لبنان وطن حريّة الرأي والمبادرة الفردية، وهو يتمتع بقوانين مالية مرنة منذ الاستقلال، حيث شكّل واحة ضرائبية فريدة في محيطه العربي، وكفل حرية تنقّل الرساميل وقانون السريّة المصرفية.
ولعبت بيروت دور العاصمة المالية للمنطقة، فكانت جسر العبور وبوابة الشرق بامتياز، ويعود الفضل في ذلك الى النظام الإقتصادي الحرّ، الذي نصّ عليه الدستور.
إنّها بالحقيقة الركائز الأساسية التي بنيت عليها الجمهورية ومؤسساتها، وفي الآونة الأخيرة بدأت تتآكل هذه الصورة تدريجياً حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم من حالة يرثى لها، لا نحسد عليها أبداً.
لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، ولبنان لن يقوم من كبوته، إلا بوحدة شعبه، وبتكاتف وتضامن كل شرائح المجتمع من هيئات إقتصادية وقطاعات إنتاجية وبخاصةٍ سواعد شبابه وطاقاته الإغترابية وأصحاب الهمم والنوايا الصادقة.
الحفاظ على الجمهورية هو واجب كل واحد منّا، ومسيرة الإنقاذ تبدأ :
1- بتفعيل السلطات الدستورية، من سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية، والتزام تطبيق بنود الدستور نصاً وروحاً.
2- تنظيم السلطة القضائية، وتحريرها من الوصاية السياسية، وإقرار استقلالية القضاء، وهو بأساس ضمان الإستثمار و رؤوس الأموال وحقوق الأفراد والشركات.
3- تحديث القوانين الإدارية والمالية.
4- تطبيق مبدأ فصل السلطات وتفعيل عمل المؤسسات الرسمية وتطبيق الإصلاح الإداري، على قاعدة الإختصاص والكفاءة والنزاهة والشفافية ومكافحة الفساد.
5- دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية وعدم التعرض لها، وبخاصةٍ مؤسسة الجيش، وهو عماد الوطن حامي الحمى، يلبي النداء ويقدم التضحيات على مذبح الشهادة والزود عن الحدود.
6- أخيراً وليس آخراً، دعم المؤسسات المالية وتجريم كل من يتعرض لها، وعلى رأسها المصرف المركزي الضامن للنقد الوطني ومالية الدولة، وعدم المسّ بقانون النقد والتسليف، والكفّ عن التدخلات بسياسة الحاكم النقدية، واحترام استقلاليته، والنأي به عن التجاذبات السياسية التي أسفرت الى ما وصلت اليه الأسواق المالية، وما يعاني القطاع المصرفي من أزمة سيولة، وتدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي.
انها المؤسسات التي قامت عليها هيكلية الجمهورية، وهي الأعمدة الصلبة لقيامة الدولة.
كفى تدميراً وكفى تهديماً بها، كي لا يقع السقف على رؤوس الجميع، فينهار الهيكل ويتحطم بذلك الإطار الذي صنع دور لبنان في محيطه، ونخسر بالتالي كل مكتسباتنا.
إنّ منسوب الوعي والإدراك عند القيّمين يجب أن يكبر، و يعلو عن الصغائر و عدم ادخال البلاد في المجهول، والخروج به من النفق المظلم، والكفّ عن الجدل العقيم، وصراعات المحاور والسياسات الضيقة.
وعلينا المضي قدما بحماية آخر معاقل الدولة من الإنزلاق أكثر في الهوة.
إنّ مؤسسة الجيش والبنك المركزي، يشكلان السد المنيع لبقاء هيكلية الدولة حصينةً منيعةً قويّة. إنها الدرع الواقي، وعلينا حمايتها بكل ما أوتينا من عزم وقوة، إذ نعوّل عليها لتكون الأساس المتين التي على قواعدها سنعيد بناء المؤسسات، فتقوم على أرضية صلبة تدوم لعقود، وتؤسس على مداميكها لمستقبل زاهر وجيل واعد واقتصاد مزدهر.
إنّ الولاء للوطن وصون حريّة الفرد وحماية الملكية الخاصة، واحترام القوانين، هي مقومات النهوض، ورسم خارطة طريق لإعادة بناء لبنان ومؤسساته وعودة الثقة والمصداقية ليعود لبنان الى سابق عهده ودوره الرائد عربياً ودولياً.
إنّنا على يقين بأنّ لبنان سيقوم لا محال من أزمته الراهنة، بإرادة شعبه العنيد، المؤمن بوطنه والمتجذّر بأرضه.
* رئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين – الفرنسيين HALFA.
Views: 1