“لقد صرت أغلق بابي كي لا أصطدم بمشاهير السوشيال ميديا واليوتيوبرز، افتح النافذة يدخل عشرة منهم، افتح صنبور المياه يدخل لك خمسة منهم..” افتح صفحة الفيسبوك الخاصة بك تجد أن أصدقاءك تحولوا إلى يوتيوبرز فجأة كلٌّ في مجال مختلف، وخلال فترة قد تحتاج إلى موعد لتقابلهم أو تحدثهم.
كمتابع قد يكون من الصعب أن تمنع نفسك من متابعة هؤلاء، وخصوصاً اليوتيوبرز، لأنك غالباً ما تحصل على فائدة منهم، قد تكون معلومة أو تسلية أو فكرة جديدة تكتب عنها مقالاً كما أفعل الآن. ولكننا غالباً مع المتابعة المستمرة لهم فإننا نقع في عدد من المغالطات المنطقية أو أخطاء في التفكير تمنعنا من تحصيل تلك الاستفادة ولو كانت بسيطة، بعض هذه الأخطاء سببها اليوتيوبرز أنفسهم أو ممن يظهرون بشكل مستمر على السوشيال ميديا.
لكن بما أن المقال موجه للمتابعين وليس لمشاهير السوشيال ميديا لأني أعتقد أنهم لا يملكون الوقت أصلاً لقراءة مقالي، لذلك سأحاول أن أخبرك عن بعض المغالطات المنطقية التي قد تقع فيها، مما يساعدك بشكل أو بآخر على تفاديها كي لا تقع في الفخ الذي وقع فيه كثيرون وتصبح في النهاية طرفاً في صراع ما لا ناقة لك به ولا جمل.
تعميم الخبرات
هذه المغالطة التي كثيراً ما نقع
فيها كمتابعين للمشاهير سواء كانوا على السوشيال ميديا أو حتى مشاهير
التلفاز والسينما، نفترض أن هذا اليوتيوبرز الذي يجيد الحديث عن
التكنولوجيا مثلاً أو يخبرنا تقييمه للجوالات يعرف في ريادة الأعمال ونطرح
عليه أسئلة مهنية خارج مجال قناته، أو تلك الأخصائية التي تقدم نصائح
تربوية أو تعليمية تصبح في نظرنا كمتابعين لها خبيرة علاقات اجتماعية
وأسرية وزوجية وربما مرشدة دينية، وننهال عليها بالأسئلة، وقليلون من
المشاهير هم من يقدرون على التخلص من عباءة الشهرة، وارتداء لباس التواضع
وقول لا أعرف في المواضع التي لا يعرفون فيها وليسوا على علم كافٍ للتحدث
عنها والإفتاء بها.
خلط الارتباط بالأسباب
س من الناس متزوج مرتين، وناجح في حياته المهنية والاجتماعية ومشهور ويقدم نصائح اجتماعية ما، إذاً الزواج مرتين هو السبب..
ص من الناس انفصلت عن زوجها وقامت بإنشاء عملها الخاص وأصبحت ناجحة عملياً واجتماعياً، إذاً الزواج معيق الفتاة عن النجاح وريادة الأعمال..
لا الزواج ولا الطلاق ولا غيرها من التفاصيل الحياتية الاجتماعية لها علاقة بنجاح أي شخص، اللهم ما لم تكن الحياة الاجتماعية لهذا الشخص مصدر ضغط نفسي كبير عليه وهذا لا يعني أن الانفصال أو التعويض بعلاقات جديدة بأي طريقة كانت سيجعل هذا الشخص ناجحاً ومشهوراً، لأن هذا النجاح متعلق بالشخص نفسه وقدرته على التخلص من الأعباء النفسية والموازنة بين أطراف حياته كافة.
وهنا يقع الخطأ بنسبة كبيرة على المشاهير أنفسهم، فإذا كان مرشداً مهنياً مثلاً أو رائد أعمال أو حتى مستشاراً اجتماعياً فهذا لا يعني أن يشارك تفاصيل حياته الاجتماعية على السوشيال ميديا وأمام المتابعين وليس من الضروري أن يعلن لهم عن ارتباطه بفلانة أو انفصاله، فحتى الاستشاري أو المعالج الاجتماعي قد ينصح البعض بالانفصال، فهي لا تعني ازدواجيته لأن الانفصال لا يعني أن أحد الطرفين فاشل أو مخطئ.
