مجددا .. ترسل دمشق كلمتها إلى العالم .. فمن انتصاراتها العسكرية والتي كان آخرها في ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي إلى انتصاراتها الاقتصادية المستمرة حتى آخر أيام معرض دمشق الدولي بدورته الـ 61 والتي تزداد يوما بعد يوم بتحسن عجلة الإنتاج وعودة التصدير والتبادل التجاري بين سورية والكثير من الدول رغم كل القرارات المجحفة بحقها والعقوبات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب عليها.
عقود واتفاقيات وملتقيات اقتصادية
نظرا لكون الهدف الأول من معرض دمشق الدولي البعد الاقتصادي فلا بد من بداية الحديث عن الاتفاقيات والملتقيات الاقتصادية التي شهدها المعرض في دورته الحالية خلال أيامه العشرة مع التنويه إلى أن الكثير من العقود لن يتم ذكرها الآن لأنه تم التواصل والتنسيق بشأنها وسيتم إبرامها والتوقيع عليها بعد إنتهاء المعرض بفترة من الزمن.
الملتقى الثالث لرجال الأعمال السوري الروسي كان باكورة الأنشطة الاقتصادية في المعرض بمشاركة عدد من كبار رجال الأعمال السوريين والروس وتم خلاله بحث آفاق الاستثمار والتبادل الاقتصادي والتجاري وسبل تطويره بين البلدين والفرص الاستثمارية والتجارية والاقتصادية والزراعية في سورية ولا سيما في مرحلة إعادة الإعمار.
بينما عقدت وزارة النقل على أرض مدينة المعارض ملتقى “الاستثمار والفرص الاستثمارية في قطاعات النقل” بحضور عدد من الشركات العربية والأجنبية طرحت خلاله المشاريع الاستثمارية الموجودة لديها بمختلف قطاعاتها بالإضافة لأهم الفرص الاستثمارية بمجال السكك الحديدية والطرق والنقل البحري.
من جهة أخرى وقعت مؤسسة الحاجي لتصدير الخضراوات والفواكه مع البيت السوري في جمهورية القرم الروسية اتفاقية لتصدير كميات من الخضراوات والفواكه وزيت الزيتون بقيمة 2 مليون دولار.
كما أعلن تسعة رجال أعمال سوريون ورجل أعمال لبناني عن تأسيس شركة لتصدير الخضار والفواكه.
كما وقع وفد الاتحاد الوطني للمغتربين السوريين في أوروبا القادم لزيارة المعرض عقدي استيراد إلى أماكن إقامتهم مع شركات غذائية وطنية من القطاع الخاص وذلك بهدف الوصول بالمنتجات السورية إلى الأسواق الأوروبية.
ووقعت عدة شركات محلية في جناح اتحاد الغرف الزراعية على عقود لتصدير 19 ألف طنا من الخضار والفواكه إلى الأردن والعراق ومصر بينما وقعت الشركة الدولية للتقنيات التعليمية السورية مع شركة نوفن الإيرانية المختصة بإنتاج الطاقة الكهربائية بالطاقة المتجددة اتفاقية تعاون لتوليد الطاقة الكهربائية في إحدى المناطق الواقعة بين حمص وحسياء بطاقة إنتاجية مبدئية 5 ميغاواط.
أما بالنسبة لوزارة النفط والثروة المعدنية فوقعت ثلاثة عقود مع شركات روسية في مجال النفط والغاز.
ومن الاجتماعات المهمة التي شهدتها مدينة المعارض لأول مرة ضمن فعاليات معرض دمشق الدولي هو اجتماع اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء الذي اختص بمناقشة سبل تطوير ودعم معرض دمشق الدولي وتلبية مطالب العارضين والمنتجين بما ينعكس إيجابا على الواقع الاقتصادي في سورية.
خدمات مباشرة للمواطنين من قبل المؤسسات الحكومية بشكل مباشر على أرض مدينة المعارض
قدمت أجنحة الوزارات والمؤسسات الحكومية الكثير من الخدمات الخاصة بالمواطنين مثل اصدار الأوراق الثبوتية من مديرية الشؤون المدنية وإدارة الأمن الجنائي وإدارة المرور ضمن جناح وزارة الداخلية كأوراق “براءة الذمة للمركبات” و”لا حكم عليه” و”إخراج قيد فردي وعائلي” وغيرها.
كما قدم جناح المؤسسة السورية للتجارة عرضا كبيرا للزوار من القرطاسية واللباس المدرسي بأسعار وحسومات مناسبة نظرا لتزامن بداية العام الدراسي مع فعاليات معرض دمشق الدولي.
وبالنسبة للخدمات الصحية قدم المركز الصحي التابع لمديرية صحة ريف دمشق خدمات طبية علاجية ودوائية متعددة للزوار بشكل مجاني عبر كادر من 30 شخصا بين طبيب ومسعف وممرض تعاملوا مع حالات إسعافية مختلفة.
