أن يأتي “الدولار الطالبي” متأخراً، ليس خيراً من ألا يأتي. فهو يعني تفويت عام دراسي على نحو 10 آلاف طالب يتابعون تحصيلهم العلمي العالي في الخارج.
الأشهر الإثني عشر الماضية لم تكف المسؤولين لحسم خياراتهم وإنصاف طاقات لبنان المستقبلية. فشلوا في إقرار مشروع قانون “الكابيتال كونترول” الذي تضمن سقفاً بقيمة 50 ألف دولار لغرض تسديد نفقات الطلاب في الخارج، بعد الكثير من الأخذ والرد وتقديم أكثر من مشروع معدل. استغنوا عن صلاحياتهم تاركين لمصرف لبنان حرية التصرف، فأصدر الأخير في 19 آب الماضي القرار الاساسي رقم 13257 الذي هو أشبه بتمنٍّ على المصارف القيام بعمليات تحويل الاموال الى الخارج من حسابات عملائها الجارية بالدولار فقط، لتأمين تسديد الاقساط بسقف 10 آلاف دولار وللعام 2019-2020. ومع انطلاق العام الدراسي في الكثير من الجامعات الاجنبية، قدّموا متأخرين اقتراح القانون المعجّل المكرّر الرامي الى “إلزام مصرف لبنان صرف مبلغ عشرة آلاف دولار اميركي وفق سعر الصرف الرسمي للدولار “1515” عن العام الدراسي 2020 -2021″. فهل يُبصر “الدولار الطالبي” مع هذا القانون النور قبل فوات الأوان؟
“إلزام مصرف لبنان بتأمين الدولار بحسب سعر صرف 1515 هو الامل الوحيد المتبقي أمامنا لاكمال تعليم أولادنا”، يقول عضو لجنة أهالي الطلاب اللبنانيين الموجودين في الخارج اسامة عبد الواحد. “خصوصاً مع استنسابية المصارف في تطبيق تعميم المركزي رقم 153 الذي يجيز لنا تحويل مبلغ 10 آلاف دولار من حساباتنا بالعملة الاجنبية إلى الخارج”. وبحسب عبد الواحد فان “المصرف الذي رفض تقديم طلبه تبعاً “للتعميم”، قال له بصريح العبارة: “لم يُقبل لغاية اللحظة أي طلب تقدمنا به”. وبرأي عبد الواحد فان “التحويل يخضع للمحسوبيات، وبامكان المصارف بحسب قوة “الواسطة” أن تحول لمن تريد، حتى ولو كان التسجيل وهمياً ويهدف فقط لتهريب الاموال والاستفادة من الـ 10 آلاف دولار المحولة نقداً إلى الخارج”.
القانون المعجّل المكرّر الذي تعمل عليه لجنة فرعية مصغرة في مجلس النواب، يحاول تفادي العراقيل والمطبات الواردة في تعميم مصرف لبنان. خصوصاً لجهة عدم حصر التحويل بمن يملك حساباً مصرفياً بالدولار، بل السماح لمن يملك حساباً بالليرة اللبنانية وللذين لا يملكون حسابات مصرفية، ان يحولوا 15 مليون ليرة على 1515 من الحساب أو نقداً إلى 10 آلاف دولار.
على الرغم من هذا التعديل الجوهري إلا ان القانون الذي يناقشه النواب لا يخلو من بعض العراقيل. إذ انه ينص مثلاً، على ضرورة تقديم المستفيد عقد إيجار في الخارج. وهو ما لا يمكن تأمينه في حال كان الطالب يسكن مع زملائه أو عند أقاربه أو في منامة الجامعة. كما ان القانون المقترح لم يحسم بعد مصير الطلاب الذين يسكنون مع ذويهم في الخارج، سواء كان الاهل يمتلكون حساباً مصرفياً في الداخل أم لا. وكيفية تسديد الدفعات، فهل تدفع نقداً للاهل او تحول على دفعات أم تحول بشكل مباشر إلى الجامعة في الخارج. وكيفية ضمان ألا يتاجر البعض في القسط، فيتسجلون في الجامعات الحكومية شبه المجانية، ويقبضون 10 آلاف دولار بدل ايجار وهمي وكلفة معيشية؟ وكيف سيميزون بين الطلاب الذين يملكون منحاً تعليمية أو مساعدات عن غيرهم؟100 مليون$ إضافية
الكلفة التي سيتحملها مصرف لبنان نتيجة هذا التدبير ستبلغ نحو 100 مليون دولار سنوياً. وبغض النظر عن ان الرقم ليس كبيراً بالمقارنة مع ما يدفع لدعم النفط، الدواء والطحين التي تُهرّب بوتيرة مرتفعة، فان جمع هذا المبلغ مع بقية انواع الدعم سينعكس سلباً على ميزانية مصرف لبنان واحتياطه من العملات الاجنبية الآخذ بالانخفاض. النقاش بتفاصيل القانون كان من المفترض ان يبدأ في 5 آب الماضي، إلا ان انفجار المرفأ في الرابع من آب وما تلاه من استقالة الحكومة وتكليف مصطفى أديب، أخّر جلسة اللجان المشتركة الموكلة البحث بالقانون إلى منتصف أيلول. الاخيرة لم تأخذ القرار، بل حولت المقترح إلى لجنة مصغرة من النواب، ستجتمع الاربعاء القادم لمزيد من النقاش والتعديل. وفي حال موافقة اللجنة يعود المقترح إلى اللجان التي ترفعه بدورها إلى الجلسة العامة للتصويت. في هذه الاثناء آمال الاهالي باقرار القانون تضعف ليس بسبب المماطلة والاختلاف واحتمال عدم تحديد جلسة تشريعية قبل اقفال باب التسجيل في الجامعات الاجنبية… “بل لان السلطة التي لم تسأل عن ضحايا وخسائر انفجار المرفأ لا يُنتظر منها ان تهتم ببضعة آلاف من الطلاب الذين يتخصصون في الخارج”، يقول عبد الواحد. هذا و”تعتبر نقاشات النواب الموكلين دراسة القانون غير مشجعة وليست عند المستوى المطلوب، بحسب مصادر اهالي الطلاب”.
أيام قليلة تفصل الطلاب عن الذهاب الى جامعاتهم أو البقاء في لبنان. والاربعاء لناظره قريب
Views: 6