بيروت ـ “راي اليوم” ـ كمال خلف”
تراجع الولايات المتحدة عن توجيه ضربة عسكرية ضد ايران على خلفية اسقاط الحرس الثوري الإيراني طائرة (غوبال هوك) الامريكية انتقل صداه من الداخل الأمريكي الى الشرق الأوسط .
الرسالة التي حملتها تطورات الاحداث منذ اسقاط الطائرة حتى الان قدمت خدمة معنوية لإيران واظهرت انها قوة لا يستهان بها، ولا يمكن مقارعتها من قبل أنظمة في المنطقة وتحديدا في الخليج ، بالإضافة الى إسرائيل، بما ان اكبر قوة في العالم حسبت حساب المواجهة مع طهران وتراجعت عن التصعيد العسكري معها .
خلال اقل من اربع وعشرين ساعة صعدت مؤشرات التفاؤل لدى خصوم ايران في المنطقة الى اعلى مستوى, مع تأكيد الإدارة ان العمل العسكري ضد ايران ردا على اسقاطها الطائرة الامريكية بات محسوما . ثم انهارت الامال فجاة بعد اعلان الرئيس الأمريكي انه تراجع عن الرد العسكري تجنبا للمخاطر ، لتذهب النتائج لمصلحة ايران زد عليها الصورة التي خرجت بها ايران امام الراي العام المحلي والعربي والإسلامي كقوة مرهوبة الجانب وجهت إهانة الى الولايات المتحدة دون ان تخشى العواقب .
التفاؤل والإحباط لدى خصوم ايران في الخليج زائدا إسرائيل مرتبط بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والولايات المتحدة وهي بدورها بدت مربكة في كيفية التعطي مع التحدي الإيراني . بالمقابل فان مستوى ثقة ايران وحلفاءها في المنطقة ارتفع , واعطت تطورات الساعات الماضية جرعة معنوية كبيرة لقوى تتحالف مع ايران او تعادي الولايات المتحدة .
يعكس عنوان كبرى الصحف الإسرائيلية( يديعوت احرنوت) مستوى هذا التاثير المحبط لدى معسكر الحرب ضد ايران وتتحدث الصحفية عن إهانة تلقتها الولايات المتحدة جراء ابتلاع اسقاط طائرتها دون ان تفعل شيئا . السخرية من تبريرات دونالد ترامب لوقف الضربة العسكرية على ايران انسحبت على الداخل الأمريكي من خلال تعليقات الصحف و تغريدات مسؤولين أمريكيين . التي ركزت على ركاكة تبريرات دونالد ترامب لوقف العمل العسكري .
إسرائيل صامته على المستوى السياسي والعسكري , الا انها في الساعات الأربع العشرين الماضية أي قبل تراجع الرئيس ترامب عن قراره بشن ضربة عسكرية على ايران ؛ كانت الجبهة الشمالية تشهد تحركات واستعدادات وكذلك على الطرف الاخر من الحدود كان حزب الله يستعد كذلك .
ستكون الولايات المتحدة قد باعت الوهم لحلفائها والمراهنيين عليها في وجه ايران اذا صدقت التقارير التي تقول ان السيناريو الامريكي برمته كان معدا سلفا . وان الولايات المتحدة قررت الإعلان عن رد عسكري ومن ثم التراجع عنه في اللحظة الأخيرة منذ البداية ، ضمن سياسية الضغط على ايران وايصال التهديدات الى مرحلة بالغة الخطورة دون الدخول في مواجهة عسكرية .
دول الخليج صامته كذلك ولم يكسر هذا الصمت قبل ساعات سوى اعلان البيت الأبيض ان الرئيس ترامب اجرى اتصالا هاتفيا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان . ناقش معه استقرار المنطقة و سوق النفط والسلوك الإيراني . لا يمكن تفسير الصمت الا من زاوية الدهشة والقلق . فايران بدت اكبر من تقديرات الحجم والفعل لدى هذه الدول .
دونالد ترامب الذي غرد قبل ساعات بانه غير مستعجل في التعاطي مع الملف الإيراني ، عاد يدعوا ايران الى التفاوض دون شروط مسبقة . ايران حتى الان تكسب بالنقاط هذه الجولة . فهي اثبتت انها جاهزة لصد أي اختراق حتى لو كان صغيرا لاجوائها ومياهها ، واثبت مدى دقة معلوماتها ومعرفتها للتحركات الامريكية في البحر والجو ، والاهم تقديراتها الدقيقة لكيفية تعاطي الولايات المتحدة مع هذا التطور
Views: 3