الاحتقان في ذروته حاليا بين المحورين الإيراني والأميركي، لكن لا شيء يوحي باحتمال وقوع حربٍ كبرى لأن لا أحد قادر اليوم على تحمّل نتائجها التدميرية. لذلك فمن المتوقّع حصول صدامات عسكرية أو معارك محدودة ومؤلمة، الا اذا غامرت إسرائيل بما هو أوسع.
ماذا في المؤشرات؟
· سلسلة تفجيرات في ايران، يُعتقد أنها مزيجٌ من هجمات إسرائيلية بالصواريخ أو التكنولوجيا، ومن أعمال تخريبية داخلية غير معروفة المصادر والجهات والأسباب بعد.
· اذا كان ثمة هجمات إسرائيلية، فهذه لا تحدث عادة بلا غطاء أو ضوء أخضر أميركي، لأن أي رد إيراني واسع يفترض انخراط اميركا المباشر للدفاع عن “إسرائيل”.
· التكتم لا يزال كبيرا من قبل السلطات الإيرانية، الا ما يتعلق منها بشكوى الى مجلس الأمن ضد إسرائيل، وبمعلومات إيرانية وأيضا من وكالة الطاقة الدولية عن الخسائر في موقع “ناتنز” النووي الشهير. حين يحصل تكتّم الى هذه الدرجة، فهذا يعني، اما عدم الرغبة بتحديد الفاعل لان ذلك يُلزم بالرد، او انتظار لحظة مناسبة للرد بمستوى الهجوم نفسه.
· اتفاقية عسكرية استراتيجية إيرانية-سورية، اُعلن منها، عمداً، تعزيز الدفاعات الجوية السورية قبل أيام . دمشق لا تحتاج لدفاعات في حربها الداخلية ضد الإرهابيين او المعارضة المسلحة، فالغطاء الجوي الروسي كبير ومهم. وبالتالي فان الإعلان عن دفاعات إيرانية، هو رسالة واضحة باتجاه “إسرائيل” التي كثفت في الاشهر الماضية استهدافها للمواقع الإيرانية ومصانع الاسلحة ومخازن الصواريخ المخصصة لحزب الله.
· ثمة تعزيز واضح للقوات السورية والإيرانية في المناطق المتاخمة للأميركيين والأتراك على الأراضي السورية. وقد كانت زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الى تلك المناطق مؤخرا قبيل الاتفاقية العسكرية، مؤشرا على استعدادات لأعمال عسكرية قريبة. وهي الاعمال التي يتوقع قادة عسكريون اميركيون وبينهم قائد المنطقة الوسطى ان تستهدف القوات الأميركي
هذه مؤشرات على احتمال وقوع مواجهات عسكرية محدودة، كمثل القيام بعمليات ضد القوات الأميركية في الأراضي السورية تُنسب الى فصائل او عشائر وليس الى الجيش السوري او القوات الإيرانية او حزب الله، وهي مؤشرات ايضا على ان إسرائيل تستعجل وتكثف استهداف الأراضي الإيرانية والقوات الإيرانية وحزب الله على الأراضي السورية قبيل الانتخابات الأميركية، فالغطاء الذي تحصل عليه الآن من دونالد ترامب قد ينتهي اذا ما سقط في الانتخابات.
ايران تُريد طبعا التفاوض تماما كما اميركا لكن كل واحدة بشروطها. حصلت مؤشرات حسن نوايا مؤخرا ( اطلاق سراح سجناء) وثمة وسطاء ناشطون، لكن يبدو ان الفترة المتبقية للانتخابات تحتاج الى رفع مستوى الضغوط من الطرفين، ولعل ايران وحلفاءها الذين يختنقون بالحصار الاقتصادي، سيجدون انفسهم مضطرين للرد بقوة على الاستهدافات المُباشرة، لكن دون إيصال الأمر الى حد الحرب .ولو شاءت ايران الحرب لكانت فتحتها اثناء اغتيال ابرز قائد عسكري عندها اللواء قاسم سليماني. وثمة من يقول ان ترامب نفسه الذي آثر طيلة عهده عدم الانخراط في حروب، قد يجد ان فتح مجالات عسكرية أمرٌ حتمي اذا ما شعر باحتمال السقوط في الانتخابات
يبدو أن التصعيد فعلا قادم، لكن الهدف حتى الآن تفاوضي، وليس لأجل حرب واسعة. أما الخطر الحقيقي فيأتي حاليا من جانب اسرائيل التي ستغامر بهجمات أكثر في المرحلة المقبلة لقناعتها بأن هذه فرصتها الذهبية لمنع ايران من تطوير ترسانتها خصوصا في سوريا ولبنان، أو لمنع أي تقارب بين ايران وترامب في المرحلة المتبقية للاستحقاق الانتخابي. فالرجل لن يتوان عن الذهاب نحو صفقة اذا ما شعر بأنها مفيدة له، تماما كما لن يتوان عن عمل عسكري اذا كان الأمر يخدمه.
الكاتب
سامي كليب – موقع :” خمس نجوم”
Views: 5