وعد جو بايدن، الذي أعلِن فوزه اليوم، في السباق إلى البيت الأبيض باستعادة الريادة الأميركية وتجميع الحلفاء الديموقراطيين للولايات المتحدة، لكن يجب أن تتعامل سياسته الخارجية مع العالم المضطرب الموروث عن حقبة دونالد ترامب ولا يمكنه ببساطة العودة إلى الوراء.
وكتب نائب الرئيس السابق، بداية العام، في مجلة “فورين أفيرز”، أنّ “صدقيّة الولايات المتحدة وتأثيرها في العالم تراجعا منذ غادرت أنا والرئيس باراك أوباما السلطة”. ووعد بالحرص على أن “تقود أميركا العالم من جديد”، عندها، ستكون القطيعة مع دونالد ترامب حادة في عدة ملفات.
يرغب جو بايدن في أن يقوم منذ أول أيام ولايته في كانون الثاني 2021، بالانضمام مجدداً إلى اتفاق باريس حول المناخ الذي انسحب منه الرئيس الجمهوري، ويعيد العلاقات مع منظمة الصحة العالمية التي جرى التخلي عنها في خضم جائحة كوفيد-19.
واقترح أن ينظم خلال أول عام له في البيت الأبيض “قمة للديموقراطيات” لتحسين صورة الولايات المتحدة وإعادة تأكيد التزامها بالتعددية القطبية التي تعرضت للتشكيك طيلة أربعة أعوام، وإصلاح العلاقات مع الحلفاء الغربيين التي أضرت بها الديبلوماسية الترامبيّة.
مواجهة مع الصين
تعتبر سيلينا بيلين من “معهد بروكينغز” للأبحاث، أنه “ثمة تهديد” بأن يرى بايدن (77 عاماً) العالم “على النحو الذي تركه عند مغادرته منصبه وليس كما يبدو اليوم”، وبالتالي يسعى إلى “العودة إلى الوضع العادي”.
وأضافت في تصريح لوكالة “فرانس برس”: “لكن العالم تغيّر وغيّر ترامب قواعد اللعب في مواضيع عدّة”.
من جهتها، قالت كاترينا موليغان من مركز “أميريكان بروغريس”، القريب من الديموقراطيين: “بصفة عامة، لا أظن أن سياسة بايدن الخارجية ستكون نسخة معادة من السياسة الخارجية خلال حقبة أوباما”. وتابعت أنه “يجب خلال هذه الولاية الرئاسية التعامل مع صعود السلطوية وحقيقة أن الديموقراطية لم تعد تتمدد في العالم”.
وأوضح وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمونت بون، أنه على القارة العجوز عدم توقّع أن “يكون الوضع مثلما كان قبل انتخاب الرئيس ترامب”.
وأضاف أمام صحافيين في واشنطن: “أظن أن بعض توجهات رئاسة ترامب -الضغط على الاتحاد الأوروبي في موضوع جهود الدفاع والموقف الصارم حول التجارة والمواجهة مع الصين- ستتواصل بطريقة أو بأخرى”.
أسلوبان متناقضان
بعيداً عن الأسلوبين المتناقضين والتكتيكات المختلفة، لا وجود لفروقات بين دونالد ترامب وجو بايدن حول مواضيع مهمة.
أراد الأول، الوافد الجديد على عالم السياسة، “وضع حد للحروب بلا نهاية”، وبدأ في سحب الجنود الأميركيين من سوريا والعراق وأفغانستان.
أما الثاني فقد عمل سناتوراً لمدة 36 عاماً، وله حصيلة ثقيلة من أبرز محطاتها التصويت لصالح غزو العراق عام 2003. لكنه أقرّ بـ”الخطأ” في هذا الموضوع وصار مقتنعاً أن الرأي العام ملّ من التدخلات العسكرية.
لذلك من المستبعد أن يرسل الديموقراطي قوات كبيرة إلى أفغانستان، وهو يفضل الاعتماد على مهمات مكافحة إرهاب تنفذها القوات الخاصة.
بايدن، الذي ينتمي إلى الطبقة الحاكمة، التي تحمل آمالاً منذ وقت طويل بأن تتحول الصين إلى الديموقراطية بفضل انفتاحها الاقتصادي، قام بمراجعات أيضاً حول هذا الموضوع المهم في وقت تبدو واشنطن وبيجينغ على شفير حرب باردة جديدة.
وصار الديموقراطي يكرّر أن “على الولايات المتحدة أن تكون صارمة مع الصين”، لكن قد يكون ذلك نابعاً من رغبة في درء نقد دونالد ترامب الذي اتهمه بأنه “ضعيف” ويمكن التلاعب به بسهولة.
ويقدّر بيل بورنس الذي يرأس “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” أن إدارة هذا التنافس الاستراتيجي ستحدد “نجاح أو فشل السياسة الخارجية الأميركية”. واعتبر أن إدارة بايدن ستركز أكثر على إنشاء شبكة تحالفات في آسيا.
يبقى الأمر معلقاً لمعرفة إن كان جو بايدن سيعتمد على هوامش المناورة التي شكّلها الرئيس السابق في ملفات الصين والتجارة والنووي الإيراني وكوريا الشمالية.
وتتساءل سيليا بيلين، في هذا الصدد، إن كان “على غرار ترامب سيفسخ ما حققه سلفه لبدء كل شيء من الصفر؟”. لكن حينها “هناك تهديد بأن يجد حلفاءه مرهقين”.
Views: 14