أكد العلماء أن المذهب السيكولوجي الذي يجعل من الحالة الطبيعية موضوعاً للبحث ويربط المضامين الدلالية بعشوائية السيرة الذاتية الفردية يتغافل ويتجاهل تماماً العنصر المشترك بين الناس جميعاً باعتبارهم كائنات ثقافية، وبناءً على هذه النتيجة توجه فريتس بمقترح يتجلى في ضرورة إحداث تغيير عميق في بنية علم النفس وذلك بإعادة النظر في التمييز بين العلم الخالص والعلم التطبيقي لأن هذا التمييز يستند إلى التمييز بين الإدراك والعمل، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الاستعمال الأداتي للعلم فيه خطأ من حيث إنه قد تجاهل أن الوظيفة النقدية للإبستومولوجيا لا تتحقق إلا عندما يتم اعتماد التغريب كإجراء يسمح للعلماء بنقل أنساق القضايا وقواعد العمل التي تقوم عليها النظرية إلى سياق مقامي غريب عن هذه النظرية..
ولا شك في أن العالم سيملك معرفة أفضل بمنهجية تخصصه كما سيفتح المجال حتماً أمام إجراء مناظرة متداخلة التخصصات، ومن هنا عمل فريتس على الانتقال من نقده العلمي للأداتية إلى تبني المسعى التواصلي لأنه وبحسب بيلرت تعتبر النتائج العلمية بمثابة محصول مشترك أنتجته المجموعة التواصلية بمعنى أن الجانب التواصلي للعلم يحظى بوزن خاص كما يصبح التوحيد بين البحث والتواصل ممكناً فعلاً، وبالطبع إن في هذا رغبة صريحة لإدخال السياق الثقافي في دائرة العلم وضرورة أخذه بالحسبان لأن الإنسان بالنتيجة هو كائن بيوثقافي ولا يمكن بأي حال من الأحوال اختزاله إلى بعد واحد وبالتالي يمكن الاستنتاج بما لا يدعو مجالاً للشك بأن هيربرت ماركيوز قد أخطأ في كتابه الإنسان ذو البعد الواحد.
Views: 7