الشخص الذي…..
يمكن أن أضرب نفس المثال السابق،
فلان الناجح المشهور الذي يقدم معلومات ما، ويربح الملايين هو كذلك لأنه
غير متعلم، لا يحمل شهادة جامعية.. إذاً الشهادة الجامعية لا فائدة منها
وليست معين للنجاح..
القناص
انتقاء الأسباب التي تدعم الجحة وترك
غيرها، وهذه يقوم بها المشاهير مع بعضهم أكثر مما يفعله المتابعون، وربما
يفعلها المتابعون حين يدافعون عمن يتابعونه بشكل أعمى.. وهذا ينقلنا
للمغالطة التالية.
الاحتكام إلى الشعبية… السلطة… الجديد… القديم.. المنشأ..
كل هذه الصفات يمكن أن تجعل المتابعين يدافعون عن أولئك المشاهير بشكل أعمى تماماً:
الشعبية: لديه ملايين المتابعين على اليوتيوب لذلك له شعبية تجعله مؤهلاً للدفاع عنه.
السلطة: له سلطة ما على الجماهير قد تكون سلطة عقلية أو دينية.
الجديد: هذا يأتي بأحدث الدراسات والأفكار إذاً هو على حق.
القديم: وآخر يحدثنا عن التراث والتقاليد الأصيلة إذاً لا بد أنه يعرف أكثر منا.
المنشأ: وثالث يأتي بكلام من علماء وكتب دين فكلامه هو الصحيح.. أو العكس،
دراسات الجامعة الفلانية لا يمكن أن تكون خاطئة، رغم أن العلم نفسه يتغير
ويتجدد كل ثانية وما تتعلمه اليوم في الجامعة والكتب قد يأتي من يكتشف عكسه
غداً!
التقسيم
وهي عكس ما يقوم به المعممون، حيث
ينتقون جزءاً من كلام أحدهم وقد يكون سقطة له فيجعلون كل ما يقوله خطأً
وغير مفهوم. أو أن هذا اليوتيوبرز الذي يقدم معلومات علمية بحتة لديه
مشكلات في حياته الاجتماعية، إذا لا يمكن الأخذ منه في المواضيع العلمية
التي يتحدث بها!
انحياز التأييد
أنا لا أتابع فلان ولا غيره، لكن
هذا الفلان لا يوافق آرائي وأفكاري، إذاً أنا أؤيد كل ما يعارض فلان دون
النظر في الأسباب والمقارنة بين هذا وذاك وتحكيم عقلي والاستماع للطرفين.
الحجة الدائرية
وهي استخدام الاستنتاج المراد الوصول إليه كأحد المعطيات، فلان على حق وكل ما يقوله صحيح لأن كل آراءه صحيحة!..
وأخيراً..
سجالات السوشيال ميديا والحرب فيها أصبحت من الأمور المعتادة، تستيقظ صباحاً لتجد أن عمرواً من الناس يهاجم زيداً ومتابعي كل منهما قد وقعوا في بعضهم البعض.. وكل منهم يؤيد الطرف الذي يتابعه دون تفكير وهو يقع بكل ما ذكرناه في المقال من أخطاء في التفكير وربما أكثر منها.. والنتيجة؟.. لا شيء.. تنتهي الحرب وينطفئ التريند ويعود كل يوتيوبر إلى منزله محملاً بآلاف المتابعين الجدد والكثير من الأرباح التي دخلت جيبه والشهرة التي زادته فخراً بنفسه وغروراً واعتداداً بأفكاره وتمسكاً بها! ولكن أنت كمتابع ما هي الفائدة التي عادت عليك من هذه الحرب؟..
في حالة كهذه يكبر في عيني المتابع العاقل الذي يستمع لكلا الطرفين ثم يبني حكمه بناءً على ما سمعه، ربما لا يكون حكماً صحيحاً لكنه على الأقل حاول دون انحياز أعمى، ويزيد احترامي لذاك المشهور أو اليوتيوبر الذي يتلقى كل ما يتم مهاجمته به دون أي رد، لأن الرد سيولد رداً آخر، ومحاولة التبرير تظهره بأنه متهم عليه الدفاع عن نفسه، بينما قد لا يكون كذلك أصلاً، لذلك حكمة الصمت ثمينة وقليلون من يوفقون لها
Views: 10