البلاد – هاني أسامة ساطع
بدايةً نجد أن ما بين الحلم والحقيقة تمكنت أمريكا بتحويل الدولار من عملة قومية الى عملة عالمية وبعدها صار حملة الأسهم في النظام الإحتياطي الفدرالي يحصلون على دخل من كل دولار ورقي متداول في كل أنحاء العالم وهكذا ظهر الى الوجود نموذج الرأسمالية المالية، ولكي يصبح الدولار الأمريكي عملة عالمية كان على اقتصاد أمريكا الحقيقي أن يندثر بكل بساطة، ونعني بالاقتصاد الحقيقي أي أنه يكون متمثلاً بالسلع والبضائع.
فالدولار الأمريكي هو إيصال دين مثله مثل أي ورقة نقدية ولكي تنتشر هذه الدولارات بكميات كبيرة خارج حدودها يجب أن يكون رصيد الولايات المتحدة الأمريكية سلبياً كما هو الحال اليوم لذلك الرصيد يكون سلبي عندما يزيد الإستيراد على التصدير أي الاقتصاد القومي يفقد قدرته التنافسية ومواقعه في الأسواق العالمية.
استطاع جون كندي الديموقراطي كشف اللعبة وحاول الوقوف في وجه حملة الأسهم في النظام الإحتياطي الفدرالي عن طريق منع هذه العملية العشوائية التي تدمر اقتصاد أمريكا الفعلي ورأى كيف يتحول هذا الاقتصاد الى اقتصاد مالي، غير أن رغبته هذه أوصلته الى نهاية محزنة فقد قتل كندي في دالاس عام ١٩٦٣ على يد هؤلاء لأنهم في أمس الحاجة الى نموذج مالي لاقتصاد أمريكا.
وحتى اليوم بقيَ دونالد ترامب يحاول احياء الاقتصاد الحقيقي في بلاده لكن ليس على خطى كندي وإنما من خلال اعتماده على حلفاءه رؤساء شركات القطاع الحقيقي من الاقتصاد لا الشركات الخاصة التي تسببت حتى الآن بعجز في اقتصاد امريكا بمبلغ قدره ٢٣ ترليون دولار. فإن لم يضع ترامب نهاية لذلك ستتحول أمريكا الى عملاق مستندة على دعائم من طين.
لدى ترامب ثلاثة ركائز: الأولى دولارات الإحتياطية الفدرالية التي تطبع دون تغطية والثانية منتجات هوليوود والثالثة منتجات المجتمع الصناعي الحربي.
والآن بعد أن رُصدت أهداف ترامب بدأت عملية التلاعب في الانتخابات من أجل فوز الديموقراطي جو بايدن القادم من بعيد والذي كان يبتعد بفارق ليس بالقليل عن الجمهوري ترامب.
فهل انتصرت الشركات الخاصة وستكتفي بإستبعاده دون شرعها الى قتله كما قتلت كندي سابقاً أم أن المعركة قد بدأت بينهم للتو وستكون المحكمة القضائية العليا ساحتها وأرض حسمها؟
جو بايدن أحد أبرز المؤيدين لتنمية وتطوير العلاقات الدولية المختلفة التي غابت عنها الولايات المتحدة الأمريكية في الأربع سنوات الماضية فإن نجح وتسلّم رئاسة البلاد سيدخل نفق هذا التحدي من أعتم أبوابه لأن سياسة العلاقات الدولية لم تعد مثلما كانت على سابق عهدها.
ووفق تقارير منظمة نادي روما التي تناولت فيها قائمة المهام العالمية تبين أن مصير العلاقات الدولية هو االزوال.
أول هذه المهام هي تقليص عدد سكان العالم والثانية تراجع استخدام الصناعة في الاقتصاد ونحن نرى الآن ذلك بوضوح لدى كبريات الدول حيث يتم استخدام الآن العبارة الشهيرة “مجتمع ما بعد الصناعة” والمهمة الثالثة هي تآكل السيادة الوطنية أي تدمير الدول القومية عملياً ولهذا نحن أمام أعقاب نهاية العلاقات الدولية والبدء بتشكيل حكومة عالمية موحدة.
بقلم هاني اسامة ساطع
Views: 3