مع الجهود الصحية الحكومية والشعبية المبذولة حتى الآن في مكافحة الكورونا، تبقى المشكلة الاقتصادية في غرفة الانتظار، في ضوء توقعات التقرير الصادر عن بنك اوف اميركا – ميريل لينش بأن لبنان «قد يواجه أزمة سيولة في منتصف ٢٠٢٠، اذا استمر الشلل السياسي والأزمة المالية واذا لم يتم اتخاذ أي اجراء»، وهي توقعات عندما صدرت لم تكن أزمة الكورونا ترخي بثقلها على موازنة الدولة وعلى ما تبقى من السيولة النقدية والوضع الاقتصادي الذي لم تتخذ الحكومة الجديدة بشأنه أي اجراء حتى قبل أزمة الكورونا (فكيف ما بعدها؟) بما زاد من جدية التوقعات الواردة في التقرير عن أزمة السيولة: «ان المدفوعات الرئيسية التي تتوجب على الدولة اللبنانية بدءا من آذار (في اشارة الى موعد الاستحقاق الأول لسندات اليوروبوندز) قد تكون كبيرة للغاية بالنسبة الى لبنان مع ديون بـ88.4 مليار دولار (154.5% من اجمالي الناتج المحلي) 33.3 مليارا منها بالدولار (بما يوازي 55.1 مليار دولار بالليرة اللبنانية).. وإنّه «اذا استمر الدفق المالي بالتراجع والانفاق المالي بالازدياد على هذه الوتيرة، فإن احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية ستستنفذ بحلول نهاية النصف الأول من العام ٢٠٢٠!».
وإلى هذا التوقّع، هناك توقع آخر في التقرير هو «استبعاد احتمال أي دعم عربي للحكومة اللبنانية في ظل التوجهات السياسات الحالية»، التي لم تحسم الحكومة أمرها بشأنها حتى الآن بما يعرقل الحصول لا على الدعم العربي ولا على تجاوب صندوق النقد الدولي، الذي يشير التقرير الى ان «تقييمه لسعر الصرف المفرط في القيمة، والدين الخارجي، وباقي الديون الحكومية في ظل السياسات الحالية، يوحي بشروط صارمة لتبرير أي تمويل».
وهكذا مع تصاعد الأزمات المتواصلة والكورونا المستجدة وضغوطاتها البالغة على السيولة والاحتياطيات، والارتفاع المتواصل في الدين العام وغياب الاصلاحات وتأثيرات كل هذه العوامل على موقف الدائنين الأجانب وعلى مدى تجاوب الدول المانحة في أي قروض أو مساعدات دولية أو عربية في ظل التوجهات السياسية الحالية؟
وأمام هذا الوضع، ورغم تركيز الحكومة حتى الآن، على مكافحة الوباء حرصاً على صحة اللبنانيين، الا ان «الوباء الاقتصادي» ليس أقل أهمية، والعنصر الرئيسي فيه هو: السيولة التي تكاد «تنشف لدى القطاعين العام والخاص، ولدى مئات آلاف اللبنانيين، مع توقف حركة الودائع إلى لبنان، والقيود على السحوبات المصرفية، وجمود الائتمانات وحركة الأسواق، وارتفاع البطالة ومعها معدلات الفقر إلى حدّ التحذيرات الدولية والمحلية من وصول المرحلة ودون مبالغة لدى فئات ومناطق لبنانية متعددة إلى درجة الجوع! الذي بدأت تظهر علاماته وملامحه، وسط حملات شعبية لمساعدة العائلات المحتاجة تطوعاً علناً أو سراً في عمليات «إعاشة» أعادت الذاكرة الى الظروف القاسية التي شهدها لبنان في زمن الحروب الكبرى!
Views: 5