وبقية الوزارات والمؤسسات قدمت مختلف منتجاتها ومعروضاتها من جميع القطاعات وشروحات مفصلة للزوار عن أي استفسار يخص معاملاتهم اليومية بالإضافة لإطلاق وزارتي النقل والتنمية الإدارية تطبيقات الكترونية خدمية للمواطنين.
مشاركات أجنبية أكبر من السنوات الماضية
صحيح أن 38 دولة شاركت في دورة هذا العام من معرض دمشق الدولي إلا أن اللافت في هذه المشاركة كان عدد الشركات المتزايد من هذه الدول عن الدورات السابقة من المعرض وبعضها كانت مشاركته الأولى مما يشير إلى مدى اتساع نطاق المعرض واستعادته لألقه الماضي حسب تصريح المدير العام للمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية غسان الفاكياني.
فعلى سبيل المثال ازدادت أعداد الشركات الإيرانية الموجودة هذا العام إلى أكثر من 60 شركة والشركات الجزائرية إلى 18 والروسية إلى 16 شركة من مختلف مناطق الاتحاد الروسي فيما سجلت 7 شركات برتغالية مشاركتها الأولى في معرض دمشق الدولي وهناك الكثير من الدول الأخرى.
وفي تصريحاتهم لوسائل الاعلام أجمع عدد من السفراء الموجودين في المعرض على أن مشاركة بلادهم في المعرض تعبر عن تضامنهم وتأييدهم لسورية وأن الحضور الكبير للشركات ورجال الأعمال وممثلي الدول يعد دليلا على نجاح المعرض وأهميته اقتصاديا وتحديا للإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة.
ولا ننسى وفود المغتربين السوريين التي أتت لزيارة المعرض ومنها وفد من المغتربين السوريين في فنزويلا وعائلاتهم ضم 150 شخصا ووفد كبير من اتحاد طلبة سورية المغتربين في أوروبا.
مطربون سوريون وعرب أحيوا أيام معرض دمشق الدولي
المهرجان الفني للمعرض شهد حضورا جماهيريا كبيرا على مدى 10 أيام تفاعل خلالها زوار المعرض مع الفنانين السوريين والعرب الذين أحيوا حفلات المهرجان الفني المرافق للمعرض ومنهم الفنانون.. “شادي جميل ووليد توفيق وعلي الديك وحسام جنيد ورمزي الشوفي وأذينة العلي وحسين الديك ووائل فرح وسائر ابراهيم وأنس كريم ومراد ملحم وهادي خليل ورضا” وعدد من فناني نقابة الفنانين “أحمد خيري وشادي عبد الكريم ومحمد حمودة”.
وقدمت فرقتا غابالا والمهرة للفنون الشعبية مجموعة من العروض الراقصة بالإضافة إلى كورال مميز قدمه جرحى الجيش العربي السوري.
وعلى الجهة الأخرى حظي زوار المعرض من الأطفال بمجموعة من المسرحيات والعروض الراقصة الخاصة بهم على خشبة المسرح الفني ومنها مسرحية “مغامرات ماشا لفرقة “عمو سعيد” من تأليف وإخراج الفنان سعيد عطايا وعرض راقص لفرقة “بكرا إلنا” وفرقة “شارلي شابلن” بالإضافة لحفل فني أحياه أطفال “ذا فويس كيدز” كمي غرز الدين وتيم الحلبي ونينار دلا.
فنانو الدراما وعرض للطيران الشراعي ومسير للخيول العربية ومعرض الباسل ضمن أيام المعرض
في بداية المعرض على الزاوية اليسارية يلفت انتباهك الازدحام أمام المركز الإعلامي حول مجموعة من فناني الدراما السورية ممن يحضرون يوميا لتقديم عروض درامية إذاعية أمام زوار المعرض بالإضافة إلى حكواتي يقدم قصص تاريخ المعرض منذ افتتاحه وحتى الآن أمام الجمهور مباشرة.
من جهة أخرى تنوعت الفعاليات المختلفة داخل مدينة المعارض فكل يوم يشهد عرضا جديدا أو نشاطا مختلفا ومنها مسير الخيول العربية الأصيلة الذي أقامه مكتب الخيول العربية بوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وتقدمه فرسان الشرطة من بداية طريق المطار وصولا إلى الجناح المخصص لمكتب الخيول العربية في المعرض.
ليس هذا فحسب .. فهواء معرض دمشق الدولي حمل طيارين من جنسيات أوروبية وعربية ومغتربين ليقدموا عرضا للطيران الشراعي فوق أجواء مدينة المعارض من خلال فعالية نظمتها وزارة السياحة بالتعاون مع جمعية نادي الطيران الشراعي السوري مجسدين رسالة المعرض “من دمشق إلى العالم” بطريقة أخرى .. من العالم إلى دمشق.
