في ظل الخروقات المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار في محافظة ادلب السورية من المسلحين الموالين لتركيا، كشفت مصادر اخبارية عن اول غارة روسية استهدفت تجمعات المسلحين في إدلب منذ اتفاق موسكو، اثر معلومات عن تحضيرات تقوم بها فصائل ادلب لتنفيذ هجمات على مواقع الجيش السوري. يأتي ذلك بعد تمكن دورية مشتركية روسية تركية من اجتياز مدينة اريحا على طريق حلب اللاذقية الدولي، بعد تعثر 12 محاولة خلال الشهرين الماضيين.
العالم-تقارير
في وقت كثفت فيه الفصائل المسلحة انشطتها ودعواتها عبر صفحات تابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعارضة الدوريات الروسية في مناطق خفض التصعيد بمحافظة ادلب السورية، بالإضافة إلى معلومات ميدانية عن وجود تحركات للحشود المسلحة مدعومة تركيا في شمال البلاد، كشف موقع راي اليوم أن الطائرات الحربية الروسية شنت غارة تحذيرية على تجمعات لمسلحين موالين لتركيا في إدلب حيث حلقت الطائرات بشكل مباغت في منطقة جبل الزاوية بعد أن كان المسلحون يحشدون قوات يبدو انها تحضيرات لبدء هجوم على مواقع الجيش السوري.
وتعد الغارة التي شنتها الطائرات الروسية هي الأولى فوق إدلب بعد توقيع اتفاق موسكو في 5 آذار/مارس الماضي، وتبدو الغارة شارة تحذيرية من موسكو لأنقرة أيضا، إذ تتحدث المصادر أن هناك تأثرا لدى فصائل إدلب بما يسمونه انتصارات ساحقة للقوات الموالية لتركيا في ليبيا، وهو ما أثار موجه من المطالبات بفتح الجبهات في ادلب مجددا، وقد تكون أنقرة تفكر بالشيء ذاته، ما يهدد اتفاق وقف النار في ادلب الموقع في موسكو، بحسب الموقع.
وفي هذا السياق أفادت عدة مصادر عن دخول رتل عسكري تركي يضم نحو 100 آلية عسكرية من معبر كفر لوسين إلى نقاط المراقبة التركية بريف إدلب السوري. واشارت الى ان الرتل يضم نحو 100 آلية عسكرية بينهم 15 دبابة، وعددا من مدافع الهاون، ومدافع الهاوتزر، وسيارات نقل عسكرية، وشاحنات ذخائر ومعدات لوجستية وآليات تحصين، كما أدخلت القوات التركية اليوم قافلة من الشاحنات المحملة بمواد لوجستية لتعزيز نقاطها بمنطقة رأس العين بريف الحسكة.
وتوصل الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، في لقاء قمة عقد في موسكو في 5 آذار/ مارس 2020، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب. وجاء الاتفاق الذي قُدّم بوصفه ملحقا لاتفاق سوتشي لعام 2018، على خلفية التصعيد الكبير الذي شهدته إدلب عقب عملية شنها الجيش السوري لتحرير ادلب من سيطرة المجموعات الارهابية المسلحة، وتحولت إلى مواجهة مباشرة مع وحدات من الجيش التركي، أدت إلى مقتل 33 عنصرا منها في 27 شباط/ فبراير 2020.
وتحاول تركيا وبشتى الطرق إبقاء تواجدها العسكري في محافظة إدلب السورية بعد إدخالها قوات إليها في أيار/مايو عام 2017 الى شمال سوريا، حيث تدعم الفصائل المسلحة أمام تقدم الجيش السوري في ادلب، أو تحاول التدخل لمنع ذلك بشكل مباشر بإطلاق هجمات ضد وحدات الجيش السوري، مثل ما حدث في نهاية فبراير/ شباط الماضي، قبل أن تتوقف الهجمات بتوقيع اتفاق موسكو لوقف لإطلاق النار في ادلب برعاية موسكو وانقرة.
وكان السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، قد أكد في مقابلة أجرتها معه صحيفة الوطن السورية الخميس 21 أيار الجاري، أن “لدينا انطباع بأن الإرهابيين المسيطرين على إدلب، مثل هيئة تحرير الشام والتجمعات المشابهة ليسوا راضين بأن موسكو ودمشق تنفذان التزاماتهما بدقة ولا تسمحان باستئناف العنف في إدلب الكبرى، وهذا الأمر تحديداً يدفع الإرهابيين لمواصلة محاولاتهم زعزعة الوضع، واستفزاز الجيش العربي السوري ودفعه لرد فعل عنيف في إدلب، حيث سيشكل ذلك ذريعة لهم لشن الحملة التشويهية الجديدة ضد الجيش العربي السوري، على أمل تدخل رعاتهم الأجانب بشكل أو بآخر”.
