زيارة الرئيس سعد الحريري إلى القاهرة، وما سبقها من متابعة مصرية حثيثة لتعقيدات الوضع اللبناني، من خلال الديبلوماسية المنفتحة التي ينتهجها السفير المصري ياسر علوي مع مختلف الأطراف السياسية، يمكن أن تحقق إختراقاً في جدار الأزمة الحكومية.
الإعلان المصري الرسمي عن دعم الرئيس عبد الفتاح السيسي لمسار الحريري السياسي وجهوده في تشكيل الحكومة، يُعتبر بمثابة دعوة مصرية لعدم اعتذار الحريري، ووضع البلد أمام قفزة في المجهول من شأنها أن تزيد أوضاع البلد تدهورًا، بسبب صعوبة تكليف بديل يحظى بتأييد ومباركة المرجعيات السياسية والروحية للطائفة السنية.
ليس من السهل على الرئيس المكلف أن يتجاهل، أو يتجاوز، أهمية الثقل المصري في الساحة الإقليمية، وأبعاد التأييد المستمر لبقائه في سدة المسؤولية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البلد، خاصة في حال بادرت القاهرة إلى الدعوة لعقد مؤتمر عربي لبحث الأزمة اللبنانية وسبل مساعدة وطن الأرز للخروج من دوامة أزماته المتفاقمة.
ويلتقي الموقف المصري مع الموقف الروسي الذي أعلنه مساعد وزير الخارجية بوغدانوف بعد محادثته مع الحريري، وما تبعها من اتصال جدي مع النائب جبران باسيل بضرورة تسهيل تأليف الحكومة. كما يلتقي الموقفان المصري والروسي مع الدعوات الفرنسية المستمرة بالإسراع بتشكيل الحكومة العتيدة لإستعادة الثقة الخارجية وفتح أبواب المساعدات.
ولعله إستناداً إلى هذه المواقف المشجعة، كانت مبادرة الرئيس المكلف بزيارة قصر بعبدا وإيداع رئيس الجمهورية مشروع تشكيلة حكومية جديدة، في محاولة جديدة لتجاوز الخلافات التي عطلت الولادة الحكومية طوال الأشهر الثمانية الاخيرة.
قد يكون من حق الرئيس عون أن لا يعطي جوابه النهائي اليوم، كما تمنى الحريري، وقد يعمد إلى طلب بعض التغييرات في الأسماء والحقائب، ولكن لم يعد من السهل على رئيس الجمهورية أن يستمر بالرفض المطلق أمام التحرك الإقليمي والعربي الضاغط على الأطراف الداخلية، للعمل على تغليب المصلحة العامة على ما عداها من مصالح حزبية وشخصية ضيقة.
لا حل بكبسة زر في لبنان، ولكن الأيام القليلة المقبلة ستحدد مسار الأزمة: إنفراجاً أم إنفجاراً، والمعرقلون للولادة الحكومية سيتحملون المسؤولية الوطنية والتاريخية أمام الأجيال الجديدة، وسينالون نصيبهم من العقوبات الدولية!
Views: 0