عندما هبت رياح ما سمي الربيع العربي كان السودان يغرق بمشكلات داخلية عميقة تكفيه عن الولوج في أتون هذا الربيع المزيف حيث كان يعيش أوضاعا غير مستقرة في معظم أقاليمه وصلت الى حد نشوب حروب وصراعات مفتوحة بين الحكومة المركزية وتلك الأقاليم لا زال بعضها مستمر اً حتى الان وخاصة في اقليم دار فور فضلا عن حرب بين الشمال والجنوب استمرت عقود انتهت بانفصال الجنوب عن الشمال وتشكيل دولة الجنوب وعاصمتها جوبا التي تشغل مايزيد عن 750 الف كيلو متر مربع اي اكثر من30% من مساحة السودان وتمتلك معظم ثروة السودان النفطية .جاءت الأحداث الأخيرة في السودان مطلع العام الجاري 2019 لتزيد الأوضاع تعقيدا وتفاعلت الأزمة بين المحتجين والمؤسسة العسكرية لتدخل البلاد في نفق مظلم ودون حلول قريبة وبرزت على الفور الاصابع الخارجية لا ستغلال الحراك الشعبي لتركيب نظام للحكم في الخرطوم بعيد عن رغبة الشعب في الحرية والتغيير ويخدم مباشرة مصالح القوى الأجنبية والقفز فوق مصلحة أهل السودان ومطالبهم لحل أزماتهم الداخلية وإطفاء نيران النزاعات المحلية ومعالجة الشؤون الاقتصادية والمعيشية ورسم مستقبل السودان بايدي ابنائه .ولعل التدخلات الابرز في الأزمة السودانية كان من قبل السعودية ودولة الإمارات ومعهما مصر ولقد سارعت هذه الدول الثلاث لتأييد المجلس العسكري الانتقالي الذي تشكل بعد انهيار نظام البشير منذ اللحظات الأولى وقامت الإمارات والسعودية بضخ ملياراتها لدعم المجلس العسكري على الفور الامر الذي كشف عن انه كان هناك مخطط مسبق لوضع السودان تحت وصايتهما على الرغم من ان نظام البشير كان منخرطا في ركاب السياسة السعودية الإمارتية بشكل واضح وواضعا قوات كبيرة من الجيش السوداني في حربهما ضد اليمن ولم يتأخر عن تلبية مطالبهما الا ان هذا لم يشفع له واستغلوا الحراك والاحتجاجات للإطاحة به بواسطة مجموعة من الضباط السودانيين شاركوا في حرب اليمن تحت القيادة السعودية وطبعا من وراء المحور السعودي الإماراتي المصري الولايات المتحدة الامريكية المخطط الاول للأحداث .
ومن الوهم الاعتقاد ان واشنطن غائبة لحظة واحدة عن المشهد السوداني سابقا ولاحقا فوزير الخارجيةالأمريكي مائك بومبيو اجتمع اكثر من مرة بالسفيرالسعوديفي واشنطن خالدبنسلمانوتباحث معه حول الأزمة السودانية و قاموا بدفع المجلس العسكري الانتقالي للمماطلة والتلاعب بمطالب المحتجين وعدم الموافقة على تسليم السلطة لحكومة مدنية فمرةيرفضالتفاوضمعالمعارضةوبعدساعاتيعلناستعدادهللتفاوض الى ان كانت مذبحةفضالإعتصامبواسطة قوات الردعالسريع حيث استقدمت ميليشيا الجنجويد من دار فور وعاثت فسادا في العاصمة الخرطوم فجلدت المعتصمينوقتلتالشبابالسودانيورمتت بأجسادهمفيالنيلكمافعلتداعشفيالموصلوبفتاوى سعودية والهدف السعودي ان تبقى السودان طوع اليد السعودية حتىيبقىالجنود السودانيون فياليمندعماللسعودية في حربها الوحشية ضد الشعب اليمني . تدخلات السعودية والإمارات زادت الأزمة السودانية تعقيدا وأبعدت الحلول عنها وقد تكشف للشعب السوداني الدور الذي يلعبه النظامان في وضع نظام للحكم في السودان سواء بطابعه العسكري او كان خليطا بين العسكرين والمدنيين ليكون تابعا للمحور الذي تقوده السعودية وهو محور مازال ينشر الحرائق في ليبيا والعراق واليمن وسورية ويستثمر بالارهاب في المنطقة بالوكالة عن واشنطن وتل أبيب وخدمة لمشروعها في تقسيم وتفتيت الوطن العربي وبالنسبة للسودان لم تكتف المؤامرة الأمريكية بفصل جنوبه عن شماله وهي تعمل للعودة الى خطتها القديمة بتقسيم السودان الى خمسة أقاليم ونهب ثروات هذا البلد العربي الأوسع و الأغنى في المنطقة .
وهكذا يتضح ان هناك هدف سعودي من وراء استثمار أزمة السودان الحالية ومعاناة شعبه وهو ان يبقى خاضعا للأوامر السعودية وان تستجر جيشه الى المستنقع اليمني وتجعل من الجنود السودانيين حطبا ووقودا لهذه الحرب الإجرامية اما الهدف الامريكي الإسرائيلي فيتمثل باستكمال تقسيم السودان وعودة شركات النفط الامريكية لشفط النفط السوداني وفي مقدمتها شركة شيفرون التي تولت التنقيب عن النفط السوداني أواخر القرن الماضي وحفرت عشرات الآبار وأغلقتها في أعقاب انقلاب البشير في التسعينات على امل العودة في الوقت المناسب فهل تكون الأحداث الجارية فرصة أمريكية سانحة لترتيب عودة أعداء الشعب السوداني للتحكم بالسودان ومصيره ؟؟ لا نعتقد ان حلولا قريبة وفي متناول اليد للازمة السودانية ولن ترضى الأطراف التي تحرك هذه الأزمة نحو التعقيد بحل لا تفرضه هي من الالف الى الياء ولا يهمها ان يسفك الدم السوداني غزيرا كما سفكت بمالها النفطي القذر دماء السوريين والليبيين واليمنيين والعراقيين وعينها على دماء الجزائريين ودماء أهل غزة وفلسطين
Views: 5