يبدو أن العالم أصبح مُجبراً على التعايش مع فيروس كورونا، بانتظار توصل المختبرات المتنافسة في الدول الصناعية الكبرى إلى التركيبة المناسبة لمكافحة هذا الوباء، الذي شل الحركة في الكرة الأرضية برمتها، في الشهرين الماضيين.
بدأت عواصم القرار الدولي تعلن استسلامها للأمر الواقع الذي فرضه «كوفيد ١٩» عليها، بعدما حاولت عبثاً التصدي للعدو غير المرئي بتدابير احترازية بدائية، قضت بتوقيف كل نشاطات الحياة اليومية، وتعطيل الصناعات والمؤسسات الإنتاجية والتجارية، وتجميد الدراسة في المدارس والجامعات، وتحويل المدن والساحات إلى ما يشبه الكهوف المهجورة.
التعايش مع وباء الكورونا يعني عودة الحياة إلى طبيعتها رويداً رويداً، وإعادة فتح المصانع والمتاجر وكل المؤسسات الإنتاجية والمالية، والتمهيد لاستئناف الدراسة في الجامعات والمدارس، وإلغاء كل التدابير الاحتياطية التي تم اتخاذها سابقاً، وتسببت في إفلاس العديد من الشركات والمؤسسات، وإلى تشريد ملايين الموظفين والعمال من وظائفهم، من دون أن يؤدي ذلك إلى وقف انتشار هذا الفيروس الخبيث.
قرار الحكومة إعادة فتح البلد جزئياً هو خطوة بالاتجاه الصحيح، خاصة إذا قامت القوى الأمنية والشرطة البلدية في مختلف المناطق بمهام المراقبة في تنفيذ الإجراءات الوقائية الضرورية، بالنسبة للتباعد الاجتماعي، وتجنب الاحتشاد في الأماكن العامة، وتوزيع الطاولات في المطاعم على مسافات مدروسة، والإبقاء على التدابير الاحترازية في المحلات العامة والسوبرماركت، من تعقيم وتقديم الأقنعة والقفازات البلاستيكية.
الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلد لا يحتمل الاستمرار في سياسات العزل والحجر التي طُبقت في الشهرين الماضيين، لأن البلد محاصر أساساً بسلسلة من الأزمات الخانقة، أدت إلى تفاقم معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر، إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة بعدما تبين أن قهر الكورونا والتغلب على مخاطرها قد يحتاج إلى أشهر أخرى.
العودة إلى الحياة الطبيعية تعني أن هدنة كورونا السياسية القسرية قد انتهت، من دون أن تستفيد منها الحكومة في تحقيق الحد الأدنى من الإنجازات لتستعيد بعضاً من الثقة المفقودة بالدولة، داخلياً وخارجياً، حتى تتمكن من تحقيق الخطوات القادرة على إخراج البلاد والعباد من هذا النفق المظلم!
Views: 8