Smiley face Smiley face Smiley face

بعد ناغورنو كاراباخ.. هل يجرب إردوغان حظه في القرم؟….بقلم الاعلامي حسني محلي 

حديث عن مخططات تركية لاستخدام مضيقي البوسفور والدردنيل ضد روسيا إذا اقتضى الأمر في ظل توجّه بايدن لزيادة الضغط على موسكو عبر دول حلف الأطلسي في البحر الأسود والقوقاز وأوكرانيا.

بعد  الانتصار الذي حققه الجيش الأذربيجاني بدعم مباشر من تركيا وبدرجة أقل من “إسرائيل”، وهو ما جعل من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عنصرا أساسياً في معادلات القوقاز، بدأ البعض يتحدث عن احتمالات تكرار تجربة كاراباخ في شبه جزيرة القرم التي استعادتها روسيا عام 2014.

فقد أعلن إردوغان أكثر من مرة عن رفضه لهذا الضم وتضامنه مع كييف في أزمتها مع موسكو وآخرها خلال زيارة الرئيس الأوكراني زالانسكي إلى أنقرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كما أعلن استمرار دعمه للأقلية المسلمة في شبه جزيرة القرم وهي من أصول تركية.

ووقعت تركيا وأوكرانيا منذ 2016 في عهد الرئيس السابق بوروشينكو ومن بعده الرئيس الحالي زالانسكي (يهودي) على العديد من اتفاقيات التعاون في جميع المجالات وأهمها العسكرية.

وخلال الفترة الماضية تم تداول العديد من الأخبار والمقالات عن تفاصيل هذا التعاون خاصة في مجال الطائرات المسيرة التي يصنعها صهر الرئيس إردوغان سلجوق بيرقدار. واستلمت أوكرانيا حتى الآن 6 من هذه الطائرات من طراز TB2 على أن يستمر التعاون كما أعلن لشراء 48 طائرة أخرى، وربما بعد تطويرها من كلا الجانبين عبر تركيب محركات أوكرانية نفاثة على هذه الطائرات التي يُقال إن أجنحتها ستكون إسرائيلية الصنع. وقد بدأت تركيا باستخدام هذه المحركات وهي من طراز AL-450T من صنع شركة İvachenko- Progress في طائراتها الجديدة التي استخدمتها بكثافة في كاراباخ.

رئيس الأركان الأوكراني روسلان هومجاك قال إنه سيتم “استخدام هذه الطائرات ليس فقط في المناطق الانفصالية، شرق البلاد (دونباس)، بل في منطقة القرم وبحر آزوف ومضيق كرتش”، حيث تفتقر هذه المناطق التي انفصلت عن أوكرانيا إلى وسائل الدفاع الجوي، كما كان الحال عليه في إقليم ناغورنو كاراباخ.

يجري ذلك من دون أن يكون “التحالف” التركي-الأوكراني هذا كافياً لتحديد مسار المرحلة المقبلة التي ستحدد مصير ومستقبل العلاقات التركية-الروسية في ضوء كل التطورات الإقليمية والدولية المحتملة بعد استلام الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن السلطة في البيت الأبيض في 20 الشهر المقبل.

ويعرف الجميع مدى الأهمية التي يوليها بايدن للحلف الأطلسي، العدو التقليدي للاتحاد السوفياتي سابقاً وحالياً لروسيا، التي باتت محاطة من دول هذا الحلف عبر أستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا التي انضمت معاً إلى الحلف عام 2004 ولها جميعاً مشاكل حدودية وتاريخية مع الروس.

وتسعى واشنطن منذ ذلك التاريخ إلى استخدام هذه الدول كرأس حربة في أزماتها وتوتراتها مع موسكو التي ستجد نفسها قريباً أمام حملات أميركية- أطلسية جديدة بما فيها العقوبات الاقتصادية، وذلك بهدف إجبارها على الانسحاب من أوكرانيا، الأمر الذي يصب في صالح الحسابات التركية.

فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء (8 كانون الأول/ديسمبر) قراراً يدعو روسيا إلى سحب قواتها من شبه جزيرة القرم فوراً ومن دون أي شروط. وصوتت 63 دولة معظمها ينضوي في الحلف الأطلسي بما فيها تركيا لصالح القرار وعارضته 17 دولة، في حين امتنعت 62 دولة عن التصويت.

وقد يشجع هذا القرار واشنطن على المزيد من التحركات ضد روسيا التي سيسعى بايدن إلى تضييق الحصار عليها عبر الدول الأطلسية في البحر الأسود الذي يشهد منذ فترة تحركات عسكرية أميركية وأطلسية تزعج الروس، وهم الآن في وضع لا يحسدون عليه في المنطقة.

في غضون ذلك تستمر محاولات الغرب لإزعاج روسيا من خاصرتها الجنوبية عبر روسيا البيضاء وقرغيزيا وجورجيا بالإضافة إلى أوكرانيا.

