أعلنت الحكومة السورية موافقتها المشروطة على هدنة تشمل جبهات القتال في حال انسحب الإرهابيون إلى مسافة 20 كيلو مترا تطبيقا لاتفاق سوتشي، فيما ساد هدوء حذر على المحاور منذ صباح اليوم الجمعة، تخلله خروق نفذته الجماعات المسلحة ضد إحدى نقاط الجيش السوري.
جاءت اجتماعات “أستانا” (نور سلطان) مجددا، وحملت معها أخبارا عن وقف إطلاق نار على الجبهات السورية، وفعلا وافقت الحكومة السورية على هدنة شريطة أن ينسحب الإرهابيون لمسافة 20 كم كما نص اتفاق سوتشي في العام الماضي بين تركيا وروسيا، وهدأت الجبهات صباح اليوم وساد هدوء حذر تخلله خروقات من قبل المجموعات المسلحة، ثم نقلت صفحات أن تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي وافق على الهدنة ببيان ولكنه لم يشر إلى انسحابه، كما اعتبر وفد المعارضة في أستانا أن الاتفاق إيجابي، ورحبت روسيا بقرار الحكومة السورية.
دمشق أكدت اليوم عبر رئيس الوفد السوري إلى “أستانا” الدكتور بشار الجعفري أنها ستمنح الجانب التركي (بحسب قول الجعفري) فرصة لتطبيق الاتفاق وسحب المسلحين وسلاحهم وأشارت إلى أن هناك مدة زمنية وأن صبر دمشق له حدود حول تنفيذ الاتفاق وأنها مصرة على استعادة إدلب والقضاء على الإرهاب،
ونقل موقع “الوطن”، أن هدوءا حذرا ساد في منطقة خفض التصعيد بأرياف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.
وأضاف الموقع أن الهدوء جاء رغم خرق التنظميات المسلحة في الثانية صباحا للاتفاق وهاجمت نقطة للجيش السوري في منطقة بريديج في ريف حماة الشمالي الغربي.
وكان مصدر عسكري سوري أفاد أمس الخميس أنه تمت “الموافقة على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب اعتبارا من ليل هذا اليوم شريطة أن يتم تطبيق اتفاق سوتشي الذي يقضي بتراجع الإرهابيين بحدود ٢٠ كم بالعمق من خط منطقة خفض التصعيد بإدلب وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة”.
من ناحيته اعتبر وفد المعارضة في مباحثات “أستانا” أن اتفاق وقف النار إيجابي، وقال رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات أستانا، أحمد طعمة، في حديث لوكالة “سبوتنيك” اليوم الجمعة، “النقطة الأساسية التي جئنا من أجلها وقف إطلاق النار ووقف حمام الدم. أعتقد أنه بعد مفاوضات مكثفة وعسيرة توصلنا إلى هذه النقطة، وباتفاق ليس محددا بأجل، وهذه نقطة إيجابية مع ضمانات أن كل طرف من الأطراف ينفذ الالتزامات التي يتقدم بها وبتقديرنا هي التزامات معقولة”. في حين نشرت صفحات أن تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي أعلن ببيان موافقته على الهدنة، لكنه لم يعلن في البيان انسحابه.
واعتبر الإعلامي الخبير بالشأن السوري كمال محمد جفا، أن بيان تنظيم “النصرة” الإرهابي غامض وملتوي، ولا يوجد فيه أي التزمات بالانسحاب أو سحب الآليات الثقيلة، وكتب على صفحته على “ألفيسبوك”:
“بيان هيئة تحرير الشام حول قبول الهدنة غامض وملتوي ولا يوجد فيه أي التزام بالانسحاب أو سحب الآليات الثقيلة أو تسليم المنطقة لأي جهة أخرى كـ تركيا أو روسيا أو قبول أية ترتيبات أخرى”.
وأوضح جفا: “معظم السوريين يرفضون أي هدنة أو وقف لإطلاق النار مع أناس لاعهد لهم ولا ميثاق، لكن أكثر الانتصارات ربحا بالنسبة لكل السوريين هي الانتصارات التي تنتج عن مصالحات كما حدث في القلمون الشرقي وحمص القديمة وبعض مدن الغوطة الشرقية”.
وأضاف: “إن كان هناك رغبة حقيقية لتركيا في المساعدة في تطبيق سوتشي فإن
منطقة خفض التصعيد ستؤدي إلى منح مدينة حلب ٢٠ كم إضافية على كامل المحور
الغربي وعلى كل الجبهات القتالية في العيس وصولا لسراقب وكل الأوتستراد
الدولي بين حلب واللاذقية وأيضا حلب – حماه وحتى مرتفعات كبانه والتي ستكون
مناطق آمنه خالية من الإرهاب.
