سورية البلد الوحيد الذي مصلحته في استقلال لبنان استقلالاً حقيقياً

يتضح عبث السياسة في مقولة الانعزاليين اللبنانيين بأن سورية «تريد الهيمنة» على لبنان, أي «الإنقاص من استقلاله». العبث الظاهر في أن هذه المقولة تنفيها مصالح سورية بالذات, فسورية هي البلد الوحيد الذي يريد لبنان مستقلاً استقلالاً حقيقياً على عكس فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وكل من لديه مصالح واهتمامات بلبنان..
ليس من الصعب إثبات ذلك استناداً إلى العناصر الطبيعية التي تربط بين البلدين والتي لا يوجد مثيل لها بين لبنان وأي بلد آخر في المنطقة..
الفكرة الأساسية, أن لبنان إذا كان مستقلاً استقلالاً حقيقياً من دون أي تدخل من الخارج, حتى من الدولة السورية نفسها, يكون مع سورية استناداً إلى طبيعة الأشياء وطبائع البشر..
لذلك فإن الرابح في معركة استقلال لبنان هو سورية إضافة إلى لبنان بالطبع. وهذا يعني أن أي تدخل في لبنان وأي إضعاف لاستقلاله هدفه إبعاد لبنان, شعباً وكياناً, عن طبيعته, أي عن اللقاء التام في المصالح مع سورية..
أول عناصر الطبيعة التي تجمع البلدين الجغرافيا. فالجبل متكامل مع السهل وهو بحاجة إليه حاجة الإنسان للغذاء. إن مقولة الانعزاليين في لبنان أن الجبل متفرد ومنعزل ينفيها منطق الحياة. فالجبال تتطلع دائماً إلى السهول في تكامل طبيعي يؤكده العلم باستمرار, والسهل بحاجة إلى الجبل والبحر كي تكتمل دورة الحياة..
وقد أبت الطبيعة إلا أن تصل الجبل والبحر بالسهل فصنعت الفجوة الشهيرة بين طرابلس وحمص كي يتم التواصل بين الفينيقيين (سكان الساحل من أوغاريت وحتى الإسكندرية وتونس) والكنعانيين (سكان السهل السوري) والأنباط (سكان البادية)..
العنصر الثاني هو التاريخ. هنا لا يستطيع أحد أن يقول إن هناك تاريخاً منفصلاً لكل من البلدين. المؤتمر السوري الأول عام 1919 – 1920 كان يمثل سورية ولبنان معاً.
وأرجو من القارئ أن يعود إلى الأديب الفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران الذي يقول «مررت بقانا فوجدت فيها كنيسة قديمة مهجورة, فتنهدت آسفاً وقلت: آه يا بلدي سورية كم من الجواهر مهملة على ترابك». الدكتور فيليب حتي أصدر كتابه في أمريكا في نسخته الأولى بعنوان «تاريخ سورية»، أما النسخ التالية التي صدرت بعد الثلاثينيات فحملت عنوان «تاريخ سورية ولبنان وفلسطين».
أما طبائع البشر فتتعلق بالثقافة والعائلات الواحدة والقرابة وغيرها. ولست هنا في صدد ذكر حقيقة أن أهم العائلات اللبنانية الكبرى من جميع الفئات أصولها سورية بمن فيها مار مارون نفسه. فهذه حقائق معروفة ويمكن العودة إليها عن طريق الإنترنت..
هذا ما كان يعبر عنه القائد المؤسس حافظ الأسد عندما قال «ما بين لبنان وسورية صنعه الله ولم نصنعه نحن»، وهذا يعني أن سورية هي البلد الوحيد الذي من مصلحته أن يكون لبنان مستقلاً كي يكون طبيعياً فبذلك يكون الأقرب إلى سورية، وقد لا تعرف الأجيال أنه نهاية السبعينيات جاء وفد لبناني ماروني إلى دمشق طالباً الوحدة الفورية مع سورية, فأجابها مؤسس سورية المعاصرة، حافظ الأسد: هدفنا هو تأكيد استقلال لبنان لا إلغاؤه (كريم بقردوني في كتابه سنوات إلياس سركيس).
«التدخل» السوري الوحيد الصحيح في لبنان هو دعم لبنان لكي يكون استقلاله حقيقياً وتاماً.. عندها سيكون حتماً شقيقاً حقيقياً لسورية..

Visits: 0

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا