(صدام حسين – خاص – داماس بوست) تحول التلفزيون السوري إلى إعلام دعاية يعتمد الصراخ والهتاف وانحدر الخط البياني لأدائه .. أصبح تلفزيوناً لا يحترم المشاهد ولا مشاعره الإنسانية … كوادره ضعيفة مهنياً ولا يعتمد سياسة إعلامية محددة … مجرد ردة فعل غريزية غير مخططة … يعتمد إرضاء الحكومة وأصحاب القرار حتى في موضوع تعيين المذيعات واختيار الضيوف.
——————————-
الكلام السابق ليس لي … هو فحوى تقرير صادر عن أعلى سلطة إعلامية في سورية حالياً وهو المجلس الوطني للإعلام، ويشخص التقرير حالة الإعلام التلفزيوني في سورية (التلفزيون السوري بقنواته … والإعلام الخاص).
ويقول التقرير أن العاملين في التلفزيون السوري والإعلام الخاص وحتى مديريه ومسؤوليه .. يعملون دون أي سياسات إعلامية مهنية أو فكرية محددة.
ويقول التقرير أن عمل الإعلام السوري كان رد فعل غريزي غير مبرمج أو مدروس مهنيا بحيث تحول الإعلام التلفزيوني خلال الأزمة إلى إعلام دعاية يعتمد الصراخ والهتاف، فانحدر الخط البياني لأدائه … ويقول بأن الاستغراق في تفكيك ما تطرحه تلك القنوات الفضائية عن سورية كان انشغالا غير منتج، وأن محاولات كشف التضليل روّجت لهذه الفضائيات.
ويشرح التقرير نقاط ضعف التلفزيون السوري:
◄ عدم وجود سياسة إعلامية مهنية واضحة.
◄ ضعف أو غياب المهنية في مختلف أجناس الإعلام المرئي.
◄ اعتماد الدعاية السياسية دون احترام أسسها المهنية.
◄ تضييع الخارطة البرامجية وعدم احترامها, والاكتفاء بالنشرة الإخبارية, والحوارات السياسية المطولة.
◄ ضعف الكوادر مهنياً و ضعف المهارات التحريرية والفنية.
◄ تعيين المديرين واختيار الكوادر بدون معايير مهنية.
◄ عدم احترام المشاهد المتلقي.. وعدم احترام عاداته بالتلقي , أو ميوله الاجتماعية, أو مشاعره الإنسانية.
◄ ليس هناك دراسة للمتلقي لدى إعلامنا التلفزيوني.
ويضيف التقرير:
◄ هناك تأييد سياسي كبير لموقف الدولة، ولكن الافتقار إلى المهنية الإعلامية لايحول هذا التأييد السياسي إلى قناعة في الوعي الشعبي.
◄ ضعف مهنية الإعلام التلفزيوني ضعف شامل يطال الصورة والصوت والصياغات…الخ. وينتج دعاية تفتقر إلى أصول الدعاية المهنية التي تمتلكها القنوات الأخرى فتصبح دعايتها أكبر تأثيراً.
◄ غياب أي سياسة مهنية وتخطيط وتنظيم للعمل الإعلامي بشكل احترافي.
——————————————–
وحسب التقرير لا يجوز أن يعتمد الإعلام التلفزيوني أساليب العمل السابقة ومنها أنه:
◄ ينتظر التعليمات والتوجيهات ولا يبادر إلى البحث عن الخبر والمعلومة.
◄ يعتمد إرضاء الحكومة وأصحاب القرار حتى في الموضوع المهني وحتى في موضوع (المذيعات، الضيوف، المخرجين..الخ).
◄ ينشغل بعض العاملين فيه بالمردود المادي بدل البحث عن الأداء المهني الجيد.
◄ يِضيع الخارطة البرامجية بالارتجال والاستجابة لطلبات الأوامر غير المهنية(غياب البرامج الثابتة، احترام المواعيد.. الخ).
———————————-
مضمون الإعلام التلفزيوني:
ويقول التقرير أن التلفزيونات السورية اعتمدت بشكل أساسي على الحوارات السياسية الممتدة والطويلة ووجه انتقادات كثيرة لهذه البرامج ومنها:
◄ عدم المهنية في التحضير لهذه اللقاءات من قبل المعد والمخرج والمحاور.
◄ اعتماد ضيوف لا يمتلكون الإمكانية للتحليل السياسي والإقناع من خلال توظيف الوقائع.
◄ الاكتفاء بالصراخ تأييداً دون الاستناد إلى وقائع أو معلومات وهذا ما يجعل المردود عكس المراد، ويجعل الحوارات (وهي أساس العمل التلفزيوني) دون جدوى.
