الاتفاق الروسي التركي المُتعلق بإخلاء النقاط العسكرية التركية في شمال سوريا، له جانبين:
الأول- إخلاء نقاط المراقبة التركية من ريف حماه خصوصًا في مورك.
الثاني- إعادة انتشار القوات التركية في مناطق تل رفعت وعين العرب، وأجزاء من مدينة منبج شرقي حلب.
نتيجة لذلك، يُمكن قراءة هذا الاتفاق مبدئيًا وفق مُعطيين:
الأول- التحضير لعملية عسكرية سورية واسعة النطاق يتم بموجبها استعادة إدلب بشكل كامل، لاسيما أنّ أردوغان لم يعد قادرًا على الذهاب بعيداً نحو الانزلاق أكثر في المستنقع السوري، لأنه يُدرك بأنه سيصبح أمام مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، دون حساب فارق الأعباء السياسية والعسكرية التي ستضعه وجهاً لوجه مع حلفاء دمشق.
الثاني- رغبة تركية برفع الغطاء عن التنظيمات الارهابية خاصة بعد إدراك هذه الفصائل، بأنهم لمّ يكونوا سوى ورقة تُستثمر في البازار السياسي لـ تركيا سواء في سوريا أو خارجها. إضافة إلى إقدام المجموعات الإرهابية من مؤيدي أردوغان، على الاشتباك المسلح مع عناصر الجيش التركي، عندما شرعوا في تنفيذ بنود اتفاق موسكو الأخير بشأن تسيير دوريات مشتركة مع الجانب الروسي، وتأمين مسافة أمان على جانبي طريق M-4 تصل إلى اثني عشر كيلومتراً.
الجانب الثاني المتعلق بإعادة انتشار القوات التركية في مناطق تل رفعت وعين العرب، وأجزاء من مدينة منبج شرقي حلب، فإن هذا الجانب لا يزال غامضًا، لكن على العموم وبحسب قراءاتنا السابقة، فإن الاستراتيجية السورية الروسية تكتيكية، بمعنى حلحلة أوراق الشمال السوري تدريجيا، مع تنسيق الأولويات السياسية وكذا العسكرية.
من الجدير بالذكر، أن محيط النقاط التركية المحاصرة، شهد مظاهرات خلال الأيام الماضية، طالب خلالها أهالي المنطقة بانسحاب الأتراك من مناطقهم، فيما ظهرت معلومات سابقة عن توافق روسي مع تركيا على ضرورة تخفيض عدد قواتها في منطقة خفض التصعيد، إلا أن تركيا استمرت بإدخال التعزيزات والارتال العسكرية إلى المنطقة، قبل أن تبدأ بالتوجه نحو سحب نقاطها.
يذكر أيضاً، أنّ تركيا لم تلتزم بتعهداتها التي وقّعت عليها في اتفاق “موسكو” حول إبعاد المسلحين عن جانبي طريق “حلب-اللاذقية” الدولي، وتسيير دوريات مشتركة مع القوات الروسية لتأمين الطريق، كما أن وجود نقاط مراقبتها لم يمنع الخروقات المستمرة من قبل الفصائل التكفيرية لنظام وقف إطلاق النار.
في المحصلة، وردتنا معلومات من مصادر مؤكدة، تحدثت عن قيام مجموعات تعمل ضمن إطار المقاومة الشعبية، بتنفيذ عمليات نوعية ودقيقة ضد القوات التركية. هذه العمليات تركزت لجهة قنص بعض ضباط وجنود القوات التركية في إدلب وريف حماه، الأمر الذي شكّل إحراجاً للقوات التركية، وبذات الوقت شكّل ضغطًا على سياسات أردوغان في الداخل التركي.
القادم من الأيام سيحمل الكثير من التطورات المتعلقة بإدلب وريف حماه، خاصة أن كل ما حدث وسيحدث لمّ ولنّ يخرج عن توقيت دمشق.
كاتب فلسطيني – رأي اليوم
Views: 2