توصف بأنها ملكة الورود وسفيرة سورية إلى العالم.. زيتها أغلى من الذهب وأبقى من النفط الوردة الشامية لون له تاريخ يرتبط باسم دمشق أقدم عاصمة ما زالت مأهولة في العالم.
تمتد حقول الوردة الشامية على مساحة 2000 دونم في قرية حالمة على سفوح جبال القلمون التي تعد المكان الأصلي لزراعتها أطلق عليها في السابق اسم “قلدون” واليوم هي “المراح” ارتبط سكانها بالوردة الشامية واختاروا أن يكونوا سفراء زراعتها للتوسع بها وحمايتها وزيادة انتاجها نظراً لقيمتها الاقتصادية والجمالية والطبية.
سانا رصدت بدء عمليات قطاف الوردة الشامية خلال جولة إلى البلدة التقت خلالها عدداً من الأهالي وكان اللافت مشاركة الأطفال الجميلة والمحببة، حيث عبروا وهم يتابعون عملية القطاف عن حبهم وشغفهم الكبير بالوردة الشامية، مشيرين إلى أنه بمجرد انتهاء العام الدراسي ينخرطون في عملية القطاف فهم تربوا على العمل بحقولها والحفاظ عليها وحمايتها.
بعض النسوة أكدن انهن يعملن جنبا إلى جنب مع أزواجهن بزراعة الوردة الشامية وهن من يقمن بعملية القطاف بمساعدة أولادهن، إضافة إلى تصنيع الشراب والمربيات من الوردة بشكل يؤمن لهم مردودا اقتصاديا يكفيهم لمعيشتهم مشيرات إلى أنهن يحرصن أثناء القطاف على عدم إلحاق الأذى بالشجيرة لكون الوردة صديقتهن المفضلة في كل الفصول لكن شهر أيار بالنسبة لهن هو الأهم والاجمل.
أم مدين البيطار من أوائل السيدات اللواتي انخرطن في تصنيع منتجات الوردة الشامية بما فيها ماء الورد من خلال التقطير، مشيرة إلى أن المتعة الحقيقية تجدها في هذا العمل واستعرضت الطريقة الصحيحة لصناعة مربى الورد.
رئيس جمعية مزارعي الوردة الشامية في قرية المراح أمين حمزة البيطار بين أنه يعمل منذ أكثر من 40 سنة بزراعة الوردة الشامية وتصنيعها، مشيراً إلى إهمال هذه الزراعة في بعض المراحل لكن الوضع اليوم تغير وهناك جهود تبذل لإعادة انعاش زراعتها والتوسع بها.
وأشار البيطار إلى أن الوردة الشامية كانت تزرع بعلا بالاعتماد على مياه الأمطار لكن خلال العقود الأخيرة خفت نسبة الهطلات المطرية والثلوج ما زاد من معاناة الفلاح نظرا لانخفاض نسبة الإنتاج وتفاوتها حسب نسبة هطل الأمطار لكن بعد التواصل مع الجهات المعنية زاد الاهتمام بزراعتها ووصلت المساحات المزروعة إلى أقصى اتساع لتبلغ 2000 دونم لكن تعاقب سنوات الجفاف أثر سلبا عليها قبل ان تنتعش مؤخراً.
الجمعية طلبت من الأمانة السورية للتنمية حفر بئر لإجراء ريات تكميلية للورود وتم فتح البئر فعلا لكنها كانت غير كافية علما أن وزارة الزراعة تقوم على فترات بإرسال صهاريج للسقاية حسب البيطار.
رئيس الجمعية أوضح أنه تمت الموافقة على إقامة وحدة تقطير حديثة بقيمة 400 مليون ليرة وفتح بئر جديدة وإقامة خزان في رأس التل وتمديد شبكة مياه للحقول بإشراف الارشاد الزراعي لكون الوردة تحتاج الى كميات محددة بمواعيد دقيقة لتعطي مردودا أكبر.
وأشار البيطار إلى أنه في كل عام يتم استصلاح 500 دونم بشكل مجاني ويشترط على أصحابها زراعتها فورا وألا يتم تقاضي أجور الاستصلاح منهم إلى أن عادت المساحة المزروعة إلى 2000 دونم بالوقت الحالي، متوقعا أن يتراوح الإنتاج هذا الموسم بين 30 و 40 طنا من الورد علما أن الموسم الماضي تجاوز الإنتاج 70 طنا، موضحاً أن الورد المتفتح يخصص لاستخراج ماء الورد حصراً لكن الفلاح يحرص على قطف الأزرار وتيبيسها وبيعها لتجار سوق البزورية في دمشق لأجل استخراج الزيت العطري.
واكد البيطار أن عمليات استخراج الزيت العطري تحتاج إلى أجهزة متطورة ومساحات كبيرة، مبيناً أن كل 11 طنا من أزرار الورد تعطي كيلوغراما من الزيت العطري في الأجهزة العادية في حين كل أربعة أطنان من الأزرار تعطي كيلوغرام زيت في الأجهزة الحديثة.
ولفت إلى أنه يستخرج خلال الموسم نحو 400 غرام فقط من الزيت العطري أغلبها تذهب هدايا والباقي يرسل إلى العطارين، علماً أن هناك الكثير من التجار أبدوا استعدادهم لشراء أي كمية يمكن استخراجها من الزيت نظراً لارتفاع اسعارها في الخارج.
وتبقى الوردة الشامية ينبوع الجمال والأنوثة المطلقة وأغنية الشعراء الأولى وعلامة تميز الهوية السورية تنبت في كل بيت ويتسابق إلها تلامذة المدارس في الصباح ويضفي منظرها على المكان جمالية خاصة بألوانها ومن سورية انطلقت زراعتها إلى أوروبا.
سفيرة اسماعيل
سانا
Views: 2