تنطلق فلسفة أرسطو الأخلاقية من قاعدة عرف فيها الإنسان أنّه مدني اجتماعي بطبعه فهذه الفطرة تجعل الإنسان متشوّقاً للاجتماع مع غيره وهذا الشوق يدفع إليه السعي لتكامل القدرات وتأمين الحاجات اللازمة من أجل تحقيق سعادة المجتمع وسعادة الفرد، فالسعادة التي تحصل استناداً إلى السيرة الحسنة والعمل المنضبط والأفعال الطيّبة هي غاية الاجتماع البشري،..
واتجه أرسطو إلى استقراء الواقع لتحديد القيم الأخلاقية ولتحديد مفهوم السعادة مقرّراً أن كل معرفة يجب أن تسعى إلى وضع منهج يساعد على تحقيق ما فيه خير الإنسان، ورأى أن القادة السياسيون وواضعو النظريات الإصلاحية وكذلك المفكرون الاجتماعيون عليهم جميعاً أن يوجّهوا عنايتهم إلى الخير المحقّق للسعادة وأن يكون ذلك في ذروة أهدافهم وغايتهم..
وعلى الرغم من أنه قد حدّد خير الإنسان والمجتمع بالسعادة المرتبطة بالنفس والبدن معاً إلا أنه أعطى الأولوية للنفس في فعل الخير وسلوك طريق الفضيلة، لأن الإدراك العقلي الخاص بالإنسان يجب أن يكون المرشد والضابط لحركة الإنسان حتى يتحقّق الخير ويتصف سلوكه بالفضيلة، فسلوك الإنسان يتّجه إلى الكمال كلما كانت أفعاله محكومة بالتعقّل والرويّة لأن وجود القناعات بقيم فاضلة هو الذي يجعل السلوك في حالة سموّ دائم وسعي متواصل باتجاه قيم الخير من أجل مزيد من الكمال.
Views: 1