ومضى قائلاً: “من ناحية أخرى فإن الأراضي التي تحت سيطرة المتطرفين في إدلب تتقلص مساحتها، على حين تحشد هناك العصابات المسلحة المختلفة الانتماءات بما فيها الأجنبية، وعندما لا ينجحون في المعارك ضد الجيش العربي السوري، ينزلقون إلى الخلافات والاقتتالات الداخلية، ويرهّبون السكان المحليين، كما يتلاعبون بالمساعدات الإنسانية، وفي الوقت نفسه يطردون المنظمات الإنسانية الحقيقية، وعلى رأسها الهلال الأحمر العربي السوري”.
ولوّح السفير بإمكانية استئناف المعارك لاستعادة كامل إدلب، قائلاً: “كل هذه الحقائق معلنة ومعروفة للجميع، وتدل بكل وضوح على أن إدلب ليست ما يسمونها الملجأ الأخير للمعارضة المعتدلة، ولكنها معقل الإرهابيين والمجرمين الذين لا يجوز التسامح بوجودهم إلى الأبد. ننطلق من أن اتفاقات وقف إطلاق النار في إدلب أياً كانت لا تلغي ضرورة مواصلة محاربة الإرهاب بلا هوادة فيها، وإعادة الأراضي المذكورة تحت سيادة السلطات السورية الشرعية في أسرع وقت”.
والخميس الماضي، تمكنت دورية مشتركة روسية تركية من اجتياز مدينة أريحا على طريق حلب اللاذقية، والمعروف بطريق “M4” الدولي، بموجب اتفاق موسكو، وذلك بعد 12 محاولة فاشلة خلال 66 يوما بسبب المضايقات والتهديدات التي تعرضت لها من الفصائل المسلحة كالاحتجاجات المناوئة لتسييرها وتعرضها لتفجيرات من قبل المسلحين.
واجتازت الدورية المشتركة الروسية التركية التي تحمل رقم 12، ولأول مرة بلدة أورم الجوز التي تبعد 4 كيلومترات عن جسر أريحا موقع وصول الدوريات الأربع السابقة، وصولا إلى قرية القياسات المتاخمة لبلدة كفرشلايا والتي تبعد عن بلدة ترنبة نقطة انطلاق الدوريات غرب سراقب بريف إدلب الشرقي نحو 27 كيلومترا، وهي المسافة التي استطاعت الدوريات قطعها في منطقة شبه سهلية من أصل 70 كيلومترا عند بلدة تل الحور أقصى ريف المحافظة الغربي حيث التضاريس وعرة جدا.
وتربط بلدة أورم الجوز، ذات الموقع الإستراتيجي، شبكة طرق مع البلدات المجاورة ولاسيما الواقعة في جبل الزاوية حيث المعقل الرئيسي لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي، وان تخطي الدوريات المشتركة هذه البلدة لا يعني التخلص من المشاكل والعراقيل التي تعترض مسير الدوريات مثل نقاط اعتصام المحتجين كما في بلدة النيرب وتحت جسر أريحا، اذ ينتظرها عقبات أخرى كثيرة.
وترى المصادر السورية انه يستوجب على الدوريات المشتركة التغلب على تحديات كثيرة مستقبلا، منها تجدد الاحتجاجات المناوئة لتسييرها في النقاط السابقة أو نقاط جديدة اخرى وتعرضها لتفجيرات من مسلحين، كتلك التي استهدفتها قرب مدخل أريحا في 12 ايار الجاري، أما العقبات الأكبر التي تنتظرها فتتمثل في طبيعة المنطقة الجغرافية فيما تبقى من مسيرها ضمن الشريط الآمن على ضفتي M4، حيث الجبال العالية والوديان وانتشار إرهابيين لتنظيمات قاعدية كحراس الدين وأنصار التوحيد والحزب التركستاني والتي سبق وأعلنت رفضها لتسيير الدوريات، ولكل مسارات التسوية، وهددت باستهدافها.
وكالات
Views: 4