أكد المدير الطبي في مركز الجامعة اللبنانية الأميركية الطبي – مستشفى رزق الدكتور جورج غانم في حديث خاص لموقع “المرده” أن “لبنان والعالم يعيشان سباقاً، في نهايته، هناك مسألة حياة أو موت بين اللقاح وسرعة انتشار المرض مع ما يرافقه من تحور في سلالاته الجديدة، وهذا الفيروس “ذكي” و”خبيث” فكلما اقتربنا من الحلول يفاجئنا بمشاكل وتطورات ومضاعفات وبسرعة انتشار جديدة، لذا نحن في سباق خطير جداً، مشيراً الى أنه الى جانب كل التدابير الوقائية لا حلّ بين أيادينا والسلاح الأهم هو اللقاح كي نستطيع حماية الانسانية من انتشار هذا المرض”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان هناك تخوف من وجود ثغرات بخطة التلقيح المنتظرة في لبنان، أجاب غانم قائلاً: “يجب على الاعلام الإضاءة أكثر على أهمية اللقاح كي لا يتردد المواطنون بتلقيه ويجب على الانسانية ككل ان تتلقاه بنسبة ثمانين في المئة، وانني أتخوف من ثغرات لأنه حتى الآن، ومنذ انتشار الجائحة، عانينا من ثغرات كثيرة لثلاثة أسباب رئيسية: الأول هو عدم وضوح المسؤول، لانه عادة وفي القرارات المصيرية يجب ان نجد مسؤولاً واحداً او مجموعة واحدة، لأن القرار يضيع مع وجود لجان متعددة، وهذا المسؤول عليه بناء علاقة ثقة مع الرأي العام كي يدرك كل واحد منا وكل لاعب في هذا النطاق أن هناك مرجعية وحيدة مسؤولة، كما أن “القصة” ضاعت بين الحكومة ووزارة الصحة اللبنانية ولجان مختلفة وكانت المسؤولية ضائعة في هذا الاطار وتعذر علينا ان نصل الى قرارات حاسمة وسريعة.
أما السبب الثاني فهو غياب الشفافية ومن دونها لا ثقة وفي مثل هذه الازمات علينا بناء ثقة وعدم اعطاء المواطنين أمل واهم والشفافية تنسحب بالتالي على الارقام والاحصاءات والاموال والسياسة المتبعة”، والسبب الثالث بحسب غانم، هو “عدم وجود التخطيط والترقب ويجب ان نفكر انه علينا التخطيط لأسوأ الاحتمالات والعمل لأفضل النتائج فلذلك نتخوف من أن ترافق عملية التلقيح بعض المحاذير لهذا “عيوننا عشرة على عشرة” واننا نكثف المحاضرات والانتقادات كي يبقى الوضع منضبطاً وهناك مراقبة من قبل المجتمع المدني والطبي لكل الخطوات كي لا تذهب الأمور نحو الأسوأ وان الفشل ممنوع لأن اي فشل يعني “موت المجتمع” بمعنى أن المجتمع يتوقف عن الانتاج والعمل”.
ورداً على سؤال حول ما اذا كان هناك من خارطة طريق تنفيذية واضحة لحملة التلقيح، أوضح الدكتور غانم قائلاً: “جرى وضع خطة في لجنة وزارة الصحة وهي مبنية على نصائح وضعتها منظمة الصحة العالمية وشركات اللقاح وهي خطة جيدة ولكنها غير كافية لأن اي خطة على الورق وفي المبادئ العامة جيدة وليس من الصعب وضعها بل الأصعب وضع خارطة طريق لتنفيذها على الارض لأننا في لبنان هناك الكثير من العوائق التنظيمية والمادية لأن مثل هذه الخطط تكلف أموالاً فصحيح ان اللقاح مجاني ولكن بهدف تطبيقه فانه يحتاج الى تمويل طائل وبغض النظر عن الارضية في لبنان وهي غير مهيأة وقد أصبحنا على باب التلقيح وأتخوف من نجاح التلقيح في بعض المراكز الجامعية في بيروت وعدم نجاحه في مستشفيات ومراكز خارج العاصمة، فالعنصر المادي والتنظيم اللوجستي يلعبان دوراً في هذا الاطار”، لافتاً الى أننا تأخرنا كثيراً في التفاوض مع شركات اللقاح وفي وضع خارطة نمرّن المواطنين عليها وكي نطلق هكذا حملة يجب ان يسبقها حملة توعية اذاً علينا “تجييش” المواطنين واللامركزية الادارية والصحية لانه في مكافحة كورونا نعرف ان الهيئات التي تتعاطى في المجال الصحي والبلديات القوية في المناطق كانت تحكم قبضتها على الفيروس أفضل من الأماكن التي تتّكل على الدولة المركزية.