ومن الأنشطة الأخرى التي شهدتها مدينة المعارض تكريم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بالتعاون مع المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية لـ98 جهة تضم جميع الدول المشاركة رسميا عبر سفاراتها في الدورة الـ61 لمعرض دمشق الدولي ووزارات ومؤسسات وشركات وطنية عامة وخاصة وعربية وأجنبية.
والحدث الأهم الذي يضم ابداعات واختراعات الشباب السوري هو معرض الباسل للابداع والاختراع الذي افتتح فعالياته في جناح ضمن معرض دمشق الدولي بتنظيم من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي وهيئة التميز والإبداع وجمعية المخترعين لعرض 387 اختراعا لـ 827 مشاركا من الجامعات الحكومية والخاصة ووزارة التربية ومنظمات اتحاد شبيبة الثورة والطلائع وهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهيئة البحوث الزراعية وجمعية المخترعين إضافة إلى ثماني مشاركات من جمعية المخترعين العراقيين تنوعت بين الطبية والهندسة الزراعية والأطراف الصناعية والبيئة وفي المجالات التقنية.
كما تضمنت فعاليات المعرض حفل سحب اليانصيب للدورة الخاصة بالمعرض حيث بلغت الجائزة الكبرى 60 مليون ليرة سورية.
أعداد متفاوتة من الزوار وتنظيم جيد ولافت
شهد معرض دمشق الدولي هذا العام زيارات كثيرة لفنانين وإعلاميين عرب أكدوا وقوفهم مع سورية بلد العراقة والأصالة.
ومع وصول عدد زوار المعرض بأيامه العشرة إلى مليون و462 ألف زائر فقد تراوحت أعداد زوار المعرض يوميا حسب المدير العام للمؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية غسان الفاكياني بين 100 ألف و300 ألف زائر يوميا بحركة إنسيابية ومريحة للزوار والسيارات القادمة بالإضافة لتنظيم الإشارات الدلالية بكل أرجاء المدينة والاهتمام بنظافة المكان على مدار الوقت بالإضافة إلى تأمين وسائل النقل اللازمة مجانا من 11 مركز انطلاق من دمشق وريفها مع 150 باصا للنقل الداخلي ورحلات متتالية للقطارات من محطة القدم إلى مدينة المعارض.
وأضاف فاكياني: “لم نتلق أي شكوى خلال أيام المعرض وهذا دليل على ارتياح الزوار والمشاركين”.
على هامش أيام المعرض
انعقدت العديد من الفعاليات الثقافية في قلب مدينة دمشق ومنها معرض لوحات تشكيلية نظمته مديرية الفنون الجميلة لمجموعة من الفنانين السوريين ضمن الأيام الثقافية التي تقيمها وزارة الثقافة على هامش معرض دمشق الدولي وذلك في صالة المعارض بدار الأسد للثقافة والفنون.
وتضمن المعرض مشاركة 23 فنانا بـ23 لوحة حملت موضوعا واحدا وهو مدينة دمشق بحاراتها القديمة ومعالمها الأثرية عكست روح كل فنان وما تمثله هذه المدينة القديمة له.
كما كرمت الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله أيقونة الطرب وسفير الغناء العربي الفنان القدير صباح فخري خلال الأيام الثقافية التي تقيمها وزارة الثقافة على هامش المعرض.
وقدمت الفرقة بمشاركة كبار فناني حلب صفوان العابد ومحمود فارس وأحمد خيري وعبود حلاق وفارس أحمر وأنس صباح فخري روائع ما غناه الفنان الكبير من القدود والمواويل والموشحات والأغاني الطربية والقصائد والطقطوقات وذلك على خشبة مسرح الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون.
كما انطلقت ضمن الأيام الثقافية تظاهرة سينمائية لأحدث الأفلام الأجنبية تنوعت بين أفلام الجريمة والإثارة والكوميديا والدراما والرومانسية والتاريخية وذلك على خشبة مسرح الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون.
ختاماً..
كما في كل عام.. تبعث سورية رسائل الفرح والنصر من قلب عاصمتها دمشق وأكبر هذه الرسائل تصدرها من أرض مدينة المعارض التي عاودت نشاطها منذ ثلاث سنوات رغم الحرب لتخبر العالم أن سورية تنبض بالحياة .. فمعرض دمشق الدولي يعد أكبر التظاهرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المنطقة ويتضمن فعاليات فنية ومعارض تخصصية وعددا من الأنشطة التسويقية والعروض الترويجية التي ينتظرها الزوار سنويا.
والمساحات المحجوزة التي بلغت هذا العام 100 ألف متر مربع وهي المساحة الأكبر في تاريخ المعرض ومشاركة 1700 شركة تدل على مدى أهمية المعرض المتزايدة ولن يحمل ختام المعرض في الـ 6 من أيلول لعام 2019 إلا رسائل مسك تحمل في طياتها وعودا بأن القادم أجمل وأجمل في سورية.
ندى عجيب – سانا
Views: 1