وتابع: “الهدنة ضرورية خلال الأيام المباركة بسبب الأعياد ومن حق هؤلاء الأبطال المقاتلين أن يرتاحوا وأن يكونوا بين أهلهم وإخوتهم في فترة الأعياد وتوفير أي نقطة دم لأي بطل من أبنائنا هي مصلحة وطنية عليا ومكسب لنا جميعا، وإن تم الالتزام بالشروط السورية فهو خير لنا جميعا وإن لم يتم الالتزام فالعودة الى الميدان هي الخيار الأخير”.
من ناحيته، قال الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية، بمعهد الدراسات الشرقية، في الأكاديمية الروسية للعلوم، بوريس دولغوفنا:
“أولاً وقبل كل شيء، من الضروري القول إن الجولة الحالية من المحادثات في (نور سلطان) حول سوريا هي مرحلة مهمة في المفاوضات وفي الحل الشامل للأزمة السورية. الموقف الذي عبرت عنه غالبية المعارضة السورية (الاتفاق على هدنة في منطقة إدلب) هو أيضا لحظة إيجابية.
لكنني أذكر بأنه في منطقة إدلب، تم إنشاء منطقة خفض تصعيد على أساس اتفاق بين روسيا الاتحادية وتركيا، وكان على تركيا أن تمتثل لشروط الاتفاق هذه وأن تفصل بين المعارضة المتطرفة والمعتدلة. حاولت تركيا القيام بذلك، لكن لم يتم القيام به حتى النهاية. إن حقيقة أن قوى المعارضة السورية نفسها توافق على الهدنة هي خطوة إيجابية، وهنا يمكننا أن نقول أن مثل هذه الإجراءات والمفاوضات في شكل أستانا هي خطوة إيجابية في حل الأزمة السورية.
وأضاف: “حقيقة أن اللجنة الدستورية، التي تعمل على إنشاء إضافات جديدة … للدستور السوري الحالي ، هي عنصر مهم في التسوية السورية. حول كيفية حدوث عمله، يعتمد الكثير على التسوية السورية. في حين أنه صحيح ، ما هو مذكور وفي أي اتجاه تتحرك المفاوضات في صيغة أستانا تبعث على التفاؤل المعتدل. تعتمد التسوية على الوضع في إدلب، وعلى كيفية عمل اللجنة الدستورية. وإلى أي مدى سيتم الاتفاق على مواقف مشتركة بين جميع أعضاء هذه اللجنة، فما يتم ملاحظته الآن هو اتجاه إيجابي”.
ورحبت روسيا بقرار الحكومة السورية الموافقة على الهدنة، وأعلن مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، اليوم الجمعة، عن ترحيبه بإعلان دمشق وقف إطلاق النار حول منطقة إدلب، وقال لافرينتييف خلال مؤتمره الصحفي في العاصمة الكازاخية ” إعلان الحكومة السورية وقف إطلاق النار خطوة جيدة جاءت نتيجة للعمل ضمن صيغة أستانا”.
من جهته صرح مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، اليوم الجمعة، أن فترة وقف إطلاق النار في إدلب تعود إلى تصرفات تركيا التي يتوجب عليها سحب القوات وصبر دمشق لن يستمر إلى الأبد.
وقال الجعفري في مؤتمره الصحفي في العاصمة الكازاخية نورسلطان “لدينا الصبر والدبلوماسية الكافيين لإعطاء الجانب التركي إمكانية ليؤكد اهتمامه بتنفيذ اتفاقات سوتشي وأستانا”.
وأضاف الجعفري قائلا “على الرغم من أن صبرنا طويل فإن لكل صبر حدود، لن ننتظر إلى الأبد حتى تفي تركيا بالتزاماتها”.
وذكر الجعفري أن هذا الاتفاق متصل بالتزام تركيا ووفائها بموجب الاتفاقات الدولية من خلال سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وانسحاب الإرهابيين إلى ضواحي مدينة حماة.
وأشار إلى أن وقف إطلاق النار يرجع إلى وفاء تركيا بالتزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية، وسحب المعدات الثقيلة والمتوسطة، وانسحاب “جميع الإرهابيين في ضواحي حماة”، بدءا بالمناطق التي تسيطر عليها تركيا.
وأكد الجعفري أن سكان محافظة إدلب طلبوا المساعدة من دمشق للتدخل لإنهاء الوجود الأجنبي فيها.
وتابع قائلا “تقع هذه المسؤولية على عاتق الحكومة السورية لإنهاء الإرهاب في إدلب من خلال الاعتماد على الجيش السوري والحلفاء والأصدقاء”.
“سبوتنيك”
Views: 2