هل تبلّغتم رسمياً من وزارة الصحة بقوائم الاشخاص ذوي الأولوية للتلقيح، يجيب غانم على هذا السؤال قائلاً: “القوائم تأتي تباعاً وبدأنا بوضع الآلية وسنبدأ مع الطواقم الطبية والتمريضية وموظفي المستشفيات ولم يرد لدينا قوائم غير هذه الفئات وعلى الناس وضع معلومات على المنصة الالكترونية ومنها يجري توزيع المواعيد ولكنها لم تبدأ بعد وذلك يتطلب جهداً”.
ودعا غانم الى القيام بحملات توعية، مؤكداً أن “الخوف من اللقاح غير مبني على أسس علمية له فاللقاحات الموجودة اليوم خاصة “فايزر وموديرنا” تعتمد على تكنولوجيا استُخدمت لعشرات السنين في الابحاث وفي العديد من الأدوية اذاً كل الدراسات أثبتت أنه يمكن الاتكال على هذه التقنية لنيل أفضل النتائج”.
وحول قراءته لأعداد الاصابات والوفيات التي سُجلت خلال فترة الاقفال التام، علق غانم بالقول: “بعد فترة الاعياد حصل اهمال من قبل المواطنين والدولة ودخلوا في “معمعة” فوصلنا الى ما وصلنا اليه مع زيادة كبيرة في عدد الحالات وسأعطي مثلاً قبل فترة الاعياد في المستشفى كنا نجري 600 فحص PCR يومياً وتأتي نسبة الحالات الايجابية 7% فجأة قفزت النسبة الى 30% وهذه الارقام وقائع وحقيقة وليست تنظيراً وأعداد الوفيات تتضاعف وشهدنا على حالات بيّنت لنا على اشتداد “خبث” الفيروس الذي باستطاعته أن يتحول ويتأقلم ويؤذي أكثر وعلينا ان نسبقه من خلال تلقي اللقاح”.
وحول مدى فعالية اللقاحات التي ستأتي إلى لبنان وهل يختار المواطن بنفسه اللقاح الذي يريده، قال غانم: “وعدتنا وزارة الصحة بلقاح “فايزر” الذي يستخدم تقنية” mRNA” وهي تقنية جديدة وفعالة والمهم في هذا الاطار ان يصل الينا كميات كافية منه وسمعنا من الوزارة أنهم سيستقدمون لقاح “أسترازينيكا” وهو ايضاً فعال ولكن فعاليته أقل من فايزر ولكن أهميته تكمن في انه لا يحتاج الى تبريد والتداول به سهل والأهم ان هذا اللقاح يمكن ان نأخذه ونعطيه لاي انسان حتى لو كان يعيش في أبعد قرية ولا يحتاج الى أجهزة وتجهيزات وكلفة عالية وفعاليته حوالى الـ70% وأفضّل الاضاءة على أمر لوضع الامور في نصابها وهو ان لقاح الانفلونزا الذي نجريه سنوياً فعاليته بحسب السنين بين الـ40 والـ60 في المئة، اذاً هذه اللقاحات التي يروّج لها ضد كوفيد 19 لديها نتيجة أكيدة وقوية لأن كل الدول وضعت بتصرف الشركات الأموال لايجاد لقاح ضد الجائحة الخطيرة واستطاعت الشركات القيام بالتجارب السريعة ولا أعتقد ان الشخص هو من يختار اللقاح الا اذا جرى التطعيم كل عام فعندها يختار كل شخص اللقاح الذي يريده الا انه اليوم في الحملة الوطنية كل شخص يجب ان يأخذ اللقاح الموجود والجاهز “ما في غنج”.
ورداً على سؤال حول امكانية ظهور عوارض بعد سنتين من تلقي اللقاح، استطرد غانم: “عندما أُجريت التجارب على كل اللقاحات في العالم بتنا نعرف ماذا تفعل فانه يمكن ان تحدث عوارض جانبية بسيطة مثل لقاح الانفلونزا او غيرها، أما هنالك بعض اللقاحات التي يمكن ان تحدث بعض المشاكل على المدى البعيد مثل لقاح سرطان الرحم او لقاح الـHepatitis B ولكن بنسبة ضئيلة جداً وعلينا ان ندرك انه حتى حبّة البانادول التي نتناولها قضت على بعض الاشخاص لذا كل دواء نأخذه يمكن ان ينتج عنه عوارض ضئيلة وكل دواء معرض ان يحدث مشاكل، موضحاً ان تجارب لقاح كوفيد 19 على أعداد من الاشخاص بيّنت نتائج مطمئنة ولا يمكننا الجزم بأن اللقاح لن يحدث اي مشاكل وجب علينا الانتظار”.
وشدد الدكتور غانم على أن اللقاحات لا تسبب اي امراض للكلى وللقلب.
وختم قائلاً: “اذا وصلنا الى مرحلة تلقى فيها 60 في المئة من الشعب اللبناني اللقاح عندها نتوقع موت الفيروس لان ليس أمامه اي مجال للانتشار لانه كلما انتشر كلما صار قوياً، وفي هذه الحال نصل الى المناعة الجماعية”.
Views: 1