في الوقت الذي دعت فيه تركيا لعقد قمة للدول الضامنة في أنقرة، أعلن وزير دفاعها أن مركز العمليات المشترك بين أنقرة وواشنطن والخاص بـ “المنطقة الآمنة” شرق الفرات السوري، سيبدأ عمله بحلول الأسبوع المقبل.
تواصل تركيا تعنتها بخصوص إقامة المنطقة الآمنة رغم كل الرفض الذي تلقاه هذه الخطوة من الجانب السوري والحلفاء، إذ تستغل أنقرة مسايرة حلفاء سورية لجزء من هذه الخطوة وفق مايحفظ السيادة السورية. ويضمن التخلص من المجموعات الإرهابية المسلحة بالتدريج لحصرهم وإضعاف تأثيرهم لحين تطبيق كل الإتفاقات مع تركيا بهذا الشأن. الخسارات الكبيرة في الميدان جعلت تركيا تحاول الالتفاف سياسياً أمام ضغط الميدان، فدعت إلى عقد قمة جديدة في أنقرة مع الروسي والإيراني في أيلول القادم .
هل يمكن أن تكون هذه الخطوة بداية لصفقة ما يتم التحضير لها تضمن لتركيا تحقيق مطالبها الأمنية كما تدعي وتثبت الأمريكي على حساب التركي؟
موضوع المنطقة الآمنة طرح منذ بداية الحرب على سورية ولم يتحقق مع إن ظروف الميدان السوري كانت أصعب، على مايعلق أمله أردوغان رغم فشله المتعاقب؟
إصرار التركي بالتعاون المخفي والظاهر أحياناً مع الأمريكي، مالذي يقف خلفه هل هو لتصدير أزماته الداخلية، أم أنه مازال يسعى لتحقيق أهدافه رغم خسارات الميدان الفادحة؟
ماهي فرص أردوغان الحالية في فرض المنطقة الآمنة، وإلى ماترتهن شروط تحقيفها في الوقت الحالي؟
مالذي يمكن أن يحققه لقاء القمة الذي دعى إليه التركي، وبما يمكن أن يختلف عن سابقيه؟
الأكاديمي والباحث في الشؤون التاريخية سهيل لاوند وصف صورة الواقع المستجد مسترشداً بأن
“موضوع ريف إدلب محسوم سواء في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وماحولها لأنها مناطق ساقطة عسكرياً وحسمها النهائي مجرد مسألة وقت لا أكثر،ليفتح بعدها الطريق إلى المناطق الأخرى شمالاً وشرقاً، وفعلاً موضوع المنطقة الآمنة هو الموضوع الأساس، وهي الوتر الذي لعبت عليه تركيا منذ بداية الأزمة، لأن تركيا كما نعلم جميعاً لديها حلم توسيع حدودها وخاصة الجنوبية على حساب الأرض السورية، ونحن يجب أن لا ننسى أنه لدينا أراض سورية محتلة تركياً شمال سورية ولواء إسكندرون وهذه الأراضي تعادل مساحة سورية تقريباً وهي من أهم وأخصب الأراضي التي استولت عليها تركيا عام 1920 وبعدها 1923 معاهدة سيفر ومن ثم إتفاقية لوزان. الأتراك يريدون الآن إستكمال أحلامهم بعد أن مرت الدولة التركية بفترة جمود وسادها التيار العلماني المتشدد للقومية التركية طوال الفترة الماضية ، أما حالياً فإن الإخوان المسلمين الذين يمثلهم أردوغان بشكل أو بآخر يريدون إعادة أمجاد الخلافة، وأن يكملوا تحقيق أحلامهم التوسعية وإعادة أمجادهم الإمبراطورية من أين توقف السلطان عبد الحميد الثاني، وفي هدفهم خلق منطقة آمنة لتكون في المستقبل لهم بشكل تدريجي وبهدف خلق دولة مثل قبرص التركية على سيبل المثال. بالمقابل هذا الأمر من الصعب أن يتحقق لأن الجيش السوري لايجب الإستهانة به وهو ورقة قوية، و من الضروري بمكان أن يكون هناك موقف داعم للدولة السورية والجيش السوري وهذا الموقف متمثل بالدرجة الأولى بالحليف الروسي ، وأيضاً الإيراني، ولكن الإيراني يمكن أن يكون مجبراً على البحث عن منافذ بسبب الحصار عليه، لذا يمكن التخوف إلى حد ما من أن يجبر على تقديم تنازلات معينة”.
وأشار لاوند إلى أن لقاء القمة إن كان سينتج عنه نتائج ما فهي ستكون بالدرجة الأساس للتفاهم الروسي التركي، ما يعني أن الدور الروسي هو الدور الحاسم في الموضوع، وهذا يرتبط بشرق الفرات بشكل أساسي ومباشر لما فيه من تعقيدات كثيرة وخاصة في ظل سياسة التتريك غير المسؤولة التي تمارسها تركيا في في شرق الفرات بدءاً من نشر المدارس التركية وتغيير المناهج ومنح جنسيات للكثير من السوريين الذين رفعوا العلم التركي وتخلوا عن وطنهم، ومع ذلك طالما أن الجيش السوري موجود وقادر بهذا الشكل فسيكون من الصعب جداً تحقيق أي جزء من أحلام التركي”.
أما بخصوص العلاقة التركية الأمريكية رأي لاوند أن
“العلاقة التركية الأمريكية علاقة قوية وتخدم مصالح مشتركة للطرفين بالرغم من أنه يظهر أن هناك بعض الخلافات في وجهات النظر وظهرت بشكل خاص حول موضوع صفقة صواريخ اس 400 الروسية لتركيا ما أثار غضب الولايات المتحدة ورفضها وحاولت إعاقتها ومنع تنفيذها ورأينا أن الناتو إتخذ بعض الإجراءات والمواقف، والأمريكي كذلك الأمر أوقف برنامج تدريب الطيارين وأوقف صفقة طائرات اف 23 ، مايعني أن تركيا لايمكن أن تنسلخ عن حلف الناتو وهي جزء لايتجزأ منه وستبقى تعمل في إطار السياسة التي يرسمها في المنطقة، ونحن نعلم تماماً أن دول هذا الحلف بما فيها تركيا من الدول التي دعمت الإرهاب وهذا معروف تاريخياً وما يجري حالياً من حرب إرهابية على سورية مدعومة من قبل هذه الدول دليل واضح للعالم أجمع وكل حيثياته وسلوكيات هذه الدول وطريقة تعاطيها مع الحرب على سورية تقطع الشك باليقين بدورهم السلبي فيها .
إعداد نواف إبراهيم
Views: 5