طقوس شعبية يتردد صداها في حارات دمشق القديمة وتعرف بـ “العراضة الشامية” التي بقيت بكل ما تحمله من هتافات وأهازيج ناقلا أساسيا لمظاهر البهجة والسرور التي تتقنها أحياء المدينة العريقة.
وتنتمي العراضة الشامية للتراث الشعبي القديم الذي توارثته الأجيال وما زالت تحتفظ به حتى أيامنا الحالية مع إدخال بعض التعديلات والتنوع بالكلام وفق المناسبة لتبقى العراضة فلكلورا سوريا أصيلا يعود تاريخه إلى مئات السنين.
أبو حسين قائد فرقة عراضة “فرسان المحبة” تحدث لمراسلة سانا عن فرقته التي يعود تاريخها لأكثر من مئة عام توارثها عن جده وأبيه وعلمها بدوره لأبنائه موضحا أن عدد الأعضاء يختلف بين فرقة وأخرى وقد يصل إلى 50 شخصا وتتألف من “القائد” وهو رئيس الفرقة الذي يقوم بالوصف ترديد الأغاني “ولديه مساعد يمكن أن ينشأ بينهما نوع من التنافس في الغناء أو الشعر إضافة إلى أعضاء يلعبون بالسيف والترس أما باقي الأشخاص فمهمتهم التصفيق وترديد الأهازيج”.
ويضيف أبو حسين “أحياء دمشق القديمة كالميدان وساروجة والشاغور وغيرها اعتادت على وجود فرق العراضة التي تشارك بمختلف المناسبات وجرت العادة في العرس الدمشقي أن نرافق العريس من حمام السوق الشعبي إلى الحلاق ثم إلى منزله وبعدها إلى الصالة لإقامة الأفراح بوجود الأهل والأقارب وسط أجواء يسودها التفنن بالأهازيج الخاصة بالأعراس”.
وتميزت العراضة الشامية بلباسها العربي القديم الذي يجذب الناس وانتقل من جيل إلى جيل للحفاظ على تراث الماضي وكثيرا ما كانت تدخل فرق حارات الشام أو على مستوى المدن السورية بنوع من التنافس لإظهار تميزها عن بعضها.
ولا بد من الإشارة إلى أن الفرق قديما كانت تقدم عرضها بشكل مجاني ومع الأيام أصبحت مأجورة.
أبو أحمد حسن الصعب مساعد رئيس عراضة تحدث عن التعديلات التي أدخلت على العراضة الشامية من حيث إضافة بعض الآلات الموسيقية الحديثة إلى جانب الطبل الذي كان يعتمد عليه فقط في الماضي إضافة إلى تغيير لون لباس الرئيس أو القائد الذي يقوم بالوصف لتمييزه عن الرديدة.
وعن الأغاني والأهازيج التي يتم ترديدها يشير أبو أحمد إلى أنها تختلف من مناسبة لأخرى ويمكن للرئيس أن يرتجل الكلام ويصف بما هو مناسب حيث لم تقتصر مشاركة العراضة على الأعراس وإنما كان لها مشاركاتها في استقبال الحجاج وافتتاح المحلات التجارية والمهرجانات التراثية والمشاركة في تمثيل بعض المسلسلات القديمة وغير ذلك.
وتشكل المبارزة بالسيف والترس أحد أهم مظاهر “العراضة الشامية” وترافقها بعض حركات الرقص بالأيدي والأرجل وضرب الطبول وإضاءة المشاعل والأجواء الحماسية التي تزداد كلما اشتدت المبارزة التي تدل على قيم الرجولة والصمود في ساحات القتال ويتراوح عدد المتبارزين بين 2 و4 أشخاص تنتهي بالعناق الودي لإدخال الفرحة على قلوب الحاضرين.
وتتنوع فرق العراضة بين مختلف المحافظات السورية كالحموية والحمصية والحلبية وغيرها التي تحمل عبق الماضي إلى الأجيال.
Views: 2