لماذا اعترف نِتنياهو فجأةً باختِراق مُسيّرة إيرانيّة الحُدود الأردنيّة لضربِ أهدافٍ في العُمُق الفِلسطيني المُحتل؟ ولماذا كشف قائد الحرس الثوري الإيراني عن وقوف بلاده خلف تدمير مصنع للصّواريخ الإسرائيليّة ومصفاة حيفا انتقامًا لاغتِيال العُلماء والاعتِداء على مُنشآة نطنز النوويّة؟ وهل ستجرؤ “إسرائيل” على قصف سورية مُجدَّدًا؟
كَم هُم دُهاةٌ هؤلاء الإيرانيّون، وكم هي أعصابهم باردة ونفسهم طويل، وصبرهم أطول، وكم هُم مُستَسلمون مُعظم جيرانهم العرب، ولعلّ هذا ما يُفَسِّر حالة الرّعب التي تسود “إسرائيل” بسبب التقدّم العسكري الإيراني بشقّيه النّووي والتّقليدي، وحِرص الغرب على التقرّب منهم واستِجداء عودتهم إلى الاتّفاق النووي.
نحن لم نَكتشِف العجلة، ولا نعيش في الغيبّيات، وإنّما نتحدّث عن وقائعٍ ملموسةٍ على الأرض، ويكفي الإشارة في هذه العُجالة، إلى تطوّرين رئيسيين جرى الكشف عنهما اليوم الخميس.
-
الأوّل: إعلان بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عن إسقاط دِفاعاته الأرضيّة طائرةً مُسيّرة يوم الثلاثاء قُرب الحُدود مع الأردن، أرسلتها إيران إمّا من العِراق أو سورية، وعرض أجزاء من هذه الطّائرة.
-
الثّاني: تأكيد اللواء حسين سلامي في كلمته أمام حُشود في طِهران اليوم “أنّ الكيان الصّهيوني، وبعد عمليّة التّخريب في مُنشآة نطنز النوويّة، شَهِد تفجيرًا في مصنع للصّواريخ، وآخَر في مصفاة حيفا، وحريقا في مصنع رافال الذي يُعتَبر أكبر مجمّع لصِناعاته العسكريّة.
هذان الكشفان، وقبلهما إماطة اللّثام عن وقوف إيران خلف هجمات دقيقة على سُفنٍ إسرائيليّة في البحرين المتوسّط والأحمر، والمُحيط الهندي، يُؤكّد أنّ الحرس الثّوري الإيراني ينتقم، وبشَكلٍ قويّ وسريع لكُلّ هجمات جهاز “الموساد” الإسرائيلي في العُمُق الإيراني، سواءً باغتِيال العُلماء، أو وضع مُتفجّرات عبر عُملاء محلّيين في مُنشآتٍ نوويّة، ولكن ليس كُل شِيء يجري إعلانه في حينه، انتِظارًا للوقتِ المُناسب أيضًا.
اللواء سلامي أكّد، وللمرّة الاولى علانيّةً، أنّ هذه الحرائق والتّفجيرات لمصانع أسلحة وصواريخ تأتي ردًّا على الغارات الإسرائيليّة على قواعد عسكريّة إيرانيّة وسوريّة، ولعلّ هذه التّأكيدات تُخرِس ألسنة الكثيرين الذين “يُعايرون” السّوريين والإيرانيين بعدم الرّد على هذه الغارات، ولعلّ هذه الحرائق والتّفجيرات، التي كُنّا أوّل من كشف عنها في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” هي مُجرّد المُقدّمة لعمليّات انتقاميّة أكبر في الأيّام القليلة المُقبلة.
الزّمن الذي كانت تُغير فيه الطّائرات الحربيّة الإسرائيليّة على أهدافٍ إيرانيّة وسوريّة في ريف دِمشق وحمص وحماة قد ولّى إلى غير رجعةٍ، لأنّ الرّد بات حتميًّا وفي الوقت المُناسب، ولا بُدّ أنّ الأيّام القليلة المُقبلة ستَحمِل الكثير من المُفاجآت، بالنّظر إلى وصول المُسيرّة الإيرانيّة المُلغّمة إلى الحُدود الأردنيّة مع فِلسطين المُحتلّة حاملةً رسالةً “مُتَفجِّرة”.
اللواء سلامي كان القائد العسكري الوحيد الذي جاهر بدعمه لفصائل المُقاومة الفِلسطينيّة في حربها لحِماية الأقصى، والمُقدّسات العربيّة والإسلاميّة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، بينما التزم قادة الجُيوش العربيّة ومُلوكهم ورؤساؤهم الصّمت، هذا إذا لم يُؤيِّد مُعظمهم العُدوان الإسرائيلي في السِّر.
صاروخ سوري “طائش” وصل إلى غِلاف مدينة إيلات برؤوسه المُتَفجِّرة، وطائرة مُسيّرة تَدخُل الأجواء الفِلسطينيّة المُحتلّة، وكلاهما يَحمِل رسائل خطيرة، وفي تزامنٍ مع 4000 صاروخ نِتاج التكنولوجيا الإيرانيّة أطلقتها المُقاومة الفِلسطينيّة باتّجاه تل أبيب وأسدود وعسقلان والقدس، تقول إنّ المرحلة المُقبلة هي مرحلة الرّد، والانتِقام السّريع، وستكون حافلةً بالمُفاجآت غير السارّة لهذا الكيان المَهزوم والمَأزوم.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”
Views: 4