رغم الوعود الكثيرة التي ألقيت على مسامع الأمريكيين بالعمل على أعلى المستويات لوقف العنف الممنهج الذي تمارسه الشرطة بحق المتحدرين من أصول أفريقية ولاتينية إلا أن قتل الأبرياء بسبب لون بشرتهم ما زال مستمراً في الولايات المتحدة ليتكرر سيناريو مقتل جورج فلويد من قبل ضابط شرطة مرة تلو الأخرى والاختلاف الوحيد هو اسم الضحية.
ضحية العنصرية هذه المرة هو (داونت رايت) صاحب العشرين عاماً الذي قتل على يد شرطية أمريكية في مينيابوليس لمخالفة مرورية ليشعل مقتله فتيل احتجاجات جديدة في المدينة التي تجري فيها محاكمة الشرطي السابق (ديريك شوفين) لقتله الأمريكي المتحدر من أصل أفريقي فلويد بالضغط على عنقه لمدة 9 دقائق في أيار الماضي.
لربما اختلف اسم الضحية إلا أن أحداث القتل تكرر نفسها دونما أي اختلاف ففي مقتل رايت الذي أوقف عند إحدى الإشارات المرورية سارعت الشرطية كيم بوتر بحسب وسائل إعلامية وأشرطة فيديو إلى إشهار المسدس عليه وإطلاق عيار ناري واحد كان كفيلاً بقتله لتكتشف فيما بعد أن ما سحبته هو سلاح وليس جهاز صعق كهربائي.
استهتار الشرطة الأمريكية وأسلوب العنف الممنهج الذي تتبعه عند تعاملها مع المتحدرين من أصول أفريقية واعتقالهم لاتفه الأسباب كان كفيلاً بتجديد الاحتجاجات في مينيابوليس كبرى مدى ولاية مينيسوتا حيث خرج المئات إلى الشوارع مطالبين بتحقيق العدالة لـ (رايت) واحتشدوا خارج مركز الشرطة في بروكلين سنتر لتواجههم قوات مكافحة الشغب بالرصاص والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
الاحتجاجات تجددت الليلة الماضية رغم فرض سلطات مينيابوليس حظر تجول وتخللها اعتقال 40 متظاهراً بذرائع مختلفة تراوحت بين خرق الحظر والشغب وفي الوقت الذي تفاعلت فيه أصداء الجريمة الجديدة بحق أمريكي من أصل أفريقي على يد الشرطة وصف محامي عائلة الضحية (رايت) الحادثة بأنها “غير إنسانية” وقال إنه في “الوقت الذي تحاول فيه مينيابوليس وبقية أمريكا التعامل مع جريمة القتل المأساوية لجورج فلويد علينا الآن أن نحزن لخسارة هذا الشاب”.
جرائم العنف وفضائح العنصرية في الولايات المتحدة ولا سيما من قبل شرطتها تتكرر بشكل متواتر رغم الوعود الكثيرة التي أطلقها سياسيون بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن بوضع حد لها وليست جريمة قتل رايت أو فلويد أو غيرهم الكثيرين من المتحدرين من أصل أفريقي حادثة معزولة أو وحيدة بل تندرج في إطار نمط معين تسير عليه الشرطة الأمريكية عند التعامل مع أصحاب البشرة السمراء.
تكرار مثل هذا النمط من الجرائم العنصرية بامتياز لم يتوقف رغم الدعوات لإعادة هيكلة جهاز الشرطة بأكمله فمفهوم العداء العنصري متأصل في المجتمع الأمريكي وبغض النظر عن إدراك كثير من الأمريكيين لهذه الحقيقة إلا أن الواقع العنصري قائم وباق ولا يختلف فيه سوى أسماء الضحايا.
Views: 6