——————————
نشرات الأخبــار
يقول التقرير أن نشرات الأخبــار تحولت إلى مجموعة تعليقات وأن مقدمات النشرة المستحدثة ليست مهنية في صياغتها اللغوية الفلسفية وتوجيهها قسرياً نحو هدف غالبا ما يكون غير مقنع، وبالتالي يعطي مردوداً عكسياً لدى المتلقي, وليست مقدمة للأخبار بل تعليق سياسي عليها. وفي معظم الأحوال تتعلق المقدمة بموضوعات عامة لا بموضوعات اليوم أو بأخبار النشرة ذاتها.
والمشكلة أنها أتت لتقليد تلفزيونات أخرى دون البحث في مهنيتها وأسلوبها وطرق تقديمها. ومن يستبق نشرته من التلفزيونات الشقيقة هذه الأيام بالمقدمة فإنه يقلد أسلوباً قديماً كان متبعاً في التلفزيون السوري في ستينات القرن الماضي.
ويقول التقرير أن هذه المقدمات تضيع جوهر النشرة القائم على الخبر دون أي رأي. ويحولها إلى فترة تعليقات ضعيفة التأثير على المتلقين.
——————————————-
الأخبار العاجلة
وهي مرجعية المشاهد السوري لمعرفة حقيقة خبر تفجير أو حادث ما. وحسب التقرير فقد نجح الإعلام التلفزيوني في أن يكون مرجعا لمعرفة الأحداث الكبيرة، أما الأخبار العاجلة السياسية غير المتعلقة بحادث ما، فإن المشاهد انصرف عنها لأنها في معظمها غير مهنية في الصياغة وفي شحنة الكلمات وكلها بعيدة عن مهنية الخبر العاجل.
ويتحدث التقرير عن غياب التأثير الإنساني في اختيار العبارات والكلمات, أي هناك إهمال لـشحنة الكلمة، ولشحنة الصورة.
——————————–
عدم احترام المتلقي: ويقول التقرير أن أكبر مصيبة يعاني منها الإعلام التلفزيوني السوري هي عدم اهتمامه أو احترامه للمتلقي، سواء في الحالات الإنسانية (صورة الضحايا والشهداء) أو شحنة الكلمة، أو الرأي الفج البعيد عن الواقع مع عدم وجود البراهين الموثقة لاعتماد هذا الرأي .
———————————-
المعلقون السياسيون:
ويقول المجلس الوطني للإعلام أن الإعلام التلفزيوني اعتمد على ملء مساحات واسعة من أوقات السهرة ( أوقات الذروة) بحوارات سياسية، استضافت في معظمها معلقين سياسيين للحديث عن الأزمة وتطوراتها إضافة الى فترات بث مباشر طويل أيام الجمع مع باحثين ومعلقين سياسيين ومسؤولين في الدولة.
ووجه التقرير انتقادات كثيرة لهؤلاء ومنها:
◄ اعتمد هؤلاء المعلقون على الحماسة والاندفاع في تأييد الموقف الرسمي من الأزمة، دون الالتفات للمعلومات أو الحقائق.
◄ تحول تعليق بعضهم إلى هتافات وصراخات متكررة بعيدة كل البعد عن التحليل السياسي… إضافة لخلوها من أي عنصر إقناع، الأمر الذي جعلها غير مقبولة من قبل الرأي العام … ولم يعد يتابعهم إلا المقتنع سلفاً من الجمهور.
◄ يتحدث هؤلاء وكأنهم ناطقون باسم الدولة، وبات الرأي العام يعتبرهم ممثلين لوجهة نظر الدولة ، مع أنهم كثيراُ ما شطحوا بعيداً عن حدود الخطاب الرسمي، وغالباً ما تجاهلوا السياسات التي تعتمدها الدولة ومقتضياتها مستعيضين عنها بتعظيم دور الدولة وتأييدها بقوة.
◄ لم يعرف معظم هؤلاء المعلقين إلا كإعلاميين وليس كباحثين ولا كسياسيين. ويبدو أنهم نبتوا مع الأزمة وراحوا يتنقلون بين الشاشات، وكُرسوا على الشاشة الوطنية… ولحداثة عملهم الإعلامي لم ينتبهوا لشحنة كلامهم ولا لمدى خطابهم ولم يدركوا جوهر ما يجري ولا الطريقة الأصح للتعبير عنه، وهذا ما جعل تأثيرهم عكسياً في معظم .
◄ هؤلاء المعلقون المسلحون بالحماسة دون أي معلومات، ودون سياسة إعلامية على الشاشات العربية في مواجهة شخصيات معارضة خبيثة ومع معدي ومقدمي برامج خبثاء, وماهرين مهنياً وكانت نتيجة حضور هؤلاء المعلقين كارثية، ومضادة للمصلحة السورية.
◄ اعتمدت الشاشات الوطنية الحوار مع هؤلاء المعلقين وحصة كل حوار تمتد من ساعة ونصف ، إلى ثلاث ساعات في السهرة, وتعاد عصر ونهار اليوم التالي، أي أن هذه الحوارات تحتل ما يمثل 20-25% من البرامج على الشاشات الوطنية.
