“لم تتوقف المصارف في البحث عن سبل وطرق تضمن بقاءها في الأسواق، فنراها مستمرة بفرض شروط وعمولات عشوائية على حسابات المودعين بهدف تمويل مصاريفها ونفقاتها”، يقول عضو رابطة المودعين المحامي فؤاد دبس. و”ما يعزز استمرار هذه الممارسات غير القانونية هو غياب القضاء والبرلمان ولجنة الرقابة على المصارف، الأمر الذي يجعل المصارف الطرف الأقوى”، فتتقاضى البنوك على السحوبات الدولارية الفريش عمولات ورسوماً متعدّدة، وكل مصرف “يغني على ليلاه”. إذ تختلف هذه العمولات بين مصرف وآخر، وهذا بعض منها: بنك سوسيتيه جنرال SGBL يقتطع 6 دولارات من كل 1000 دولار على السحوبات من حسابات الدولار الطازج Fresh account. والإعتماد اللبناني Credit Libanais يقتطع 7 دولارات من كل 1000 دولار، وفرنسا بنك Fransabank يقتطع 8 دولارات من كل 1000 دولار. هذه الإقتطاعات تضاف الى جانب العمولات الشهرية التي يتقاضاها المصرف على حسابات “الفريش” والتي بدورها تختلف أيضاً بين مصرف وآخر، فيُحسم 2 دولار شهرياً من حساب العميل في كل من بنك عوده، “سوسيتيه جنرال” والإعتماد اللبناني. و 2.5 دولار شهرياً عمولة بنك مد Bank Med والإعتماد المصرفي Credit Bank. و5 دولارات شهرياً للحسابات المودعة في بنك “ليبانو فرنسيز” Libano Française و فرنسبنك. “وهكذا تعمد المصارف إلى سلب أموال العملاء عن طريق فرض “خوّة” وعمولات عشوائية غير مبررة”، بحسب دبس. “فمند يومين، إتصل أحد العملاء لدى بلوم بنك، متفاجئاً بارتفاع العمولة الشهرية إلى 6 دولارات بعدما كان يحسم 2 دولار شهرياً. هذا بالإضافة إلى العمولات التي يتقاضاها المصرف مع كل عملية سحب أو إيداع، كلها غير مذكورة بالإتفاقية الأساسية”.
التحويلات
كما وتتقاضى المصارف عمولات ورسوماً بالدولار على التحويلات، وهي تختلف أيضاً بين مصرف وآخر وتتراوح بين 10 و15 دولاراً للتحويلات الواردة من الخارج. فيتقاضى كل من بنك الإعتماد اللبناني وفرنسبنك 10 دولارات على كل حوالة، ويتقاضى الإعتماد المصرفي و”سوسيتيه جنرال” 15 دولاراً على الحوالة الواحدة. أما بالنسبة للتحويلات الصادرة فهي لا تتجاوز الـ50 دولاراً لدى معظم المصارف، وهو مبلغ عال جداً ويعادل الحد الأدنى للأجور.
البطاقات المجانية أصبحت مدفوعة الثمن
أمّا بطاقات السحب من الصرافات الآلية التي أصبحت إلزامية فلم تعد مجانية. والمصارف التي كانت تتنافس في ما بينها على بيع هذه البطاقات مجاناً وتعبئتها بمبالغ تتراوح بين 3 و10 مرات الراتب الشهري، وتصدر لكل حساب بطاقة، فقد اضافت عليها بطاقة “الفريش دولار” وأصبحت تتقاضى ثمنها بالدولار النقدي عند اصدارها أو حتى تجديدها. فيبلغ متوسط سعر البطاقة الواحدة 300 ألف ليرة في غالبية المصارف. وذلك الى جانب الرسوم الشهرية والسنوية التي يتقاضاها البنك على البطاقة، ورسوم تجديدها والعمولات في حال التلف أو الضياع. فأصبح سعر فتح حساب مصرفي مكلفاً جداً ويتخطى الواقع.
الممارسات الوقحة… إلى متى؟
“منذ القديم والمصارف تفرض رسوماً وعمولات على المودعين، وهذا أمر طبيعي، و”لكن كانت تُفرض بطريقة منطقية”، يقول دبس. “أما اليوم فارتفعت هذه الرسوم بشكل غير طبيعي وغير منطقي، وبطريقة لا تتأقلم مع الوضع الإقتصادي والمالي الحالي. وهي تفعل هذا “لتخلّص نفسها” ولترسخ فكرة “النظام المصرفي الناجح”، إذ بعد انتهاء الأزمة، حيث سيكون 90% من الشعب اللبناني قد سحب أمواله من المصارف، ستعيد الأموال المتبقية للشعب وكأنه لم يحصل شيء، متحججة بتعثر الحكومة التي كانت تعيق عملها”. كما لا يستبعد دبس تواطؤ بعض الشركات مع المصارف على حساب الموظف أو العميل، “فعمولة الـ5% التي فرضها IBL بنك على مجموع الرواتب المحولة إلى حساب الموظفين تطرح الكثير من علامات الإستفهام، فلو أن الشركات تهتم لمصلحة الموظف، لما كانت ستوافق على هذه العمولة!”.
المصارف إذاً، تمارس أبشع العمليات الإبتزازية على العملاء، خصوصاً بعد إحتجاز ودائعهم وفرض سقوف على سحوباتهم، ومنعهم من فتح حسابات جديدة في مصارف أخرى أو نقل حساباتهم من مصرف لآخر. وهي تفعل هذا مطمئنة البال أنه في النهاية ليس أمام العميل سوى الرضوخ. فهم مهما إعترضوا سيعودون مرغمين على القبول بسبب غياب البديل. ويؤكد دبس أن رابطة المودعين لن توقف عملها لو مهما واجهت من صعوبات، فهي مستمرة بالدفاع عن حقوق المودعين وتوجيه الإنذارات للمصارف المخالفة، مضيفاً أن “الدعاوى القضائية المرفوعة في الخارج ضد مصارف لبنانية، تسلك طريقها نحو الهدف المرسوم بعدما فقدنا الثقة بقدرة القضاء اللبناني على محاكمة المصارف وأصحابها في لبنان
Views: 0