صبّت الحكومة الماء على النار، مؤكدة أن الدولة السورية أعلنت وقررت أنه لا خيار أمامها سوى النصر في حربها الاقتصادية أيضاً. مطالبات لعلّها حالة من التصالح الحميد وغير المسبوقة بين الحكومات وقطاع الأعمال في سورية، تصالح يبدو بالغ الأهميّة والإلحاح اليوم على بوّابة إعادة الإعمار،
فجهود الجميع مطلوبة في مثل هذه (الورشة الوطنيّة) المتكاملة، بما لها وعليها من آمال ومهام، فقد انتقلت العلاقة بين الطرفين من الحالة المطلبيّة، إلى البعد التشاركي، فالحكومة تعهّدت بالإجراءات والتسهيلات السخيّة، وقطاع الأعمال تكفّل بملء مساحة (البزنس) و شغل حالة الفراغ والخواء الاستثماري الذي طالما عانت منه سورية طيلة عقود وعقود.
طاولة مستديرة بدأت سلسلة من اللقاءات الدافئة على طاولات مستديرة بين ممثلي وأقطاب القطاع الخاص الصناعي، مع الفريق الحكومي الاقتصادي الذي يتصدّره المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء.. لقاءان حافلان بما ارتقى إلى مرحلة الإنجاز في التوافق على الرؤية الوطنية وفقاً لخصوصيّة المرحلة، الأول في مقر رئاسة مجلس الوزراء مع مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، ثم تلاه لقاء آخر لفريق السلطة التنفيذية مع غرفتي تجارة وصناعة حمص وحماة، لكن هذه المرّة في مدينة حسياء الصناعية، فكان ذي خصوصية اختار منظموه في الحكومة له أن يكون (يوم صناعي سوري)، فكان الميدان هناك مسرحاً لمكاشفات وطروحات وجدت طريقها للحل بقرار من أصحاب (الأقلام الخضراء)، وقبله كان لقاءٌ مماثلٌ في منطقة تل كردي الصناعية بريف دمشق.
اللافت كان النبرة المختلفة التي اتسم بها تعاطي رجال الأعمال مع الموقف بكل ما يمليه من مهام جديدة، فرئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي، لم يتردّد بالإشادة بالدور الكبير للحكومة في دعم الصناعة منوهاً إلى خطوتها في مكافحة التهريب وإحلال بدائل المستوردات والتي كانت إنجازاً مهماً وداعماً كبيراً للصناعة الوطنية. يوضح الشهابي أن هذه هي المرة الأولى تتزاحم الأرقام والمعطيات التي تتكلم وتفصح عن الدعم الذي تلقيناه كصناعيين من الحكومة السورية، وهذا يدل على أن هناك خلية عمل حكومية تعمل باستمرار، كان لها بصماتها المباشرة في الميدان، حيث نلاحظ أن هناك ازدياداً كبيراً في المنشأة الصناعية وفي المناطق والمدن الصناعية ولكننا نطمح دائماً إلى أن يكون الازدياد أسرع. تفاؤل بكثير من الإصرار على الإنصاف كما أحب أن يعبّر، يشيد لبيب الإخوان رئيس غرفة صناعة حمص برغبة الحكومة وإصرارها على دعم الصناعة والصناعيين، مؤكداً أن الصناعة السورية قادرة على التطور عندما يتحقق التعاون والتشارك بين القطاعين العام والخاص والذي من شأنه منطقياً أن يذلل الصعاب التي تتمثل بالعقوبات الظالمة علينا. وأشار أن دعم التصدير وخلق أسواق خارجية يجب أن تكون أولى أولويات العمل في المرحلة القادمة، وفي ذات الاتجاه يبدي زياد عربو رئيس غرفة صناعة حماة قناعته بجدوى مساعي الحكومة لدعم الصناعة الوطنية في المرحلة القادمة، مؤكداً أن الصناعة الوطنية قادرة على النهوض بالاقتصاد الوطني وتلبية احتياجاته وأن العديد من الصناعيين مستعدون للعودة إلى سورية وإعادة الإقلاع بمنشآتهم الصناعية.
فيما يمضي عضو غرفة صناعة حمص محمد نبيل بتفاؤله إلى بعد و أفق واسع، بإصرار الحكومة على حلحلة جميع العقبات التي تواجه الصناعيين والمشاكل الإجرائية والعقبات الإدارية وعمليات التصدير، مشدداً على ضرورة معالجتها لتشجيع المستثمرين ورؤوس الأموال للعودة إلى سورية للمشاركة في عملية إعادة الإعمار والتنمية.
مطالب الصناعيين تمحورت حول التأكيد على دعم التصدير وتقسيط الضرائب للمعامل في المناطق الصناعية وتخفيض الرسوم الجمركية لبعض وتخفيض الفائدة التي تتقاضاها المصارف على القروض الممنوحة للصناعيين، موضحين أن دعم الصناعة سيعود بالفائدة بشكل مباشر على المواطن السوري، وطالب الصناعيون بالسماح بتصنيع السيارات وتصديرها إلى الخارج. مطالب لم تتأخر إجابتها الرسمية فقد تم إقرار إعادة إقلاع 19 معملاً لزيوت القطن كانت متوقفة عن العمل سيتم بعد لقاء صناعيي المنطقة الوسطى بالحكومة، وضع قائمة بأسمائها ليصار لتحديد رؤية كاملة لإعادة تشغيلها وتقديم كل ما يلزم لذلك بدءاً من توفير بذار القطن إلى تأمين سوق لتصدير الفائض، وتم تكليف وزارة الصناعة والاقتصاد رسم الخطوات اللازمة وتعميم هذا الأمر على الصناعات الناجحة والمنتجة، كما تمت الموافقة أيضاً على دراسة طلبات 200 صناعي لإقامة مشروعات في المنطقة الصناعية بحماة وتأمين الأراضي اللازمة لإنشاء معاملهم.
تشي الخطوات الإجرائية الحثيثة التي يشهدها مشروع التشاركية بين العام والخاص بأن الدولة السورية لم تكن مغيبة عما يحاك ضد الشعب السوري لضرب اقتصاده. فالسرعة في خطوات كهذه تعني دراسة مطولة سابقة قامت بتناول كل الجوانب المرتبطة بمشروع كبير كهذا والذي لا يغيب عن أي عقل اقتصادي أنه يحتاج لتمحيص دقيق وتحضير جيد ما يعني أن الدولة السورية قد أعدت أسلحتها مسبقاً لجبهة الحرب الاقتصادية. ولن يكون غريباً أن نشهد الانتصارات تسجل لصالح سورية في هذا المجال قريباً
Views: 3