◄ التعليق والحوار السياسي جزء هام من الإعلام السياسي التلفزيوني، ولكن يجب احترام الأسس المهنية لتخطيط وإعداد محاور الحوار، كما يجب احترام المشاهد باعتماد تقديم المعلومات، وهذا ما يدفعنا للدعوة لاعتماد المعلقين المعروفين بخبرتهم لا المسلحين بالهتافات فقط. مع التأكيد على أن المعلق إنما يعبر عن رأيه الشخصي ووجهة نظره ولا يتحدث باسم الدولة أبداً .
————————————————-
ويضع المجلس في ختام تقريره عدة مقترحات لتطوير أداء الإعلام المرئي السوري ومنها:
◄ إعادة هيكليته إدارياً بحيث يضع المفاصل في أيدي مهنية ماهرة وقادرة ذات خبرة.
◄ وضع هوية إعلامية لكل قناة.
◄ إعادة النظر بملكية وسائل الإعلام وإطلاق قنوات تعبر عن رؤية المجتمع إضافة للإعلام الحكومي.
◄ وضع خطط مرحلية لتدريب العاملين وتطوير أدائهم , وخطط مستقبلية للإختبار والتأهيل والتدريب.
—————————————————-
الإعلام التلفزيوني في سورية:
بدأ الإعلام المرئي في سورية مع تأسيس التلفزيون العربي عام 1960 زمن الوحدة بين سورية ومصر وكان هذا التلفزيون واحداً من الثلاثة الأوائل (السوري والمصري واللبناني).
أنشئت في عام 1985 القناة الأرضية الثانية
انطلقت القناة الفضائية السورية عام 1995
قناة الإخبارية السورية عام 2010
———————————-
محطات التلفزة الرسمية التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون:
1- قناة البرنامج العام ( وتبث ارضياً)
2- القناة الثانية (وتبث ارضياً)
3- القناة الفضائية السورية
4- قناة نور الشام الفضائية
5- قناة الإخبارية السورية الفضائية.
6- قناة دراما
7- القناة التربوية السورية (وتعمل بإشراف وزارة التربية)
8- قناة فضائية جديدة (تلاقي)
9- يحضّر لإطلاق قناة فضائية باسم (عروبة).
ثانياً- محطات التلفزة الخاصة:
– أنشئت قناة الدنيا الفضائية في المنطقة الحرة لأن قانون الإعلام لم يكن قد صدر بعد، فكان إنشاؤها في المنطقة الحرة المخرج الوحيد لإطلاق قنوات تلفزيونية خاصة.
– قناة "سما" بدأت عملها عندما حُجب البث الفضائي السوري على القمر عربسات.
——————————–
الإخبارية السورية
وحول آليات عمل الفضائيات الرسمية قال التقرير أنها تحتاج إلى تطوير يبدأ بملكية هذه القنوات من قبل الحكومة والتحول بها إلى قنوات تعود ملكيتها إلى الدولة والشعب كما هي تجربة القناة الإخبارية السورية.
وقال المجلس أن الإخبارية بدأت عملها على أن تكون وسيلة إعلامية ذات كيان مستقل عن السلطة التنفيذية ، عبر شركة عامة تمول من قبل الخزينة، دون أي ارتباط بالحكومة ولها سياسة إعلامية تضعها وتنفذها هيئة التحرير الخاصة بالقناة.
ويقول المجلس أن هذا المشروع الإعلامي تم إجهاضه من قبل الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام التي ألغت المشروع وألحقت الإخبارية ببقية القنوات التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
لم تلحظ وجود المجلس!
يقول التقرير أن جميع القنوات التلفزيونية الرسمية والخاصة، لم تستجب لدعوة المجلس الوطني للإعلام إلى تكييف أوضاعها حسب قانون الإعلام.
فالقنوات الرسمية العاملة، أو التي يعمل على إطلاقها، لم تلحظ وجود المجلس ولم تستجب لطلباته.
كذلك فإن"الدنيا" و"سما" بحاجة لتنظيم أوضاعهما بعد صدور القانون ووفق نصوصه، لأنه لم يعد هناك أي مبرر لوجودهما خارج ولاية القانون في المنطقة الحرة و المجلس يعاملهما حتى الآن على أنهما وسائل إعلام خارجية.
وحسب التقرير إن أهم مشكلة تواجه الإعلام المرئي هي قرار الجامعة العربية حجب القنوات السورية عن قمري عربسات ونايل سات.وهو ما أثر على حجم المتابعة والمشاهدة.
———————————
صفحة كاتب المقال على فيس بوك
المصدر: صدام حسين – خاص ــ داماس بوست
Views: 4