وبحسب بعض المعلومات يُتوقع أن يولي بايدن أهمية خاصة لأوكرانيا لأسباب عديدة، منها علاقة ابنه هانتر بقضية فساد حاول ترامب أن يثيرها ولكنه فشل بسبب موقف الرئيس زالانسكي الذي رفض ذلك بناء على توصيات اللوبي اليهودي في أميركا. كما لعب دوراً مهماً في هذه القضية رجل الأعمال الأوكراني اليهودي إيغور كولومويسكي  İgor Kolomoisky المقيم في سويسرا والذي يحمل الجنسيات الأوكرانية والسويسرية والقبرصية والإسرائيلية ويشغل منصب رئيس المجلس اليهودي الأوروبي، وهو من شجع  زالانسكي ليرشح نفسه إلى انتخابات الرئاسة عندما كان يقدم برنامجاً فكاهياً في إحدى محطاته التلفزيونية، كما يملك العديد من الشركات الاستراتيجية في مختلف القطاعات بما فيها التكنولوجيا العسكرية، ويقول الإعلام الروسي إن لهذه الشركات علاقات وطيدة مع تركيا وإسرائيل.

هذه المعطيات لن تكون وحدها ما سيقلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهناك أيضاً مساع أميركية وأطلسية حالية ومحتملة لتضييق الحصار على روسيا في البحر الأسود عبر العضوتين بلغاريا ورومانيا ومن بعدهما جورجيا وأوكرانيا، والأهم من كل ذلك هو تركيا التي تسيطر على مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين تمر عبرهما كل السفن الحربية الروسية وهي في طريقها إلى بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط. وفي حال إغلاق هذه المضائق ستضطر السفن الروسية إلى السفر لمسافة آلاف الأميال عبر بحر الشمال، وهو ما تسعى واشنطن إلى عرقلته أيضاً من خلال توتير العلاقة بين روسيا واليابان بحجة جزر الكوريل الجنوبية التي سيطرت عليها روسيا بعد الحرب العالمية الثانية.

وتدفع كل هذه المعطيات بعض الأوساط للحديث عن مخططات تركية لاستخدام مضيقي البوسفور والدردنيل (عند اللزوم) ضد العدو/الصديق روسيا في حال استمرار مضايقاتها لها في سوريا أو ليبيا أو أي مواقع أخرى تحظى باهتمام إردوغان سواء في القوقاز أو آسيا الوسطى بل وحتى البلقان.

واكتسب الحديث عن قناة اسطنبول، وهو الممر المائي الذي سيربط البحر الأسود ببحر مرمرة بشكل مواز لمضيق البوسفور، أهمية إضافية بسبب توقيته الذي يتزامن مع المد والجزر في العلاقات الروسية- التركية. فاتفاقية مونترو لعام 1936 تمنع مرور سفن الدول التي لا تطل على البحر الأسود من مضيق البوسفور والبقاء في البحر المذكور إلا وفق شروط معينة هي لصالح روسيا.

ويقول البعض إن الممر الجديد سيساعد السفن الأميركية والأطلسية على دخول البحر الأسود والبقاء فيه مع استمرار الحديث عن مساعي واشنطن لبناء قواعد بحرية في الموانئ البلغارية والرومانية، الأمر الذي يمنع روسيا من الاعتراض عليه حينها.

وترشح كل هذه المعطيات لأن تكون المرحلة القادمة حافلة بتطورات مثيرة ستكون تركيا فيها من جديد لاعباً أساسياً، سواء سلبياً أو إيجابياً، ووفق مزاج إردوغان الذي سيدفعه ذلك إلى مزيد من التحركات الجديدة والسريعة لكسب الرئيس بايدن الى جانبه كما سبق له أن كسب ترامب إلى جانبه، فساعده بشكل مباشر أو غير مباشر لتحقيق مجمل أهدافه في سوريا وليبيا والصومال والعراق والقوقاز والبلقان.

وقال إردوغان الأربعاء “إن بايدن يعرفني جيداً وزارني في منزلي عندما كنت مريضاً، وسوف أجلس معه بعد أن يصبح رئيساً”. كما استعجل إردوغان نقل سفيره مراد مرجان من طوكيو إلى واشنطن، والمعلومات تتحدث عن علاقاته الجيدة السابقة مع اللوبي الإسرائيلي عندما درس في الجامعات الأميركية، كما أنه من مؤسسي حزب العدالة والتنمية وكان مقرباً من الداعية فتح الله غولان وليس لديه أي خبرة في العمل الدبلوماسي.

كما عين إردوغان آوفوق آولوتاش (40 عاماً وهو مقرب منه جداً) سفيراً جديداً في تل أبيب (ليس فيها سفير منذ أيار/مايو 2018) ويتكلم العبرية ودرس في “إسرائيل” وأميركا وهو خبير بالشأن الإيراني والتاريخ اليهودي وعلاقاته جيدة جداً مع الشخصيات والمنظمات والمراكز اليهودية.

ويبقى الرهان على موقف بايدن المحتمل ضد إردوغان أو معه، ويعرف الجميع أن واشنطن لن تتجاهل دوره الإقليمي “طالما هو الشريك الرئيسي لمشروع الشرق الأوسط الكبير” والقول لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو، من دون أن ينسى بايدن كيف أن رئيسه السابق باراك أوباما سعى عام 2009 إلى تسويق “تجربة حزبه العدالة والتنمية كنموذج ديمقراطي علماني في بلد مسلم كتركيا” إلى الدول العربية التي عاشت ما عاشته من أحداث بفضل حسابات إردوغان العقائدية، وسيرى الجميع قريباً جداً إذا ما كان الرئيس بايدن مرتاحاً لها أم أنه سئم منها وسيقرر وضع حد نهائي لها.

الميادين

Views: 5

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي