يبقى الرهان الأهم على خيارات أردوغان الصعبة بين الحليف الاستراتيجي التقليدي أميركا برئاسة ترامب حليف الأكراد وكل من وريث الإمبراطورية الروسية القيصرية الشيوعية والإمبراطورية الفارسية الشيعية ولها معا ذكريات تاريخية سيئة مع الإمبراطورية العثمانية وكاد اردوغان يحيي سلطنتها وخلافتها لولا الرئيس الأسد وصديقاً اردوغان بوتين وروحاني!
الحديث عن الاتفاقية يتضمن في جوهره اعتراف تركيا بالدولة والحكومة السورية الحالية وهو ما لايتشجع له أردوغان بسبب عدائه الشخصي للرئيس الاسد
يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقمته الرابعة مع الرئيسين بوتين وروحاني في 14 الشهر الجاري في سوتشي وهو وضع لا يحسد عليه أبداً. فبعد أسبوعين من لقائه الأخير مع الرئيس بوتين في موسكو اعترف أردوغان بعلاقات مباشرة مع دمشق ولو عبر أجهزة اللمخابرات مما اضطر المتحدث باسمه ابراهيم كالين ليقول "أن العلاقة مع اجهزة المخابرات لا تعني الاعتراف بشرعية النظام".
وجاءت تناقضات أردوغان هذه كنتاج للوضع الصعب الذي هو عليه بسبب قنبلة بوتين الموقوتة التي ووضعها في حضن أردوغان في المؤتر الصحفي في24 الشهر الماضي وهي الحديث عن اتفاقية اضنة.
ورحب اردوغان في البداية باقتراح بوتين وهو يعتقد ان الاتفاقية تعترف لتركيا بحق توغل الجيش التركيشرق الفرات ومن ثم البقاء في غربه حتى الحل النهائي للازمة السورية وفق المزاج التركي . وتراجع حماس اردوغان بعد أن رحبت دمشق باقتراح بوتين طالما أن الاتفاقية تتحدث عن حق تعاون اللطرفين السوري والتركي ضد كل الإرهابيين الذين يشكلون خطراً على الدولتين بما في ذلك عناصر كل الفصائلالمدعومة من تركيا والتي تعتبرها دمشق إرهابية.
كما أن الحديث عن الاتفاقية يتضمن في جوهره اعتراف تركيا بالدولة والحكومة السورية الحالية وهو ما لايتشجع له أردوغان بسبب عدائه الشخصي للرئيس الاسد. فيما يعرف الجميع ان الموضوع الأهم بالنسبة لاردوغان هو ما سيتعرض له من ضغوط روسية وإيرانية لحسم موضوع إدلب بعد ان بات واضحاً أن اردوغان يسعى لتأخيره عبر تسخين قضية المنطقة الآمنة التي ما زالت في اجندة المباحثات التركية الأميركية المستمرة على مستويات مختلفة ومنها لقاء الوزيرين جاويش اوغلو وبومبيو في واشنطن اليوم ( الخميس).
فقد اتهم الرئيس اردوغان اول امس الثلاثاء واشنطن بالمماطلة والتهرب من الإلتزام بوعودها لتركيا في موضوع منبج وشرق الفرات مهدداً باتخاذ إجراءات تركية احادية الجانب، ودون ان تبالي واشنطن بهذه التهديدات التركية فهي مستمرة في دعمها لوحدات حماية الشعب الكردية كما هي على اتصال مع العواصم الأوربية والعربية الموالية لها.
وتحدثت المعلومات عن ضغوط أميركية مكثفة على هذه الدول وهي السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومصر والأردن حتى لا تستعجل في المصالحة مع الرئيس الاسد.
ويتهم الاعلام الموالي لاردوغان هذه الدول بالتآمر ضد تركيا من خلال دعم وحدات حماية الشعب الكردية وتأييدها للمشروع الأميركي الذي يهدف لتشكيل "قوات حفظ سلام عربية وأوربية" تحمي الكرد من تركيا. ومن المتوقع للقاء الوزاري الأوربي/ العربي الذي سيجتمع في القاهرة 13-14 الشهر الجاري أن يبحث هذا الموضوع في اليوم الذي سيبحث فيه اردوغان مع حليفيه بوتين وروحاني إمكانيات التصدي للمخططات الأميركية الأوربية العربية التي بات واضحاً أنها تستهدف تركيا ودورها الحالي والمستقبلي في سوريا والمنطقة عموما بعد ان بدأت واشنطن والعديد من العواصمالأوربية تتحدث فيه عن انزعاجها من الرئيس اردوغان بسبب مقولاته القومية والدينية والتاريخية العثمانية ودعمه لحركات الإسلام السياسي أي الإخواني فيجميع أنحاء العالم. ويعتبر اردوغان هذا الدعم عنصرا أساسياً يدعم سياساته الداخلية التي يهدف من خلالها لأسلمة الدولة والامة التركية بعد ان سيطرعلى جميع مرافق واجهزة الدولة واهمها الجيش والأمن والمخابرات والمال والقضاء بل وحتى ٩٥٪ من الاعلام الحكومي والخاص . ويرى الكثيرون فيالعلاقة بين السياستين الداخلية والخارجية توازنا استراتيجيا له علاقة مباشرة بأيديولوجية اردوغان التي انطلق على قاعدتها وتدخل في الشأن السوري منذالبداية ايمانا منه بانه سيصلي قريبا (صيف 2011) في الجامع الأموي كما صلى السلطان سليم بعد انتصاره على المماليك في معركة مرج دابق 24 آب1516 . ودخل الجيش التركي جرابلس في هذا اليوم اَي في الذكرى 500 ولو هذه المرة بضوء أخضر من الرئيس بوتين الذي لا يعرف احد ما هي الأوراق السياسية والاقتصادية المالية والأمنية والعسكرية والاستراتيجية التي يملكها في المساومة مع الرئيس اردوغان ولمواجهة حساباته في الشمال السوري وخاصة غرب الفرات.
ويبقى مصير إدلب هو الامتحان الأصعب بالنسبة لاردوغان بعد أن اتهمه الاعلام الروسي بالتهرب من تعهداته للرئيس بوتين في موضوع النصرة والفصائل المتحالفة الموجودة في المدينة كما هو تهرب من العمل الجاد لمعالجة وضع عشرات الآلاف من المسلحين السوريين منهم والأجانب الموجودين في المنطقة وغرب الفرات عموماً، فان نجح بوتين واردوغان في إقناع او اجبار اردوغان لحسم كل هذه القضايا الصعبة والمعقدة حرباً كان ام سلماً ووفق مزاج الدولة السورية فان ذلك سيثبت بكل وضوح رغبة ونية وارادة اردوغان للتجاوب مع الرئيس الاسد الذي ساعده للانفتاح على المنطقة العربية عبر البوابة السورية التي خرج منها بعد تدخله في سوريا وبامكانه الان ان يعود عبرها ليصلي في الجامع الأموي ولكن بشروط الرئيس الاسد ومباركة بوتين وروحاني.
ويبقى الرهان الأهم على خيارات أردوغان الصعبة بين الحليف الاستراتيجي التقليدي أميركا برئاسة ترامب حليف الأكراد وكل من وريث الإمبراطورية الروسية القيصرية الشيوعية والإمبراطورية الفارسية الشيعية ولها معا ذكريات تاريخية سيئة مع الإمبراطورية العثمانية وكاد اردوغان يحيي سلطنتها وخلافتها لولا الرئيس الأسد وصديقاً اردوغان بوتين وروحاني!
المصدر : الميادين نت
Views: 3