حبيب شحادة – الأيام
تُحيط بها العشوائية من كل جانب. تُشوه عراقتها التاريخية. ذاك حال جامعة دمشق هذه الأيام. حيثُ التشوه البصري سيّد المنظر والرؤية. ورُبّما يَختال المارون من أمامهم. هل هم أمام جامعة دمشق العريقة، أم أمام سوق شعبي يَعج بالبسطات وبِصوت البائعين الطاغي على صوت جامعة دمشق.
على امتداد جسر الرئيس مروراً بالواجهة الأمامية للجامعة تنتشر البسطات من كل حدب وصوب. بسطات بأشكال وصنوف مختلفة تُوفر لزبائنها كل ما يريدون كما يقول المثل الشعبي “من الإبرة للبابوج”. لك عزيزي الطالب والمُدرس الجامعي أن تتخيل فداحة ذاك المثل الشعبي اللصيق بجامعتك. فالمعذرة منكم.
تلك البسطات والعشوائية المُستفحلة تُمثل نكراناً لعراقة الجامعة وفقداناً لبريقها التراثي والتاريخي على يد أناس ربّما كانوا في يوم من الأيام أحد طلابها، لكن هم اليوم أحد بائعيها الجوالين و/ أو المقيمين. وهذا ليس ذنبهم. ولا يبدو ذاك غريباً نتيجةً لعدم الربط بين التعليم وسوق العمل وذاك موضوع آخر.
جامعة تمتد على مساحات واسعة ضمن البرامكة وجسر الرئيس. لكن من المفارقات العجيبة أن تجد البسطات أمام الجامعة وحولها، والكتب (بسطات الكتب) تحت الجسر. وهنا يمكن إسقاط مفهوم البنية التحتية والفوقية للماركسية، ولكن بشكل مقلوب، حيث أضحت الثقافة والفكر بنية تحتية والبسطات بنية فوقية.
والسؤال، من قرر هذا الواقع المقلوب؟ ومن الذي يمنع إعادة قلبه مرة أخرى باتجاه الأفضل؟ حيث الأمر لا يحتاج لدراسات واستراتيجيات وطنية. والحل ببساطة يمكن أن يحصل عبر نقل هذه البسطات العشوائية إلى تحت الجسر، ورفع الكتب لفوقه، وجعل تلك البسطات من الكتب لوحات ثقافية تُضيء مدخل وواجهة وعراقة جامعة دمشق.
ثم أليس من الأحسن بيع الكتب أمام جامعة دمشق بدلاً من بيع الملابس الداخلية وغيرها. يبدو أنّ الملابس الداخلية تُشعل العقل والفكر أكثر من الكتب ومحتوياتها. وإلا لكانَ مسؤولو الجامعة والمحافظة قد تحركوا ولو بالحد الأدنى ورفعوا صوتهم عالياً مُطالبين بنسف هذه العشوائية البصرية المُدمرة.
الأيام
Views: 1