وربما كان علينا ضبط الحدود بشكل أفضل، لكن خطأ تركيا هو قبولها بأن تحذو حذو أوروبا والولايات المتحدة في سوريا".
المصدر: صحيفة "الغارديان"
Views: 5