الصناعات النحاسية واحدة من أبرز الحرف التي تميزت بها دمشق منذ أقدم العصور إذ تضم المتاحف العالمية الكبيرة قطعا نحاسية كثيرة وفاخرة تشير بأنها صنعت في المدينة في القرن الأول الميلاد ي وهي تضم أباريق وصحونا وكؤوسا ومباخر وشمعدانات وثريات وغيرها استعمل فيها الصانع السوري مختلف أنواع الرقائق المعدنية المتوفرة بأساليب إبداعية متعددة مثل الحفر والضغط والطرق والتطعيم والتكفيت والتفريغ والتنزيل.والحفر على المعدن يتم بقطع أو خدش الخطوط الزخرفية أما باستخدام المطرقة
والمحفار وأما بقلم حفر صغير أو بتأثير الحمض على سطح المعدن المراد زخرفته حيث يستعمل حمض الآزوت المخفف ويغطى سطح المعدن بالشمع ثم تحدد خطوط الرسم بقلم معدني رفيع حتى تصل مادة الحفر إلى سطح المعدن الذي
يتآكل ويتوقف عمق الحفر على مدة بقاء الحمض فوق سطح المعدن وتسمى هذه العملية بالتنميش.أما طرق المعدن فهو نوع من الأعمال الفنية المنفذة على النحاس كالصواني والمزهريات والتي تدق بطارق وأزاميل خاصة طبقا لرسوم مصممة تمثل قصصا
تاريخية إسلامية ومسيحية ورومانية وفارسية ومنها ما يمثل أشكالا هندسية وكتابات كوفية لآيات قرآنية ويمتاز هذا النوع بأن الأشكال فيه نافرة وتنفذ على نحاس أحمر لكونه طريا.ويتضمن التكفيت تركيب أسلاك أو رقائق معدنية من الذهب أو الفضة على سطح
معدن آخر وذلك بحفر الرسم بمحفار صلب ثم ترصع هذه المحفورات بأسلاك الذهب أو الفضة بالطرق الخفيف فيما التطعيم عكس التكفيت إذ يحفر الرسم على سطح الآنية الفضية بألم بالذهب أو بالفضة أو بطلائها بمادة المينا لتدوم تحفة جميلة مهما أكل الدهر عليها وشرب وتعتبر طريقة الحفر أشهر طرق الزخرفة فبعد أن تثبت التحفة على طبقة من القار تنفذ هذه الطريقة بالحز بآلة حادة ثم تبدأ بعد ذلك عملية الحفر لإبراز الزخارف ويظهر ذلك بوضوح في ظهر المرآة، وكذلك في الإسطرلاب ويظهر
كذلك في الشمعدانات بالمساجد العثمانية على جانبي المحراب. وهناك طريقة التخريم، والتي تظهر بوضوح في المشكاة الموجودة في /قصرالعظم/ بدمشق وطريقة /الترصيع/ وهو لفظ يطلق عند إضافة الأحجار الكريمة على المعدن وتتنوع الأحجار الكريمة ما بين الماس والياقوت والزمرد والمرجان وخلافه وتستخدم هذه الطريقة في الأواني والسيوف والخوذات وغيرها.ويؤكد الحرفي أحمد راتب الضعضي أنه يصنع في محترفه في منطقة باب شرقي الإحدى عشرية/ الفوانيس والثريات الشرقية ودلال القهوة العربية ويزينها
بالرسومات النباتية والهندسية ويبيع ما ينتجه في السوق المحلية كما يصدر بعضه إلى دول الخليج العربي وأوروبا وفي العصر المملوكي حملت التحف المعدنية صفات تميز ذلك العصر إذ أضيفت إلى الزخارف النباتية التقليدية تعبيرات زخرفية جديدة، من ذلك ما شاع استخدامه من رسم أزواجٍ من الطيور في مناطق مرتبة داخل معينات كما يرى على إبريق في متحف المترو بوليتان في نيويورك وهو يحمل اسم الملك الناصر محمد بن قلاوون وشاع أيضاً استخدام رسوم البطات الطائرة حول الشارات الرسمية أو /الرنوك/
التي تشتمل على ألقاب وأسماء السلاطين المماليك ورجال حاشيتهم كما يوضح ذلك إبريق عمل لمحمد الخازندار وفي متحف /المتروبوليتان/ أربعة قطع تمثل صناعة دمشق وبراعتها الفائقة في فن /التكفيت /مقلمة ومبخرتان وصحن وكل واحدة من تلك القطع غنية بتكفيتها بالفضة والذهب.ويدل أسلوبها على تاريخها في ختام القرن الثالث عشر أو بداية القرن الرابع عشر أما المقلمة فتعتبر من أحسن الأمثلة المعروفة ومن روائع ما أنتجته الصناعة المملوكية وهي مكفتة تكفيتا أنيقا بالذهب والفضة ومحلاة برسوم متشابكة تشغل كل فراغ سطحها، من الداخل والخارج. وتشمل هذه الرسوم جامات ومعينات وأشكال على صورة مفتاح وزخارف نباتية وزخارف مضفرة.وأشهر قطع هذه المجموعة ما يسمى حوض تعميد القديس لويس المحفوظ بمتحف اللوفربباريس وهو من صناعة /محمد بن الزين/ وهو حوض من ضمن مجموعة غنية بالتكفيت الو الأشكال الآدميّة والحيوانية وتشبه الأواني النحاسية ذات الرسوم الآدمية ما أنتجته مصانع حلب ودمشق من الزجاج المطلي بالمينا ولذا يمكن نسبتها إلى صناع سورية في نهاية القرن
الثالث عشر وبداية الرابع عشر.وقد ظل إنتاج مصر وسورية من التحف المعدنية المملوكية على درجة كبيرة من الإتقان خلال القرن الرابع عشر ثم استمرت أساليب التعبيرات النباتيّة الطبيعية المزهرة ولا سيما في أواخر ذلك العصر ونرى الدليل على ذلك في
عدة قطع بمتحف متروبوليتان.
Views: 6