اذا كانت الآراء النيابية التي أُبديت في استشارات الرئيس المكلّف، لم تخرج عن المألوف، ولا سيما لناحية التمثيل في الحكومة، كما لم تخرج عن سياق التأكيد على حكومة سريعة تتصدّى للأزمة، الّا أنّها اقترنت في مكان آخر مع مجموعة ملاحظات، تتقاطع مع ما هو وارد في البرنامج الاصلاحي المحدّد في المبادرة الفرنسية، اكّد عليها خبراء اقتصاديون تحت عنوان الضرورات والتحدّيات التي يُفترض أن تشكّل برنامج عمل الحكومة الجديدة:
اولاً، ضرورة التوافق الداخلي بين المكونات السياسية على تشكيل الحكومة ضمن مهلة قياسية، والشرط الاساس الّا تكون هذه الحكومة صيغة مستنسخة عن النهج السابق. فتشكيل الحكومة بحدّ ذاته، يساهم بشيء من الإنفراج الداخلي حتى قبل ان تشرع الحكومة بتنفيذ برنامجها.
ثانياً، وضع مقاربة اكثر جدية وصرامة حول كيفية التعامل مع تفشي فيروس “كورونا”، لأنّ هذا الأمر ترك آثاراً كارثية على ما تبقى من نشاط اقتصادي.
ثالثاً، البدء فوراً بإصلاحات عميقة وليس اصلاحات شكلية وسطحية تلامس القشور ولا تمس الجوهر. على ان تطال بالدرجة الاولى القضاء وتأكيد استقلاليته، واستعجال تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني، وعدم تسييس التعيينات الذي يشكل مقتلا لها، ويندرج في هذا السياق الاصلاحي وضع القوانين المعطلة موضع التنفيذ الفوري، والتي تزيد عن 54 قانوناً، وخصوصاً انّ جانباً اساسياً منها مرتبط بالعملية الاصلاحية.
رابعاً، وضع خطة اقتصادية متكاملة، تحاكي ما يعانيه لبنان بصورة دقيقة وليس نظرياً، تُشعر اللبنانيين والمجتمع الدولي بأنّ هناك جهداً جدّياً لإصلاح الخلل في نظامنا الإقتصادي. وهذا يؤدي حتماً الى اعادة انعاش وتشجيع الاستثمار في لبنان وحماية صناعته المحلية.
خامساً، طمأنة المودعين جدّياً على ودائعهم، والشروع فوراً بإعادة تنظيم وهيكلة القطاع المصرفي، بدءًا من مصرف لبنان الى المصارف الخاصة، بعد الانهيار الذي اصاب القطاعين المالي والنقدي، وبعدما سقطت مقولة أنّ المصارف كانت تشكّل للمواطن اللبناني برّ الأمان لقرشه الابيض ليومه الاسود، فإذا بها تظهر على أنّها اكثر سواداً من اليوم الاسود.
سادساً، اعتماد سياسة صارمة لضبط المعابر ومنع التهريب، ووقف الهدر، ورادعة للمتلاعبين بالاسعار، ومافيا التلاعب بالدولار المتحكمة بالسوق السوداء.
سابعاً، استعداد الحكومة الجديدة للذهاب الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، محصّنة من جهة بإجراءات اصلاحية لطالما نادى بها الصندوق والمجتمع الدولي، واكّد انّ حصول لبنان على اي تمويل امر صعب جداً ما لم تنجز الحكومة الإصلاحات المطلوبة والشروع بخطوات وإجراءات مالية ومصرفية، ومن جهة ثانية بتوافق داخلي على صندوق النقد الدولي وبرؤية واحدة وارقام دقيقة وواضحة، وليس على شاكلة فضيحة الاختلاف حول ارقام الخسائر التي سادت مع الحكومة السابقة. فذهاب الوفد اللبناني محصّناً الى المفاوضات مع صندوق النقد، يوفّر على لبنان ما قد يفرضه الصندوق من مطالب وضغوط
Views: 2