عبد الرحمن جاويش
لا يستغرب أحد هذا العنوان ، ويقول أين هو فن العمارة الدمشقي أمام فن العمارة الإيطالي وفنانيه مثل مايكل أنجلو وليوناردو دافينشي ورفائيل وغيرهم
إلا أن المتابع لفن الزخرف الدمشقي على وجه التحديد ليس له إلا أن ينحني لإبداع الفنان الدمشقي وعمله الشبيه بالمعجزات إلى حدٍ كبير .
فلو نظرنا إلى إبداع القبة البرلمانية في سوريا بنقوشها وزخارفها التي قام بها أبو سليمان الخياط واستمر العمل بها من العام 1947 حتى العام 1955 ولو نظرنا إلى الإبداع المتجلي بزخارف قصر العظم ومكتب عنبر ، والجامع الأموي وغيره وغيره من الأعمال التي تنحني الهامات لعظمتها ، لعرفنا من أي منبت تخرج فن العمارة والزخرف في سوريا وإلى أي مكان سيصل في المستقبل القريب .
وفي سياق هذا الموضوع نستعيد ذاكرة التاريخ السوري ، لنعيد نشر مقال عن فن الزخرف الدمشقي منشور في مجلة " الجندي " عام 1957 تحت عنوان " إيطاليا تحاول ولكن …. " وفيما يلي نص المقال كما ورد على صفحات مجلة الجندي :
هذا رائع … هذا إعجاز … ويظل السائح الأجنبي مشدوهاً ينعم النظر في القطع الفنية الرائعة التي يراها وهو يتساءل عن العبقرية الفذة والأيدي الماهرة الدقيقة الفنانة التي صنعت هذه الأعجوبة …
والصناعة اليدوية بمختلف أنواعها تعتبر علماً على العاصمة السورية وقد حاولت بعض بلاد العالم الأخرى تقليدها فجاء تقليدها ممسوخاً مشوهاً ، خذوا على سبيل المثال الحفر على الخشب الذي غزت به دمشق العالم ، فقد حاولت إيطاليا تقليدها على الطريقة الأوروبية المعتادة ونعني بها طريقة استعمال الآلة ، ولكن المحاولات سطحية شوهاء ، كان فيها جمال الصنعة ولكن لم تكن تحتوي أبداً على عظمة روح الصانع ومهارة اليد الدقيقة التي يملكها ، فضلاً عن إنها لم تكن شاملة الشروط الفنية الصحيحة التي تؤهلها للبقاء والخلود …
وأين تلفت بنظرك في أنحاء دمشق ، فلا بد أن تطالع روائع الفن العماري فيها ، من بناء مجلس النواب ، إلى القصر الجمهوري ، إلى مقر مياه عين الفيجة ، وفي بعض القصور والدور الكبيرة الأخرى تجد إما باباً حفر وزين باليد وبصورة مدهشة ، أو جداراً صنع من الفسيفساء الخالد الذي لم تفلح يد الزمن في محوه وإزالة آثاره ، فإذا كان هذا اللون الفريد من ألوان الصناعة اليدوية الذي انفردت به دمشق لا يزال يستهوينا نحن أبناء البلاد ، فإنه حري به أن يشده ويذهل الأجنبي وهو مايحدث على الدوام .
مجلة الجندي 18 نيسان 1957 .
في النهاية ليس لنا أن نقول إلا عائدون أيها العالم ، ومهما طالت معاناة وطننا السوري ، سيظهر البناؤون السوريون من جديد ، ليمارسوا عملهم في أعمار البلاد ، ونهضتها العمرانية التي كانت تنافس العالم أجمع بجودتها ومكانتها وستعود .
Views: 6