لا شك أن الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الرجل الثمانيني الصلب الإمام الخميني قد نجحت في غضون سنوات قليلة من تغيير وجه إيران و الشرق الأوسط تغييراً جذرياً ، جعل الغرب يقف مندهشاً أمام قدرة الامام الراحل على جذب الملايين إلى أفكاره الإسلامية المحمدية الأصيلة معلنا ً نهاية الظلم و الاستبداد المتمثل بنظام الشاه و أجهزته الأمنية
إن وجود قيادة حكيمة تحمل برنامجاً تغييراً لصالح الشعب و الأمة و ليس لمصالح فئوية ضيقة و مناداتها بالعودة إلى القيم الإلهية السامية ساهم في نجاح الثورة الإسلامية و نقل إيران من دمية ضعيفة تابعة و مرتهنة لامريكا و اسرائيل و دول الاستكبار العالمي الى جمهورية اسلامية قوية فاعلة و مؤثرة تمسك بمفاتيح المعادلات الأساسية في منطقة تتقاذفها أمواج الاضطرابات و التدخلات الخارجية منذ أمد طويل .
عملت الثورة الاسلامية على تحرير الإنسان من قيوده المادية و الاجتماعية البالية و رسخت القيم الاسلامية النبيلة الداعية الى العدل والسلام و الحرية المشروعة للعالم و اطلقت عجلة العلم والصناعات الحديثة و اسست لنهضة مجتمعية متكاملة ، معتمدة على الطاقات و الامكانات الذاتية للشعب الايراني في البناء و التطوير مما جعل القوى الاستكبارية تستشعر خطر مشروع الثورة الجديدة على مخططاتها الاستعمارية ، فقد نجحت امريكا تحت ذريعة ( خطر تصدير الثورة الإسلامية ) في شن حرب شرسة مطلع الثمانينات قادها صدام حسين – نيابة عن امريكا – و بدعم من دول الخليج ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الناشئة ولما فشلت تلك الحرب في تحقيق أهدافها المرجوة من إخضاع الشعب الإيراني لعصا الطاعة الامريكية لجأت الولايات المتحدة إلى الحصار الثقافي و السياسي و الاقتصادي و التقني العسكري بيد أن كل تلك المحاولات لم تنل من عزيمة هذا الشعب في تحويل الحلم إلى واقع فأصبحت إيران قوة كبيرة يحسب لها حساب في المشهد الدولي ، تأتي قوة ايران اليوم بسبب الانسجام القائم بين الشعب و القيادة و ثقة الايرانيين بأنفسهم و مقدرتهم على الخوض في مجالات البناء الحضاري المختلفة العلمية و الثقافية و الفكرية و الاجتماعية و السياسية و تحدي سنوات العقوبات و الحصار الغربي الظالم وتمسكها بمبادئ الثورة في الحفاظ على حقوق الشعب الايراني وو قوفها مع الشعب الفلسطيني و قوى المقاومة ضد مشروع الهيمنة الامريكية على المنطقة ، إن نموذج الاسلام الحضاري الذي تبنته الثورة الاسلامية اوجد تهديداً لمفاهيم العولمة الامريكية ، مما جعلها تمارس مع الغرب تشويه مفاهيم الثورة ثم الإساءة إليها و التخويف منها ، فنعتت ايران بالدولة المارقة و بإنها إحدى دول ( محور الشر) و راحت تحارب كل ما وصلت إليه الثورة على الصعيد الشعبي و الصناعي و الثقافي و المعرفي و أكثر ما أغاظ أمريكا إنما يكمن في ممارسة الديمقراطية على النموذج الإسلامي الجديد الداعي إلى حوار الحضارات و تقبل الرأي الآخر و الحوار معه مما أعطى الاستقلالية و القرار الحر للشخصية الإيرانية بعد الثورة .
بفضل حكمة الامام الخميني مفجر الثورة الاسلامية ووقوف الشعب الايراني خلف قيادته أضحت إيران اليوم دولة عصرية ذات إنجازات علمية و عسكرية عظيمة و أجبرت الغرب بعد اتفاق جنيف على الاعتراف بها كقوة نووية لايمكن تجاوزها ، و أدرك الغرب ان لا سبيل لوقف التقدم العلمي لشعب صمم على الخروج من العباءة الامريكية و حرر ارادته و قراره من قيود العبودية و الاستعمار .
و الآن في عام 2014 يواجه محور المقاومة الممتد من طهران إلى دمشق خطر المد التكفيري المدعوم من قوى ظلامية طالما عملت على كسر هذا المحور ، و بفضل تضحيات المقاومة اللبنانية و بواسل الجيش العربي السوري يتقهقر المشروع الوهابي الجديد و سيسقط كما سقطت جميع الخطط السابقة التي استهدفت ارادة الشعوب الحرة عبر العقود الماضية .
و في كل يوم تحقق ايران انجازات مبهرة تثبت بأن عجلة التطور الكبير الذي رسم خطاه الأولى الامام الخميني لن يتوقف حتى تنتصر القيم الانسانية السامية على الظلم و الاستكبار في كل زمان و مكان على هذه الأرض .
Views: 5