وصفقة “اس 400” الروسية – التركية لا تحتاج إلى صفقة على الشمال السوري، بقدر حاجة إردوغان، الخارج من خسارة انتخابية لحزبه وهزة اقتصادية كبرى بعد إقالة حاكم المصرف المركزي، إلى ورقة يرفعها بوجه الجميع للمساومة عليها داخلياً وخارجياً.
أحد أهداف هجوم فصائل أنقرة هو السباق على منع الروس والسوريين من الامساك بالشمال الغربي لسوريا
الحرب التركية الروسية الباردة تستعر في الشمال السوري، لإعادة بناء توازنات جديدة تعزز تأكيد أنقرة بأنها لا تزال تملك قرار المجموعات المسلحة في الشمال ولا تزال قادرة على تخريب سوتشي أو أي تفاهم لا يتناسب مع حجم رهاناتها خلال ثمان أعوام من التدخل في الحرب السورية.
ومن أجل إحداث ثغرة دبلوماسية، في هجوم ريف اللاذقية الشمالي من المجموعات الأوزبكية والتركستانية المنضوية في غرفة عمليات “وحرض المؤمنين”، أرسلت القيادة التركية أفضل وحداتها من فرق الكوماندوس الخاصة مع خمسين آلية إلى الحدود في لواء اسكندرون السليب.
الهجوم وهو الأعنف والأوسع منذ عامين كان يهدف إلى الوصول لجبل زاهية الاستراتيجي، للسيطرة على جبل التركمان أعلى قمم جبال الريف اللاذقي والقريبة من الحدود التركية، للقول بأن أنقرة قادرة على خلط الأوراق مجدداً وإعادة الوضع إلى ما قبل معارك التحرير نهاية العام 2015 التي حرر فيها الجيش السوري وسلاح الجو الروسي كامل الأرياف فيها.
ونقاط الجيش في جبل التركمان لم تعد الهدف التركي الوحيد في هجوم فصائل أنقرة، بل السباق على منع الروس والسوريين من الامساك بالشمال الغربي لسوريا، مع فتح معارك ريف حماة الشمالي وجنوب ادلب، لإطلاق ورقة إطار سياسي في تشكيل اللجنة الدستورية تريد تركيا فيها حجز مقعد على طاولة التسوية السورية ، والتغييرات التي قامت بها دمشق في تعيين قيادات جديدة للأجهزة الأمنية في صورة لافتة قبل انتهاء الحرب، لا تبدو منفصلة عن هذا السياق رغم أن مصادر مقربة من مركز القرار بررته بأنه إجراء عادي وترتيب للبيت الداخلي.
وفي خلفية الهجوم التركي يقف حدثان: زيارة يوسف بن علوي إلى دمشق قبل يومين حمل فيها رسالة وهواجس خليجية من النفوذ التركي المتعاظم شمال سوريا، والضغط على دمشق التي تستقبل المبعوث الدولي الخاص للأزمة السورية “غير بيدرسون”، لتشكيل اللجنة الدستورية بعد حل مشكلة الأسماء الستة في قائمة المجتمع المدني التي اعترضت عليها سابقاً كما صرح وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو قبل أيام، بما يوضح استعجالاً تركيا يرد على الدعوات الأميركية والفرنسية إلى التخلي عن اللجنة الدستورية والبحث عن بدائل بعد التأخر في تشكيلها.
وحتى ولو قرر الأتراك اعتبار معركة ادلب، والهجوم على ريف اللاذقية مجرد عملية تقتصر مفاعيلها على موازنة مسار أستانة، إلا أنه من المستبعد أن تستدير السياسة التركية 180 درجة وتغير من تحالفاتها الاستراتيجية مع الأطلسي وواشنطن، لبناء تحالف دائم مع إيران والروس وإن نجحت خلال سنوات من إرساء فصل كامل بين الملف السوري والحرب بالوكالة فيما بين العواصم الثلاث من جهة وبين الوصول إلى اتفاقات اقتصادية وتجارية كبيرة من جهة أخرى.
وصفقة “اس 400” الروسية – التركية لا تحتاج إلى صفقة على الشمال السوري، بقدر حاجة إردوغان، الخارج من خسارة انتخابية لحزبه وهزة اقتصادية كبرى بعد إقالة حاكم المصرف المركزي، إلى ورقة يرفعها بوجه الجميع للمساومة عليها داخلياً وخارجياً.
المصدر : الميادين نت
Views: 7