شهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية أمس (الاثنين)، ارتفاعاً هو الأعلى منذ أسابيع، إذ وصل تجاوز 2450 ليرة، ما استدعى تدخل القضاء اللبناني لمحاولة لجمه عبر ملاحقة صرافين غير مرخص لهم، علما بأن سعر الصرف الرسمي المحدد من قبل المصرف المركزي لا يزال مثبتاً بين الـ1507 والـ1517 للدولار الواحد.
ويأتي ذلك بعدما أُعلن عن اتفاق بين الصرافين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة على تثبيت سعر الصرف بنحو ألفي ليرة، وهو ما لم يجد طريقه إلى التنفيذ، فيما يربط الخبراء هذا الارتفاع بتراجع عرض الدولار في السوق، نتيجة الإجراءات المصرفية التي تمنع سحب المودعين لودائعهم، إضافة إلى القلق من القرار الذي ستتخذه الحكومة اللبنانية حيال تسديد استحقاقات اليوروبوندز.
هذا الوضع دفع المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم إلى استدعاء نقيب الصرافين محمود مراد للاستيضاح منه عن البلبلة التي شهدتها السوق الموازية. وقال مراد لـ«وكالة الأبناء المركزية»: «شرحنا للقاضي إبراهيم أسباب ارتفاع سعر الدولار. فالهجمة الكبيرة على الشراء أفلتت السوق، وما يطمئننا أن الجهات القضائية وضعت يدها على الملف». وأوضح أن «عدد المواطنين الذين تهافتوا اليوم على الدولار أشبه بجمهور فريق النجمة (نادي كرة لبناني له شعبية واسعة)، الهجمة على طلب الدولار الأميركي أمر لا يُصدَّق! فالطلب قوي جداً، في حين أن العرض أقل».
وعزا مراد أسباب هذه الهجمة إلى «معلومات متداولة تفيد بأن المصارف ستؤمّن الدولار للمودِعين كل 15 يوماً فقط، وكلما خفّ العرض ارتفع الطلب أكثر من دون أن نتمكّن من تلبيته كاملاً، فيصبح الدولار عملة نادرة يرتفع سعرها».
كذلك لفت إلى أن «تطبيقاً على أجهزة الهاتف الخلوي، عزّز هذا الهلع على شراء العملة الخضراء… فلم تعد الأسعار محدّدة من قِبَل الصرافين، بل عبر هذا التطبيق الذي يسوّق للأسعار بما يؤدي إلى ارتفاعها عند التداول، الأمر الذي أحدث بلبلة في السوق». وأضاف «هذا الوضع يحدث مضاربة ومنافسة بين الصرافين غير المرخص لهم، وأولئك الذين يبيعون التجار بأسعار مرتفعة ويشترون بأسعار مرتفعة أيضاً، ما أدى إلى ضرب السوق».
وأشار مراد إلى «إقفال محال عدة غير مرخّص لها بالشمع الأحمر، ووضعت الجهات القضائية يدها على الملف، وتعمد حالياً إلى ملاحقة الأشخاص المنتشرين في الشوارع للمتاجرة بالدولار… وهذه ظاهرة غير سليمة، حيث أصبح نصف الشعب اللبناني يتاجر بالعملة الخضراء. ونأمل مساعدة القضاء، في التخفيف من الهجمة على الدولار».
من جهتها، قالت الخبيرة الاقتصادية فيوليت بلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الارتفاع ناتج عن القلق حول عدم وضوح رؤية الحكومة حيال استحقاق تسديد سندات اليوروبوند من عدمها، وذلك قبل الاجتماع المتوقّع مع وفد صندوق النقد الدولي، إذ ستكون هناك مفاعيل سلبية لأي خيار سيتخذ». وتضيف «من هنا فإن اهتمامات المتعاملين في السوق والمستثمرين والمودعين، تميل إلى القلق أكثر منها إلى الاطمئنان لعدم وضوح المسار المستقبلي لهذا الملف الذي يرتب على لبنان تداعيات طويلة الأمد، إضافة إلى ما يرافق هذا الأمر من شائعات بأن هناك اتجاهاً لتثبيت سعر الصرف في المصارف على الألفي ليرة، وهو ما يزيد من هذا القلق ويجعل الناس يتسابقون للطلب على الدولار الذي يعتبرونه ملاذاً آمناً بالنسبة إليهم».
Views: 9