كيف فاجأت الدّفاعات الجويّة السوريّة الطّائرات الإسرائيليّة أثناء غاراتها على ريف حمص الجمعة الماضية وأسقطت جميع صواريخها؟ هل طفَحَ كيْل الرئيس بوتين من تِكرار هذه الغارات وتَزايُد وتيرتها؟ وما هي المنظومات الصاروخيّة الجديدة التي غيّرت المُعادلات القديمة؟
إذا صحّت الأنباء التي تقول بأنّ روسيا زوّدت، وستُزوّد سورية بمنظومات دفاعيّة جويّة مُتطوّرة للتّصدّي للهجمات الإسرائيليّة المُتَكَرِّرة، وهي تبدو صحيحةً فهذا يعني أنّ كيْل الرئيس فلاديمير بوتين قد طفَحَ فِعلًا، ولم يَعُد يتحمل مِثل هذه التّهديدات المُهينة لمصالح بلاده، وخططها الاستراتيجيّة في الدّولة السوريّة الحليفة.
مجلة “ميليتري ووتش” المُتخَصِّصة في الشّؤون العسكريّة، أكّدت أمس أنّ الهُجوم الأخير الذي شنّته طائرات إسرائيليّة على أهدافٍ عسكريّة في منطقة القصير في مُحيط ريف مدينة حمص، من فوق الأراضي اللبنانيّة، فَشِلَ فشَلًا ذريعًا في تحقيق أهدافه بسبب تصدّي الدّفاعات الجويّة السوريّة له، وإسقاط “جميع” الصّواريخ الإسرائيلية الأربعة على عكس الهجمات السّابقة المُماثلة.
منظومات الصّواريخ التي استَخدمها الجيش السوري، وحسب المجلّة العسكريّة المذكورة آنفًا، كانت من نوع “بوك إم 2” الروسيّة المُتطَوِّرة، حيث تملك سورية ثمانية بطّاريّات منها، بضُوء أخضر روسي، الأمر الذي فاجَأ الإسرائيليين، الذين تعوّدوا على أن تسرح صواريخهم وتمرح في الأجواء السوريّة وهم الأقل خوفًا من دقّة فاعليّة الرّد السوري.
يأتي هذا التّطوّر بعد أداء الرئيس السوري القسم رئيسًا لسبع سنوات قادمة وزيارة وفد عسكري روسي رفيع للعاصمة السوريّة قبل أسبوعين، وإعلان وزارة الدفاع الروسيّة يوم السبت الماضي وصول 250 ألف جرعة من اللّقاح الروسي “سبوتنيك”، ومِليون فحص من التّحليل المخبري لعدوى فيروس كورونا المُستَجد، وجاء تسليم هذه الشّحنة على هامِش زيارة وفد آخَر ضمّ 230 شخصيّة من حواليّ 230 مُؤسّسة حُكوميّة روسيّة، ولم يتم إعطاء أيّ تفاصيل عن مَهمّات الوفد الأُخرى، والمُساعدات الأُخرى التي حملتها الطّائرة العسكريّة التي نقلته وهي من نوع “إل ـ 76″، وتُقَدَّر الحُمولة بحواليّ 160 طُنًّا.
يبدو أنّ الجانب الروسي لاحظ أنّ الهجمات الإسرائيليّة العُدوانيّة على سورية تزايدت في الفترة الأخيرة، مع مقدَم الحُكومة الجديدة، الأمر الذي أثار استِياء القيادة الروسيّة، وهُناك اعتِقاد في أوساط خُبراء روس أنّ القِيادة الروسيّة تخلّصت من عبء الصّداقة الشخصيّة العميقة التي كانت تَربِط الرئيس بوتين ببنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي السّابق الذي كانت زياراته واتّصالاته مع الكرملين لا تنقطع على أرضيّة هذه الصّداقة.
الرّسالة الروسيّة التحذيريّة إلى دولة الاحتِلال الإسرائيلي التي تقول بأنّ ما حدث للعُدوان الأخير على ريف مدينة حمص من حيث إسقاط الصّواريخ الأربعة، قد يتكرّر مع جميع الغارات القادمة، حسب مصادر عسكريّة روسيّة، وهذا دُون استِخدام الجيش السوري لمنظومات صواريخ “إس 300” البعيدة المدى، التي يُمكِن أن تُسقِط الطّائرات الإسرائيليّة التي أطلقتها فوق الأراضي اللبنانيّة.
مرحلة “تغيير النظام” التي سادت طِوال السّنوات العشر الماضية والتي اتّسمت بالفشَل، وأكّد هذا الفشل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في حديثه الأخير لقناة “سي إن إن” بعد لقائه مع الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، والآن بدأت مرحلة تعزيز النّظام ودِفاعاته في مُواجهة الاعتِداءات الإسرائيليّة، وليس تغيير سُلوكه مثلما قال.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”
Views: 0